منذ أيام نشر موقع «جوجل» صورة الأديب المصري الراحل أحمد خالد توفيق، تكريما وتقديرا لجهوده الأدبية والثقافية، وعلى الرغم من أن مطبوعات وإصدارات ومقالات «توفيق» ذائعة الصيت في أوساط الشباب المصري والعربي، إلا أن الشباب الخليجي ربما لا يعرفه كثيرا، ولكن الكثير منهم يتناقل مقولاته الشهيرة، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي. وكثيرا ما نجد مسارعة بعض مواقع وحسابات إلكترونية في الداخل، بنشر خبر تكريم شخص من مؤسسة أجنبية، كل ذلك لأنه اتخذ مواقف مناهضة للوطن والشعب، فيما تضحيات رجال أوفياء ومخلصين في هذا الوطن، لا يتم الإشارة إليهم إطلاقا. بالأمس أشادت إدارة الثقافة والفنون بهيئة البحرين للثقافة والآثار -وفقا للخبر المنشور- بالنتائج الإيجابية التي حققها مؤخرًا فريق عمل فيلم «قاسم حدّاد.. هزيع الباب الأخير»، حيث استطاع الفيلم لمخرجه البحريني خالد الرويعي الفوز بجائزة التميّز في الموسم الرابع من مهرجان كالكوتّا الدولي للأفلام، وذلك ضمن الاختيارات الشهرية لشهر يونيو 2019م. الجميل في الأمر أن الفيلم البحريني من إخراج وسيناريو المبدع خالد الرويعي، والتأليف الموسيقي والغناء من الفنان الخالد خالد الشيخ والأيقونة هدى عبدالله. وطاقم من الممثلين والفنيين المبدعين، وأتصور أن نجاح الفيلم كان سببه الرئيسي عشق هؤلاء جميعا للأستاذ قاسم حداد «القيمة الثقافية والقامة الوطنية». لا أحد يختلف على إبداع قاسم حداد، الذي غدا اليوم أحد أبرز الشواهد البحرينية الثقافية في الخارج، ولا يخلو محفل ثقافي يشار إليه لمملكة البحرين، إلا وكان قاسم حداد حاضرا فيه، تماما حينما تذكر الكرة البحرينية فيذكر اسم الحارس الإسطورة «حمود سلطان»، وحينما تذكر الصناعة فيتردد اسم الراحل «يوسف الشيراوي».. وغيرهم من رجالات مملكة البحرين. قاسم حداد، وعلى الرغم من انتشار أعماله الأدبية في الخارج، وعلى الرغم من اهتمام فئة كبيرة من المثقفين بأعماله وإنتاجه، إلا أن ثمة فجوة حاصلة وللأسف بين قاسم حداد والجيل الحالي، ربما لأن مساحة مطلوبة من قاسم نفسه لم تتح له بعد، وربما بسبب رغبة قاسم وانعزاله الاجتماعي والإلكتروني، وضعف تواصله مع الجيل الحالي بالتقنيات الحديثة. قاسم حداد، كقيمة وقامة، ليس ملك نفسه كي نقبل بانعزاله وضعف تواصله محليا، وكثافة الاهتمام به خارجيا، بل يجب أن ندعم كل مبادرات هيئة الثقافة في إبراز وتعزيز تواصل أمثال قاسم حداد مع المجتمع الثقافي البحريني.. وأود أن أشير هنا إلى مبادرة (أخبار الخليج) وبتحرك ذكي ومسؤول من الأستاذ أنور عبدالرحمن الذي أصر على دعم جمعية الأدباء البحرينية وتغطية أعمالها وأنشطتها وبرامجها. قياس تقدم وتطور وحضارة أي مجتمع تكون من خلال اهتمامه ورعايته بالشأن الثقافي، وللأمانة والموضوعية، هناك جهود واهتمام رسمي من الدولة للنشاط الثقافي بمختلف جوانبه وبرامجه، إلا أن القائمين على النشاط الثقافي بحاجة كذلك لأن يكسروا الحاجز الحاصل بينهم وبين الناس، حيث إن الكثير يرى أن البرامج الثقافية لا تزال «نخبوية» ولا تنزل من البرج العالي التي وضعت نفسها فيه.. وتلك مسألة مهمة يجب أن يتدارسها المثقفون في البحرين من أجل تعزيز جسور التواصل بين الأجيال. شكرا قاسم حداد.. القيمة الثقافية والقامة الوطنية.. ونأمل ألا تكون مثل عين عذاري «تسقي البعيد وتخلي القريب).. فأجيال مملكة البحرين تحتاج إلى تواصلك وحضورك.
مشاركة :