خلق المفكر والشاعر السوري أدونيس حالة من الجدل في المشهد الثقافي العربي، إثر تناوله بالنقد لقضايا التراث من وجهة نظر حداثية ولا سيما في كتابه الكبير "الثابت والمتحول"، ووضع قراءة جديدة لديوان العرب الشعري من خلال مختارات جديدة تمثل انحيازات أدونيس وأفكاره.ووفق مقدمة كتاب "الثابت والمتحول" التي يشرح فيها أدونيس معاني المصطلحين، فيقول: "أُعرِّف الثابت في إطار الثقافة العربية بأنه الفكر الذي ينهض على النص، ويتخذ من ثباته حجة لثباته هو، فهمًا وتقويمًا، ويفرض نفسه بوصفه المعنى الوحيد الصحيح لهذا النص، وبوصفه استنادا إلى ذلك، سلطة معرفية.ويضيف أدونيس: وأُعرِّف المتحول بأنه، إما الفكر الذي ينهض، هو أيضا، على النص، لكن بتأويل يجعل النص قابلا للتكيف مع الواقع وتجدده، وإما إنه الفكر الذي لا يرى في النص أية مرجعية، ويعتمد أساسا على العقل لا على النقل، لكن تاريخيًا لم يكن الثابت ثابتا دائمًا، ولم يكن المتحول متحولا دائما، وبعضه لم يكن متحولا في ذاته بقدر ما كان متحولا بوصفه معارضًا بشكل أو بأخر، وخارج السلطة بشكل أو بأخر.مؤكدا أن هذا التعريف ليس تقويمًا إنما هو وصف، وأن لفظي الثابت والمتحول ليسا إلا مصطلحين إجرائيين رأيت أنهما يتيحان إمكانية التعرف بشكل أكثر دقة وموضوعية على حركة الثقافة العربية الإسلامية".من جانبه يشيد الناقد الأدبي الدكتور جابر عصفور، بتلك التجربة للشاعر السوري في مقالة له بعنوان "هوامش للكتابة..أدونيس والتراث الشعري" بجريدة الحياة، مؤكدا أن كتاب أدونيس يعتبر دراسة تسعى إلى كشف تقاليد الاتِّباع ونقدها، إدراكًا لتأثيرها السلبي المتواصل في الثقافة العربية، وكشفا عن دورها الذي لا يزال معاديًا لكل محاولات الابتداع التي لا تزال موصومة، إلى اليوم، بالمروق الديني والسياسي والفكري والاجتماعي.يشار إلى أن الجامعة الأنطونية في بيروت كرمت، اليوم السبت، الشاعر السوري الكبير أدونيس، ضمن سلسلة "اسم علم" التي أطلقتها الجامعة لتكريم الأسماء الكبيرة في مجالات الفكر والعلوم الإنسانية.يهدف التكريم إلى امتداح دور الشاعر العربي في تنشيط المشهد الثقافي من خلال آرائه الجريئة ومواقفه المثيرة للجدل، إلى جانب دوره كمنظر للتاريخ الإبداعي، واشتغاله على مشروع فكري وقراءة خاصة، بالإضافة لدوره في عملية قراءة التراث العربي.
مشاركة :