لم يجد الشاب حسام هوشر عناء كبيرا في البحث عن وجهة دراسته بعدما أضافت المنحة الحكومية التركية حافزا قويا لرغبته في أن يتوجه إلى إسطنبول ليبدأ منها مشواره الجامعي. واللبناني حسام واحد من آلاف الطلبة العرب الذين يتنافسون للحصول على هذه المنحة التي تفتح الحكومة التركية باب التقديم لها في شهر مارس/آذار من كل عام، وقد تنافس عليها العام الماضي أكثر من ثمانين ألف طالب من ثمانين دولة من شتى أنحاء العالم. ورغم استفادته الكبيرة من المنحة التركية التي نجح في الحصول عليها، فإن لديه دوافع أخرى جعلته يفضل إكمال دراسته في تركيا، منها القرب الجغرافي من بلده لبنان، والتقارب الحضاري والثقافي الذي يجمع العرب بالأتراك، وتوجهات الحكومة التركية المنفتحة على العرب، إضافة إلى التقدم العلمي لجامعاتها واحتلالها مراكز مهمة على لوائح التصنيف الأكاديمي، وفق ما يقول. وتوفر المنحة للطلاب الذين يحصلون عليها فرصة الالتحاق بالبرامج الأكاديمية دون بذل مجهود إضافي لتجاوز امتحان دخول الجامعة أو امتحان اليوس، كما تغطي قيمة القسط الدراسي كاملا طيلة فترة الدراسة وتوفر للطالب سكنا مجانيا. ويحصل طلبة البكالوريوس المشمولون بالمنحة على مصروف شهري قدره 250 دولارا، وطلبة الماجستير على 350 دولارا، أما طلبة الدكتوراه فيحصلون على مصروف بقيمة 450 دولارا، بالإضافة إلى التأمين الصحي الكامل وتغطية تذكرة السفر عند أول قدوم وعند العودة لبلدانهم بعد التخرج. جسر علاقات وقال هوشر -الذي يدرس العلاج الفيزيائي بجامعة إسطنبول- للجزيرة نت إنه من الصعب عليه الآن حسم قراره بشأن عودته إلى لبنان بعد تخرجه أو بقائه بتركيا، لكنه بكل الأحوال يرغب في استكمال دراساته العليا، مرجحا أن يكون ذلك بتركيا أيضا. ووفقا للحكومة التركية، فإن برنامج المنح الذي يقدم الطلاب له إلكترونيا بثمانية لغات يهدف إلى تطوير العلاقات مع الدول الأخرى، وللمساهمة في إثراء المعرفة حول العالم، حيث يدرس 12 ألف طالب أجنبي بتركيا اليوم تحت بند هذه المنحة. وإلى جانب التنافس في القدرات والإمكانات بين الطلبة المتقدمين، فإن البرنامج يضع اعتبارات لمعايير احتياجات الدول التي يتقدم منها الطلبة وحاجتها للكوادر العلمية المتخصصة، وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة المقبولين من دول أفريقيا والشرق الأوسط وبلدان الأزمات السياسية والاقتصادية. وتحدد المنحة معايير عمرية صارمة للراغبين في الالتحاق بها، إذ ينبغي ألا يتجاوز عمر المتقدم للبكالوريوس 21 عاما، وثلاثين عاما للملتحق بدراسة الماجستير، و35 عاما للملتحق بدراسة الدكتوراه و45 عاما للملتحق بمنحة البحث العلمي. تجربة نجاح وشجعت المنحة الحكومية التركية كثيرا من الطلبة العرب على الإقامة والانخراط في المجتمع التركي بعد تخرجهم، بل وتبوأ بعضهم مواقع أكاديمية ومهنية مهمة، مثل الدكتور عبد اللطيف مناضل أخصائي أمراض الباطنية الذي يعمل حاليا رئيسا للأطباء ومديرا لمستشفى حكومي في مدينة أفيون. يسرد الدكتور المغربي مناضل للجزيرة نت تجربته مع المنحة قائلا عندما أنهيت الدراسة الثانوية بالمغرب كانت الرغبة في دراسة الطب ملحة، فاتجهت برفقة أخي الكبير إلى المركز المسؤول عن المنح خارج المغرب في العاصمة الرباط، وكانت الدولة الوحيدة التي تقبل طلبة الطب آنذاك هي تركيا. ويشعر الطبيب العربي -الذي ذاع صيته بتركيا- بالامتنان لحصوله على الفرصة للالتحاق بكلية الطب جراح باشا بجامعة إسطنبول، حيث تخرج منها طبيبا عاما، وأتم تخصصه بجامعة حاجاتبا في العاصمة أنقرة، موضحا أن المنحة وفرت على عائلته أعباء مالية ثقيلة. ولا يشعر الطبيب مناضل بغربة في تركيا بعدما استقرت إقامته فيها، ويقول هي دولة يرفع فيها الأذان وتقام فيها الشعائر ولها ثقافة الشرق الأوسط القريبة إلى ثقافتا، وهناك عناصر كثيرة مشتركة مع المغرب، وفيها حصلت على منحة الدراسة. لم يكن الطبيب المغربي يتوقع يوما أن يعيش في تركيا، بل كان هدفه إتمام الدراسة والتخصص ثم الرجوع الى الوطن حيث الأهل والأحباب، لكن الأقدار شاءت أن يعمل بتركيا، ويتزوج من مواطنة، حيث حصل على الجنسية بعد طريق طويل كانت بدايته المنحة الدراسية.
مشاركة :