قال معهد رويترز لدراسة الصحافة إن المؤسسات الإخبارية تواجه تحديات من شركات التكنولوجيا العملاقة (وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها) ويربكها غياب الثقة على مستوى جمهورها لكن لديها مشكلة أعمق كثيرا إذ أن أغلب الناس لا يريدون دفع المال مقابل الأخبار على الإنترنت. فقد أحدث انتشار الإنترنت عبر الهواتف المحمولة والهواتف الذكية بوتيرة متسارعة ثورة في عالم توصيل الأخبار للمستهلكين وقضى على نماذج أعمال قامت عليها مؤسسات إخبارية عديدة خلال العشرين عاما الأخيرة الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإيرادات والاستغناء عن عمالة وعمليات استحواذ في هذا القطاع. لكن هل سيقبل الناس فعلا دفع المال مقابل الاطلاع على الأخبار؟ قال معهد رويترز لدراسة الصحافة في تقرير الأخبار الرقمية السنوي إن أغلب الناس لا يرغبون في دفع المال مقابل الاطلاع على الأخبار على الإنترنت وإنه لم تحدث سوى زيادة طفيفة في نسبة الراغبين في ذلك في السنوات الست الأخيرة. وحتى من يدفعون يحدث بينهم أن يتوقف البعض عن مواصلة سداد الاشتراكات ويشعر كثيرون بالإرهاق من جراء مطالبتهم بسداد قيمة اشتراكات عديدة مختلفة. ويختار كثيرون دفع المال لمشاهدة الأفلام والاستماع للموسيقى بدلا من الاطلاع على الأخبار. هل ستنهار بعض الشركات الإعلامية؟ وقال راسموس كلايس نيلسن مدير معهد رويترز هاتفيا: "قطاع كبير من الناس راض تمام الرضا عن الأخبار التي يمكنهم الاطلاع عليها مجانا وحتى بين من هم على استعداد لدفع المال فإن الأغلبية مستعدة فقط للتعاقد على اشتراك واحد". وأضاف: "كثيرون من جمهور الناس يشعرون بالانسلاخ فعلا عن الكثير من الصحافة التي يطلعون عليها. فهم لا يجدون أنها جديرة بالثقة ولا يجدونها صائبة ولا يرون أنها تنقلهم لمكانة أفضل". وفي حين أن مؤسسات إخبارية كثيرة لا تتيح الاطلاع على أخبارها إلا لمن يدفع وأن بعضها يشهد زيادات في الاشتراكات الرقمية فلم يحدث تغير يذكر في نسبة من يدفعون المال مقابل الاطلاع على الأخبار على الإنترنت باستثناء الزيادة التي أحدثها انتخاب الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة في 2016-2017. وفي الولايات المتحدة من المرجح أن يكون من يدفعون اشتراكات للأخبار على الإنترنت من حملة الشهادات الجامعية والأثرياء. وقد حققت صحف "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" و"واشنطن بوست" نتائج طيبة في المجال الرقمي. ومع ذلك فقد قال معهد رويترز، استنادا إلى مقال منشور في موقع فوكس الإخباري، إن حوالي 40 في المائة من الاشتراكات الرقمية الجديدة في صحيفة نيويورك تايمز موجهة للكلمات المتقاطعة ووصفات الطبخ. وفي بريطانيا قال حوالي ثلث المشاركين في استطلاع إنهم يتحاشون الأخبار بسبب ملابسات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. وقال من صوتوا بالموافقة على الانفصال إنهم يتحاشون الأخبار لأنها تُحزنهم ولأنه ليس بوسعهم الثقة في صحة الأخبار. نتفليكس وأبل وأمازون في الوقت الذي تتصارع فيه المؤسسات الإخبارية على الإيرادات فإنها تواجه تهديدا متزايدا من مقدمي الخدمات الترفيهية مثل "نتفليكس" و"سبوتيفاي" و"أبل ميوزيك" و"أمازون برايم". وقال نيك نيومان الباحث الأول بمعهد رويترز: "في بعض البلدان ربما يكون العجز عن مواصلة دفع الاشتراك قد بدأ يستقر وتفضل الأغلبية إنفاق ميزانيتها المحدودة على الترفيه (نتفليكس وسبوتيفاي) بدلا من الأخبار". وأضاف: "ليس مفاجأة أن تأتي الأخبار في مكان متأخر بالقائمة عند مقارنتها بخدمات أخرى مثل نتفليكس وسبوتيفاي وخاصة للنصف الأصغر سنا من السكان". وعند سؤال المشاركين في الاستطلاع عن نوع الاشتراك الإعلامي الذي يختارونه إذا كان المتاح لهم اشتراكا واحدا للعام التالي وقع اختيار سبعة في المائة فقط من الناس دون سن الخامسة والأربعين على الأخبار. وأوضح التقرير أن 37 في المائة يختارون خدمات الفيديو عبر الإنترنت و15 في المائة يختارون الموسيقى على الإنترنت. وتتحين المؤسسات التي تتيح الأخبار من عدة مصادر الفرصة. فتعرض خدمة "أبل نيوز بلس" اشتراكا واحدا يتيح الاطلاع على أخبار صحف ومجلات مرموقة منها "تايم" و"ذي أتلانتيك" و"ذا نيويوركر" و"فوغ" و"وول ستريت جورنال" و"لوس أنجليس تايمز". وهذا قد يحرم المؤسسات الناشرة من الصلة المباشرة بالمستهلكين ويحد من المعلومات التي تمتلكها من أجل زيادة فاعلية الإعلانات الموجهة وزيادة قيمتها. وقال نيومان: "رغم الفرص الأكبر للمحتوى المتاح بمقابل مادي فمن المرجح أن تظل أكثر عمليات تقديم الأخبار التزاما بالأسس التجارية مجانية للمستهلك النهائي معتمدة على الإعلانات ذات الربح المنخفض وتلك سوق تملك فيها المنصات التكنولوجية الكبرى أغلب الأوراق". ومعهد رويترز لدراسة الصحافة هو مركز أبحاث بجامعة أكسفورد يتتبع الاتجاهات الإعلامية. وتمول المعهد مؤسسة تومسون رويترز الذراع الخيرية لتومسون رويترز. للمزيد: أخبار يورونيوز أصبحت متوفرة في رسائل نصية عبر تطبيق واتسآب... اشترك أمازون تخطط لإطلاق أكثر من 3 آلاف قمر صناعي لتقديم خدمة الإنترنت الفائق السرعة
مشاركة :