الخرطوم - الوكالات: بدأت المتاجر بفتح أبوابها في الخرطوم أمس بعدما أعلن المتظاهرون انتهاء حملة عصيان مدني استمرت ثلاثة أيام في أنحاء السودان وموافقتهم على استئناف المحادثات مع المجلس العسكري الحاكم، بينما التزم الكثير من السكان منازلهم في أعقاب العمليات الأمنية الدامية الأسبوع الفائت. ويأتي الاختراق الأخير للخروج من الطريق المسدود الذي وصل إليه المجلس العسكري وقادة الحركة الاحتجاجية المطالبين بحكم مدني في أعقاب وساطة قادها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. من جهته، دعا مجلس الأمن الدولي العسكريين وقادة الاحتجاجات الى حل الأزمة الناجمة عن عملية فضّ الاعتصام خارج مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم التي أسفرت عن مقتل العشرات. ويتوقع أن تدعم زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون إفريقيا تيبور ناج الذي سيلتقي ممثلين عن الجانبين الجهود الدبلوماسية الدولية لكسر الجمود بين الطرفين. وجاءت العودة التدريجية للحياة إلى طبيعتها بعدما كشف مبعوث آبي الإثيوبي أن قادة الحركة الاحتجاجية والمجلس العسكري الحاكم وافقوا على استئناف المحادثات بينما أعلن منظمو التظاهرات انتهاء العصيان المدني الذي استمر ثلاثة أيام. وانهارت المفاوضات الشهر الماضي جرّاء اختلاف الطرفين على مسألة إن كان رئيس هيئة الحكم الجديدة سيكون عسكريًا أم مدنيًا. وصباح أمس الأربعاء، جاب مراسل وكالة فرانس برس أحياء في العاصمة السودانية ولاحظ أن حافلات كانت تنتظر الركاب عند محطات توقفها المعتادة بينما فتحت بعض المتاجر أبوابها. وبقي سوق الذهب الرئيسي في العاصمة مغلقًا فيما بدا أن بعض السكان فضّلوا البقاء في منازلهم بسبب الانتشار الكثيف لقوات الأمن في مختلف أحياء المدينة. وقالت سمر بشير الموظفة في شركة خاصة: «ألازم منزلي لأنني قلقة من وجود القوات الأمنية في الشوارع، وهي مسلحة». وواصلت قوات الدعم السريع المتهمة بلعب دور أساسي في عملية القمع الأسبوع الماضي تسيير دوريات باستخدام شاحنتها الصغيرة المميزة والمزودة برشاشات ثقيلة. وقال عدة سكان لوكالة فرانس برس إنهم فضّلوا البقاء في منازلهم لأن الانترنت لم تعد للعمل بالكامل في العاصمة بعد انقطاع شبه كامل مساء الاثنين، ما يجعل العمل في المكاتب أكثر تعقيدا. ومددت بعض الشركات الخاصة عطلة عيد الفطر حتى نهاية الأسبوع. ويوم الثلاثاء، قال محمود درير الذي تولى الوساطة كممثل عن رئيس الوزراء الإثيوبي: «وافقت قوى الحرية والتغيير على إنهاء العصيان المدني اعتبارا من نهاية اليوم». وأضاف: «اتفق الطرفان على العودة إلى المفاوضات قريبا». ودعا تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» أنصاره للعودة إلى العمل اعتباراً من أمس في وقت لم يصدر تعليق من قادة المجلس العسكري بعد على التطورات الأخيرة. من جهته، طالب مجلس الأمن جميع الأطراف بـ«الاستمرار بالعمل معًا من أجل إيجاد حل توافقي للأزمة الحالية»، معربًا عن دعمه للجهود الدبلوماسية التي تقودها دول إفريقية. ودعا الى وقف فوري للهجمات ضد المدنيين وشدد على أهمية احترام حقوق الإنسان، وذلك بعد أسبوع من منع روسيا والصين صدور مسودة بيان مشابه عن الأزمة. وفي سياق متصل، طالبت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أمس بتحقيق أممي بشأن أعمال العنف التي ارتكبت بحق «متظاهرين سلميين» في السودان. ويُفترض أن تقرر هذا التحقيق أكثرية الدول الـ47 الأعضاء في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والذي سيفتتح جلسته المقبلة في 24 يونيو في جنيف. ودعا الخبراء الخمسة المجلس العسكري إلى «تسليم الحكم لسلطة مدنية». وأما وزارة الخارجية الأمريكية فأكدت أن تيبور ناج سيعقد سلسلة لقاءات خلال اليومين المقبلين مع أعضاء المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات في الخرطوم. ويتوقع أن يجري زيارة لاحقًا لأديس أبابا لمناقشة الأزمة السودانية مع المسؤولين الإثيوبيين وأعضاء الاتحاد الإفريقي. وأفادت وزارة الخارجية بأنه «سيدعو إلى وقف الاعتداءات ضد المدنيين وسيحضّ الأطراف على العمل باتجاه خلق بيئة تسمح» باستئناف المحادثات. وفي وقت لاحق من يوم أمس أعلنت الخارجية الأمريكية تعيين مبعوث خاص لازمة السودان، هو الدبلوماسي السابق دونالد بوث الذي كان تولى هذا المنصب سابقا، وذلك بهدف تكثيف الضغط على المجلس العسكري الحاكم بغرض إنهاء القمع.
مشاركة :