أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم أن العقيدة السياسية الكويتية التي دشن أسسها سمو أمير البلاد تقضي بقيام الكويت كدولة صغيرة بالاستثمار في السلام بوصفه خياراً استراتيجياً. وقال الغانم أن الكويت تريد أن تنتصر في معارك السلام لأنها تملك رصيداً أخلاقياً يساعدها على ذلك ولأنها من الناحية المبدئية غير راغبة في خوض المغامرات السياسية التي لا تعرف عواقبها. جاء ذلك في كلمة للغانم خلال الجلسة الختامية للمنتدى العالمي لثقافة السلام والذي أقامته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في مدينة لاهاي الهولندية بمشاركة واسعة من رؤساء دول َورؤساء حكومات وبرلمانات وأكاديميين ومثقفين من كافة دول العالم. وقال الغانم «نحن في الكويت نريد أن نراكم الأصدقاء لا الأعداء لأننا نؤمن أن الاحتراب والتنازع هو خيار الفاشلين سياسياً وديدن الموتورين والمنفعلين، ونؤمن أنه في أجواء الحرب يتم وأد الديمقراطيات ومكاسب الإنسان الحقوقية التي ناضل قروناً لتعزيزها، وتموت فرص التنمية وتتلاشي إمكانيات التواصل الثقافي ويتوقف البناء». وأضاف «الحرب ليست لعبة ولا تسلية، لقد جربنا في الكويت أثر الآلة العسكرية وقدرتها التخريبية ولا نريد لغيرنا أن يخوض ذات التجربة المريرة». وقال الغانم «من أجل السلام ولا غيره استضافت الكويت بتوجيهات من سمو أمير البلاد ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين في سوريا، إضافة إلى ترؤسها للمؤتمر الرابع الذي عقد في لندن، ومن أجل السلام استضافت الكويت مؤتمراً دولياً واسعاً من أجل إعادة اعمار ما دمره الإرهاب في العراق، العراق الذي احتل بلدي قبل 29 عاماً». ومضى الغانم قائلاً «ومن أجل السلام استضافت الكويت على مدى شهرين المفاوضات السياسية بين الفرقاء في اليمن، إضافة إلى رعايتها للمفاوضات لاحقاً في ستوكهولم». وأضاف «ومن أجل السلام و لا شيء غير السلام تقف الكويت موقفاً مبدئياً ثابتاً وصامداً ضد كل جرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل». وقال رئيس مجلس الأمة الكويتي «نعم أيها الأخوة نحن في الكويت ندعم، ودون كلل أو ملل، كل الجهود الاقليمية والدولية التي تصب في صالح استتباب السلام في مناطق الصراع المختلفة». وأضاف «نحن ندعم الحلول السياسية السلمية القائمة على التحاور في سوريا واليمن وليبيا والسودان وأفغانستان وغيرها، مثلما ندعم الحوار السياسي المفتوح والشفاف لحل الأزمة العابرة بين الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي». وقال «هذه عقيدتنا السياسية التي دشنها سمو الأمير عبر عقود من الزمن، ونحن ماضون بها ، ونعمل وفق مقتضياتها». وتطرق الغانم في كلمته إلى مفهوم الحرب والسلام، قائلاً «أنا لا أحبذ الحديث عن السلام، بوصفه بديلاً ومقابلاً للحرب ولا استسيغ فكرة وضع السلام والحرب في ثنائية متقابلة كالليل والنهار، أو الشر والخير، أواليمين واليسار لأنني رافض لمبدأ مناصفة هذين الخيارين» وأضاف أن «مرد هذا الرفض، هو قناعتي وايماني، بأن السلام هو خيارنا الوحيد للعيش، ولأنني مؤمن وأن اتهمت بأنني حالم بأن الحرب استثناء عابر وارتجال عرضي وخروج مؤقت على نص الحياة». واستدرك الغانم قائلاً «ولكن وبرغم قناعتي تلك إلا أنني دائماً ما أكون مسكوناً بالقلق إزاء هذا الاستثناء، استثناء الحرب والدم، لأنني أعرف بأن العمل من أجل السلام وترسيخه يحتاج على الدوم إلى ملايين من الحكماء والعقلاء والناضجين، بينما خيار اشعال حرب لا تبقي ولا تذر ، لا يحتاج أحياناً إلا إلى شخص أحمق». وقال «المجرم صدام حسين بمفرده أشعل حرباً، وانشغل بعده ملايين من الكويتيين والعراقيين بعرقهم ودمهم من أجل ترسيخ سلامهم الذي يستحقونه كبشر، وهتلر فعل ذات الشي، لينشغل الألمان بعده في العمل حثيثاً لعقود من الزمن من أجل ترميم ما هدمه هتلر في لحظة». وقال الغانم «هذا القلق هو ما يدعوني دائماً إلى التحذير من الأجواء المستنقعية التي يكثر فيها دعاة الصراع وقارعو طبول الحرب، وهذا القلق هو الذي يجعلنا في الكويت وعلى رأسنا سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، نعمل بشكل حثيث من أجل تفادي الاحترابات والنزاعات المسلحة». وأضاف «سمو الأمير، طالما علق الجرس، خلال السنوات الماضية محذراً من ويلات الدخول في صراعات ونزاعات مسلحة، كان يمكن تفاديها، نعم، يمكن تفاديها لو أعطينا للجهد الدبلوماسي والسياسي فرصة أخرى، وآمنا قليلاً أن الفعل السياسي يغلب الانفعال، لو تريثنا قليلاً». ومضى قائلاً «هل أحتاج أن أذكركم بما كان يقوله سمو الأمير منذ العام 2011، عندما اندلع الصراع في سوريا، سموه ما انفك ينادي بالحل السياسي، ويؤكد على أن خيار الحسم العسكري مكلف ومتعذر». وأضاف «لقد كان سموه يقول هذا الكلام في الوقت الذي كان البعض ينظر للحسم العسكري، سواء مع هذا الطرف أو ذاك، وها نحن اليوم في العام 2019، نسمع الكل ينادي بالحل السياسي». وقال «وسؤالي هنا، هل كنا بحاجة إلى ثمان سنوات من الرعب والقتل والتهجير والإرهاب، لنعرف أن الحل هناك هو حل سياسي؟». واختتم الغانم كلمته بتوجيه الشكر الجزيل لمؤسسة البابطين الثقافية، وعلى رأسها عبدالعزيز سعود البابطين ولكافة الشركاء الدوليين على المساهمة المميزة والفاعلة لانجاح المنتدى العالمي لثقافة السلام. وكان الغانم قد وصل لاهاي أمس يرافقه النائبان عبدالوهاب البابطين وعمر الطبطبائي للمشاركة في أعمال المنتدى الذي شهد مشاركة حكومية كويتية ممثلة بوزير التربية ووزير التعليم العالي الدكتور حامد العازمي ووزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب محمد الجبري.
مشاركة :