بدأت تتبيّن في إقليم كردستان العراق خيوط الصفقة التي جعلت حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة ورثة الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني، يوافق ضمنيا على ذهاب أهم منصبين في الإقليم؛ الرئاسة ورئاسة الوزراء لأسرة البارزاني والحزب الديمقراطي الذي تتزعّمه. وتم خلال الأسبوع الجاري تنصيب نيجيرفان البارزاني رئيسا للإقليم فيما اختار البرلمان ابن عمّه مسرور البارزاني لترؤّس الحكومة. وبعد تجاوز عقدة المنصبين المذكورين إضافة إلى منصب رئيس البرلمان الذي آل بدوره لحزب البارزاني، بدأ الاتحاد الوطني يوجه كل جهوده للحصول على منصب محافظ محافظة كركوك إحدى أثرى مناطق العراق بمخزونات النفط. وفي حال حصول حزب الاتحاد على هذا المنصب فإنّ الأمر سيكون مجزيا بالنسبة إليه نظرا لأهمية المحافظة المذكورة، خصوصا لجهة ما تدرّه من عوائد مالية، وأيضا على اعتبار أنّ حزب الطالباني سبق له أن حاز منصب رئاسة الجمهورية العراقية ممثّلا ببرهم صالح، رغم محاولة حزب البارزاني منافسته عليه. وتوقّع نائب بالبرلمان العراقي عن حزب الاتحاد الوطني تمكّن الحزب خلال الأيام القادمة من تمرير مرشّحه لمنصب محافظ كركوك. ونُقل، الأربعاء، عن بخيتار شاويس قوله إنّ المكون الكردي يمتلك 28 مقعدا في مجلس المحافظة ولديه الأغلبية المريحة لتمرير مرشحه. وفي إشارة إلى وجود توافق بهذا الشأن مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، قال شاويس لموقع السومرية الإخباري إنّ ملف كركوك “تجاوز المشكلات وبدأنا بتقديم اسم المرشح لشغل منصب محافظها”، مؤكّدا أن “مرشح المنصب هو من الاتحاد الوطني وسيكون التصويت عليه خلال أسبوع من قبل أعضاء مجلس محافظة كركوك”، ومعتبرا “اعتراضات بعض الأطراف السياسية داخل المحافظة أمرا طبيعيا”. الأحزاب الشيعية لم تقل كلمتها الأخيرة بشأن منصب محافظ كركوك ومازال بإمكانها إعادة سيناريو محافظة نينوى وسيكون العرب والتركمان على رأس المعترضين على ذهاب منصب محافظ كركوك لأي طرف من الأطراف الكردية، ولذلك سيكون من المستحيل تمرير مرشّح الاتحاد الوطني في حال واجه أيضا معارضة الحزب الديمقراطي. وكركوك على رأس المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية العراقية. وعلى إثر الاستفتاء على استقلال الإقليم الذي تمّ إجراؤه في خريف سنة 2017، وضمن ردود بغداد الحازمة عليه، تمّ طرد قوات البيشمركة الكردية من كركوك وحلّت محلّها قوات اتّحادية. ومنذ ذلك الحين تشهد كركوك أحداث عنف وهجمات تنسب لداعش، لكنّ أطرافا عراقية منافسة للأكراد كثيرا ما تثير شبهة تدبير تلك الأحداث من قبل أطراف كردية ساعية لإعادة السيطرة على المحافظة. وعبّر عن ذلك بوضوح رئيس الجبهة التركمانية في العراق أرشد الصالحي بالقول إنّ “الوضع الأمني في المحافظة مستقر ولا يمكن إعادة قوات البيشمركة إلى المدينة كما تطالب بذلك القوى الكردية”، معتبرا أنّ “الأحزاب الكردية تسعى لاستقدام قوات لكركوك بأي طريقة كانت سواء كانت بالتفجيرات أو التهديد أو الضغط على الحكومة” الاتّحادية. وكانت أوساط كردية قد تداولت مؤخرا اسمي العضوين بالاتحاد الوطني هما النائب السابق خالد شواني والمدير السابق لشرطة كركوك اللواء جمال طاهر، كأقوى مرشّحين لشغل منصب محافظ كركوك. ورغم قوة حظوظ حزب الاتحاد الوطني في الحصول على منصب محافظ كركوك، تقول مصادر سياسية إنّ أطرافا عراقية أخرى من ضمنها الأحزاب الشيعية، لم تقل بعد كلمتها الأخيرة ولا تزال تمتلك من الأوراق التي قد تتيح لها انتزاع المنصب لأحد الموالين لها على غرار ما فعلته في محافظة نينوى حين انتزعت منصب محافظها لصالح منصور المرعيد المنتمي لحركة عطاء التي يرأسها فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي.
مشاركة :