لمحت شركة أمنية إسرائيلية، أمس، إلى دور حزب الله اللبناني في التجسس الإلكتروني عليها، عبر ترجيحها أن تكون «وكالة حكومية أو جماعة سياسية في لبنان» وراء «حملة تجسس إلكتروني» تستهدف 10 دول، بينها إسرائيل ولبنان وتركيا، وهو ما قال عنه مقربون من الحزب إنه «محاولة لتجييش أعداء في وجه الحزب كي لا تكون وحدها في المواجهة معه، لأنها العدو الوحيد لحزب الله». ووضع الباحث السياسي المقرب من حزب الله أمين حطيط هذا «التلميح بضلوع الحزب في الحملة» في إطار «الشائعات التي اعتدنا إطلاقها من قبل إسرائيل»، مرجحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون الشركة الإسرائيلية تعني الحزب بالاتهام «لأنه المنظمة الوحيدة على الساحة اللبنانية التي تمتلك سلاحا ضد إسرائيل». وإذ لم يؤكد أو ينف ضلوع الحزب في عملية مشابهة، قال «في المبدأ، حزب الله يمارس المقاومة بشكل منهجي وعلمي، ولا يترك أي شيء يمكن استعماله لكسب المعركة إلا ويستخدمه بدءا من المواجهة الإعلامية والعسكرية، وصولا إلى المواجهة الإلكترونية التي تعد جزءا من الحروب». ورأى حطيط أن إدراج الشركة الإسرائيلية أسماء 10 دول في سياق حملة تجسس مزعومة على إسرائيل «يعني أنها تحاول تجييش أعداء إضافيين في وجه الحزب كي لا تكون وحدها في المواجهة معه، علما بأنها تدرك أن حزب الله لا يكن العداء إلا لإسرائيل وحدها». وتعود المواجهة الإلكترونية بين لبنان وإسرائيل إلى سنوات طويلة، وكان الحدث البارز في سياق عمليات التجسس الإسرائيلية على لبنان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، حين رصدت وزارة الاتصالات اللبنانية 28 منصة تنصت إسرائيلية موجهة إلى لبنان، تستهدف التنصت على جميع مكونات الاتصالات الجوالة في جنوب لبنان، وعطلت إسرائيل جهازا لبنانيا يرصد موجات التنصت، بعد 4 ساعات من تثبيته. ولا يستبعد خبراء الاتصالات وجود قدرة في لبنان على التنصت، لأن «طرق التعقب والتنصت موجودة عادة بين أيدي خبراء في الاتصالات»، كما قال الخبير اللبناني في قطاع الاتصالات طوني حايك لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا في الوقت نفسه تعرض بوابات إلكترونية حكومية لبنانية للتجسس من غير معرفة الحكومة اللبنانية «لأن البلاد لا تمتلك منظومة إلكترونية تتصدى لعمليات التنصت». كما أشار إلى أن عمليات القرصنة «تعرضت لها مواقع إلكترونية حكومية، وبينها موقع مجلس النواب في عام 2013، لكنها لا تشكل تهديدا للمنظمة المعلوماتية اللبنانية، كما في بلدان متطورة، لأن المواقع الرسمية لا تتضمن معلومات دقيقة ومهمة، سوى معلومات عامة وتعريفية». وقال حايك إن المصارف «تكاد تكون الوحيدة التي تستخدم منظومة معلوماتية لعملها، ولم يُرصد تعرض أي مصرف لاختراق»، لافتا إلى أنه «إذا كانت المصارف تتعرض للتجسس، فهذا الأمر محتمل ولا تستطيع الحكومة رصده». وقالت شركة الأمن الإلكتروني «تشيك بوينت سوفتوير تكنولوجيز» ومقرها إسرائيل، إن باحثيها استبعدوا أي دوافع مالية وراء الحملة التي استهدفت شركات اتصالات وشبكات ومتعاقدين عسكريين وكيانات إعلامية ومؤسسات أخرى في لبنان وإسرائيل وتركيا و7 دول أخرى. ووجد الباحثون أيضا كومبيوترات بها برمجيات للتجسس في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا. وقال شاهار تال، الباحث في الشركة، إن تاريخ هذه الحملة، التي سمتها الشركة «الأرز المتفجر»، يرجع إلى 3 سنوات، وتنشر برمجيات يدوية تحمل بصمات شبكات تجسس إلكتروني ترعاها الدولة. وتوقفت الحملة مرتين، بعد أن رصدت البرامج المضادة للفيروسات عناصر برمجيات خبيثة، ثم بدأت من جديد في توزيع نسخ أحدث تتفادى الرصد. وفي حين أن الهدف الرئيسي من وراء الحملة هو سرقة البيانات، إلا أنها نجحت في حذف ملفات وتنفيذ عمليات إلكترونية للسيطرة على بعض أجهزة الكومبيوتر في أماكن أخرى. وقال تال إن موزعي برمجيات الاختراق اتبعوا طريقة غير عادية لنشرها وتثبيتها؛ إذ بدلا من إرسال روابط أو مرفقات فيروسية عبر البريد الإلكتروني، دخل القائمون على الحملة من الباب الأمامي وتمكنوا من اختراق المواقع الإلكترونية العلنية المستهدفة ونفذوا منها إلى أجهزة الكومبيوتر المضيفة الأخرى في المؤسسة التي تحتوي على معلومات أكثر قيمة. وقال تال إن هؤلاء ليسوا من الهواة في عمليات الاختراق أو من ذوي المهارات التقنية المنخفضة في هذا المجال، «لكن ينبغي لنا الإشارة إلى أنهم ليسوا على مستوى وكالة الأمن القومي الأميركية من حيث التقدم التقني». ورفض تال الإفصاح عن نوعية البيانات التي تعرضت للسرقة، واكتفى بالإشارة إلى عمليات تسلل ناجحة لشبكة كومبيوتر متعاقد دفاعي، قائلا إنها «تبعث على القلق». وقال إن الشركة أخطرت السلطات في الدول العشر جميعها التي شملتها حملة الاختراقات. ونقلت الشركة معلومات تقنية للشركات الأمنية الأخرى حتى يتسنى لها تحديث برامجها لمكافحة الفيروسات. وقال تال إنه لا علم له بأي حملة تجسس رئيسية أخرى تنسب إلى الحكومة اللبنانية أو فصائل رئيسية.
مشاركة :