رواية «فيكتور هوجو» تتصدر المبيعات!

  • 6/14/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 1831م كتب فيكتور هوجو روايته الشهيرة «أحدب نوتردام»، والتي تعد واحدة من أشهر الروايات الأدبية، كما أنها وراء الشهرة العالمية التي وصلت إليها كاتدرائية نوتردام، وتحكي الرواية قصة أحدب دميم المظهر يدعى «كوازيمودو»، قام بتربيته القس «الدوم كلود فرولو»، كما دربه ليكون قارع الأجراس فيها، وكان يتم اختيار «كوازيمودو» ليكون زعيم المهرجين في احتفال سنوى يسمى «احتفال المهرجين»؛ وهذا ما لم يرده سيده، حيث أراده أن يقضي بقية عمره في الكنيسة وألا يظهر أمام الناس بسبب مظهره القبيح كي لا يرعب الناس، وكانت الفتاة الغجرية «أزميرالدا» من الشخصيات المهمة في احتفال المهرجين واكتسبت إعجاب الناس برقصها وإغراء ملاحقيها الذين كان من بينهم القس «فرولو»، يعيش «كوازيمودو» كل حياته مختبئاً بداخل كاتدرائية نوتردام، وسرعان ما يقع في حب «أزميرالدا»، ويحاول التضحية بحياته عدة مرات من أجلها، لقد نجح هوجو في تقديم شخصية «كوازيمودو» التي تحمل صفات خيالية، حيث تمتزج بمظهر خارجى قبيح ومذموم، بينما في داخله صفات حسنة وطيبة، كان ذلك في أواخر العصور الوسطى في باريس، وعلى الرغم من قباحته إلا أن شخصية «كوازيمودو» قد تحولت إلى أيقونة، أحبها الصغار والكبار وتعلقوا بها، وأشفقوا عليها وتعاطفوا معها، حتى أن أجراس نوتردام بات يسميها سكان باريس بغناء كوازيمودو. للرواية بعد إنساني وفلسفي مهم حول مفهوم الجمال الداخلي والصراع بينه وبين قبح الشكل الخارجي. كان هوجو متعدد المواهب، فقد كان شاعرًا ومسرحيًا وروائيًا وكاتبًا للمقال، وكذلك كان ناشطًا اجتماعيًا بارزًا في عصره، واعتبره كثيرون من ملاحقيه واحدًا من أعمدة الحركة الرومانسية في فرنسا، وقد حفر اسمه في عالم الأدب عبر رواياته، وأهمها «أحدب نوتردام» والتي لا تقل أهمية عن رائعته الأشهر «البؤساء»، وكلتا الروايتين قد ترجمتا إلى كثير من اللغات حول العالم، وتقع أحداث رواية «أحدب نوتردام» عام 1482 في عهد الملك لويس الحادى عشر، ومن مفاجآت الرواية التي صدرت للمرة الأولى في عام 1831، أنها تنبأت بحريق الكاتدرائية، من خلال أحد فصولها، عندما يلجأ «كوازيمودو» إلى النيران والحجارة لكي ينقذ حبيبته «إزميرالدا» من أيدي المجرمين والخارجين عن القانون في باريس، فالكاتدرائية التي تقع في قلب باريس التاريخي على الجانب الشرقي من جزيرة المدينة على نهر السين، شهدت تنصيب نابليون إمبراطوراً في عام 1804، وتطويب البابا بيوس العاشر لجان دارك، في عام 1909، وتأبين الرئيسين الراحلين، شارل ديغول وفرنسوا ميتران، وتعتبر الكاتدرائية من أشهر رموز العاصمة الفرنسية باريس، ويمثل المبنى الذي تم الانتهاء منه عام 1345 تحفة الفن والعمارة القوطية، الذي ساد القرن الثاني عشر حتى بداية القرن السادس عشر، كما يزورها أكثر من 13 مليون شخص سنوياً، وهو ما يمثل مصدر دخل مهم لفرنسا، ومن العجيب أنها كانت تخضع منذ العام الماضي لعملية إعادة ترميم، وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للتراث العالمي. مؤخراً وبعد الحريق الهائل الذي أصاب الكاتدرائية، والذي أتى على سقف الكاتدرائية، التي يعود تاريخ بنائها لأكثر من ثمانية قرون، وتسبب في انهيار برجها المدبب، واحتاج لأكثر من 400 رجل إطفاء لإخماد النيران عملوا طوال الليل بعد نحو 14 ساعة من اندلاعها، حدث أمران لم يكن يتوقعهما أحد؛ أولهما أن حملة التبرعات التي انطلقت بعد الحريق المروع الذي دمر أجزاء واسعة من الكاتدرائية قد نجحت في جمع مبالغ كبيرة في غضون أيام قليلة، حيث بادر كثيرون للمساهمة في إعادة بناء الكنيسة العتيقة التي تشكل إرثاً ثقافياً إنسانياً، وتسبّب احتراقها صدمة وحزناً في جميع أنحاء العالم. الأمر الثاني هو تزايد الطلب على شراء رواية «أحدب نوتردام»، والتي انضمت إلى قائمة أفضل الكتب مبيعاً على الإنترنت في أوروبا، حيث تصدّرت المبيعات على الإنترنت، ونفدت من بعض المكتبات في فرنسا، ولتلبية الطلب المتزايد عليها، قررت دور نشر إصدار طبعات جديدة منها، وتحويل جزء من عائدات هذه الطبعات إلى الصندوق الذي أنشئ لترميم الكاتدرائية. كما ارتفعت شعبية فيلم الرسوم المتحركة عن رواية «أحدب نوتردام»، الذي أنتجته شركة «ديزني»، إذ أصبح من أكثر الأفلام على منصات البث الرئيسية مثل «نيتفلكس» و«هولو» و«أمازون برايم»، على الرغم من أن إنتاجه يعود لعام 1996م، كما أعلن القائمون على موقع «Amazon» الإلكتروني أن طلبات شراء أقراص «DVD» التي تعرض مسرحية «أحدب نوتردام» الغنائية التي جرت في باريس عام 1998م، قد ارتفعت بشكل كبير في الأيام الأخيرة. قدمت «أحدب نوتردام» في 6 أعمال سينمائية تنوعت بين اللغات الإنجليزية والفرنسية، منها كما ذكرنا العرض المسرحي «أحدب نوتردام»، والذي حقق أرقاماً قياسية، حيث دخلت المسرحية موسوعة غينيس من حيث عدد البطاقات المباعة خلال عام واحد، كما صنفت أغنية «Belle» التي تضمنتها هذه المسرحية كأفضل أغنية للقرن العشرين في فرنسا. هذا إلى جانب تقديم مسلسل سوري مقتبس عن الرواية في عام 1999 تحت عنوان «جواد الليل»، والذي يحكي عن قصة صراع القبح والجمال من خلال نسج مجموعة من الأحداث تدور حول هذه المفاهيم، وكانت مدينة حلب وريفها هي المسرح الأنسب لأحداث المسلسل كونها تحتوي على عدد كبير من المواقع التي تتمع بجمالية خاصة وتناسب الفترة التي يتحدث عنها المسلسل، حيث تم التصوير بقلعة سمعان في قرية ست الروم وقرية مكلابيس، وهي قرية قديمة تعود للعهد الروماني وما زالت تحافظ على شكلها وطبيعتها، ومنطقة شيخ سليمان وكنيسة الشيباني القديمة التي تقع وسط حلب القديمة. يُقال إن فضل الرواية عندما نُشرت للمرة الأولى على كاتدرائية نوتردام كان كبيراً، بل إنها قد منعتها من السقوط في تلك الحقبة، فعندما نشر هوجو روايته كانت الكاتدرائية تعيش أسوأ أحوالها، حيث كانت متهالكة وتؤول للسقوط، وعند نجاح الرواية وانتشارها تمت الموافقة على ترميمها وتجديدها لتصبح من أكبر الكاتدرائيات في العالم، بل أصبحت رمزاً للثقافة والحضارة الفرنسية. رحل «هوجو» في الثاني والعشرين من مايو عام 1885م إثر مرض عضال أصاب رئتيه، ودفن تحت قوس النصر في مدفن العظماء، وتمّ تكريمُ ذكراه بعدّة طُرق، منها أن صورته قد وُضِعت على الفرنك الفرنسي، ولم يظن هوجو يومًا أن كاتدرائية نوتردام الشهيرة التي تُمثّل جزءًا من تاريخ فرنسا ومثلت مسرحاً مكانياً لأحداث أهم رواياته، قد تنتهي بحريق مروع كالذي حدث.

مشاركة :