أسفرت الانتخابات التي أجريت أخيراً للبرلمان الأوروبي عن نتائج أفضل مما توقعه الكثيرون، ولسبب بسيط: عبرت الأغلبية الصامتة المؤيدة لأوروبا متحدة عن رأيها. وما قالته هذه الأغلبية هي أنها تريد الحفاظ على القيم التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي، لكنها تريد أيضًا إدخال تغييرات جذرية على طريقة عمل هذا الاتحاد. والهم الرئيسي لهذه الأغلبية هو مشكلة تغير المناخ. وهذا يحابي رأي الأحزاب الموالية لأوروبا، وخاصة حزب الخضر. وقد فشلت الأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي، والتي لا يتوقع منها أن تفعل أي شيء بناء، في تحقيق المكاسب التي توقعتها. كما لا يمكن أن تشكل جبهة موحدة تحتاج إليها لزيادة نفوذها. وإحدى المؤسسات التي تحتاج إلى إدخال تغييرات عليها هي نظام الترشيح في البرلمان الأوروبي. ومن المفترض أن يوفر هذا النظام شكلاً من أشكال الاختيار غير المباشر لقيادة الاتحاد الأوروبي. وكما أوضح فرانكلين ديهوس في مقالة في صحيفة «المراقب الأوروبي»، فإن هذا الخيار أسوأ على الإطلاق من الخيار غير الديمقراطي. فلدى كل دولة عضو أحزاب سياسية حقيقية، لكن مزيجها الأوروبي ينتج بنيات مصطنعة لا تخدم أي غرض سوى تعزيز الطموحات الشخصية لرؤساء الأحزاب. ويتمثل ذلك على أفضل وجه في حزب الشعب الأوروبي، الذي تمكن من تولي رئاسة المفوضية منذ عام 2004. ويبدو أن الزعيم الحالي لهذا الحزب، مانفريد ويبر، الذي ليس لديه خبرة في أي حكومة وطنية، مستعد لتبني عملياً أي حل وسط من أجل البقاء في الأغلبية البرلمانية. ويشمل تبني وجهة نظر رئيس وزراء المجر الاستبدادي، فيكتور أوربان. لقد أثار أوربان مشكلة خطيرة نظرًا لأنه انتهك صراحة المعايير الأوروبية، وأنشأ ما يرقى إلى مستوى دولة تحكمها المافيا. وعبرت نصف الأحزاب الوطنية التي تشكل حزب الشعب الأوروبي عن رغبتها بطرد حزب أوربان منها. ومع ذلك، أتاحت لجامعة أوروبا الوسطى التي أسسها الناشط السياسي جورج سورس، العمل بحرية في المجر كجامعة أمريكية. ويحاول أوربان الآن إعادة تأسيس حزبه «فيدسيز» كعضو حسن النية في حزب الشعب الأوروبي. وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان ويبر قد عثر على وسيلة لاستيعاب حزبه. ولا يعتمد نظام الأحزاب الأوروبية على اتفاق حكومي دولي، لذلك يمكن إدخال تغييرات عليه بسهولة. وسيكون من الأفضل بكثير أن يتم انتخاب رئيس المفوضية الأوروبية مباشرة من قائمة مختارة بعناية من المرشحين المؤهلين، لكن ذلك سيتطلب تغييرات في المعاهدات المبرمة في هذا الشأن. يمكن مواصلة انتخاب رئيس المجلس الأوروبي بالأغلبية المؤهلة من الدول الأعضاء، كما تنص معاهدة لشبونة والإصلاحات التي تتطلب إدخال تغييرات في المعاهدة يبرره زيادة الشرعية الديمقراطية التي تمنحها الانتخابات البرلمانية الأوروبية. وقد تجاوزت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة 50 في المئة، وهذا يمثل ارتفاعاً حاداً عن نسبة 42.6 في المئة في عام 2014. وهذه هي المرة الأولى التي ترتفع فيها نسبة المشاركة على الإطلاق منذ الانتخابات الأولى في عام 1979 عندما شارك 62 في المئة من الناخبين المؤهلين. هناك العديد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تتطلب إدخال إصلاحات جذرية عليها. لكن هذه الإصلاحات يمكنها الانتظار حتى لمعرفة ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات البرلمانية وما إذا كانت الوعود الانتخابية ستتحقق، وإلى أي مدى. لم يحن الوقت بعد لإعلان الفوز في الانتخابات والاسترخاء والاحتفاء بالنتائج. هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لتحويل الاتحاد الأوروبي إلى منظمة تعمل بشكل جيد وتفي بإمكانياتها الكبيرة. * رئيس مؤسسات المجتمع المفتوح في أوروبا ShareطباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :