عبر وزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين أمس عن قلقهم إزاء الهجمات على ناقلات النفط في الخليج مؤكدين تعاونهم للحفاظ على استقرار سوق النفط. جاء ذلك في ردة فعل سريعة على دعوة السعودية أمس إلى استجابة "سريعة وحاسمة" إلى تهديد إمدادات الطاقة العالمية بعد الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط الأسبوع الماضي. وبحسب "الفرنسية"، قال المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية إنه "لا بد من الاستجابة السريعة والحاسمة لتهديد إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق وثقة المستهلكين، الذي تشكله الأعمال الإرهابية الأخيرة في كل من بحر العرب والخليج العربي، ضد حلقات سلسلة إمداد الطاقة العالمية الرئيسة". وتعرضت ناقلتا نفط نرويجية ويابانية الخميس الماضي لهجمات لم يحدّد مصدرها فيما كانتا تبحران قرب مضيق هرمز، الممر الاستراتيجي الذي يعبر منه يوميا نحو ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحرا. وكان الفالح يتحدث في الاجتماع الوزاري لوزراء الطاقة والبيئة بمجموعة العشرين حول تحولات الطاقة والبيئة العالمية من أجل النمو المستدام، والمنعقد في مدينة كارويزوا باليابان. ونقلت "واس"، عن الفالح خلال الجلسة الافتتاحية مطالبته بضرورة العمل على توفير استثمارات استراتيجية لتأمين المزيج المستقبلي الأمثل من الطاقة، بما يشمل مصادر الطاقة التقليدية، التي تشهد تأخرا في الاستثمارات في إنتاجها ورفع درجة نظافتها، إلى جانب مصادر الطاقة الجديدة، لضمان توفير إمدادات من الطاقة تتسم بالوفرة والتكلفة المعقولة وسهولة المنال والاستدامة. وأشار الفالح إلى أهمية مواجهة مشكلة التقلب المستمر وغياب القدرة على التنبؤ على المدى الطويل فيما يتعلق بأسواق الطاقة العالمية، خاصة في قطاع النفط، بما يؤثر سلبا في الاقتصاد العالمي- ولا سيما اقتصاد الأمم النامية-، وتقويض الاستثمارات طويلة الأجل، منوها بضرورة التعامل مع مشكلة تغير المناخ بطريقة متوازنة وشاملة. وقال الفالح: "يجب أن يتوسع العالم في تمويل عمليات البحث والتطوير، بهدف تخفيف التأثيرات البيئية لاستخدام الطاقة، وأن يشتمل ذلك على تطوير مصادر جديدة نظيفة للطاقة، وتعزيز الأداء البيئي للمصادر التقليدية التي تشكل الحصة الأكبر من استهلاك الطاقة العالمية". وأكد وزير الطاقة على التزام المملكة المستمر بالاتفاقيات الدولية الخاصة بتغير المناخ وانبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، والتزامها بتلبية المتطلبات التي تعهدت بها خلال اجتماعات المؤتمر العديدة، مبينا أن كل هذه الالتزامات هي التزامات طويلة المدى، ولكن في المدى القريب لا بد من الاستجابة السريعة والحاسمة لتهديد إمدادات الطاقة واستقرار الأسواق وثقة المستهلكين، الذي تشكله الأعمال العدائية والإرهابية الأخيرة في كل من بحر العرب والخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، ضد عدد من حلقات سلسلة إمداد الطاقة العالمية الرئيسة، بما يشمل خطوط الأنابيب والناقلات وغير ذلك من البنى التحتية المهمة، ما أدى إلى زيادات قصيرة الأمد في الأسعار وارتفاع مستويات القلق بشأن سلامة أنظمة إمداد الطاقة ومدى قدرتها على التحمل. وبما أن هذه الحوادث لها تداعيات على كل دولة من دول مجموعة العشرين نظرا لما تمثله الطاقة من أهمية كبرى في اقتصاداتها ومجتمعاتها، أبدى الفالح ثقته بأن دول مجموعة العشرين ستكون صريحة ومباشرة في إدانتها لهذه الهجمات العدائية والإرهابية، وستدعو إلى التحرك ضد أي عمل يهدد أمن سلسلة إمداد الطاقة العالمية، وضد مرتكبي هذه الهجمات ورعاتهم. وقال وزير الطاقة إنه يأمل بأن يتمكن منتجو النفط من تحقيق التوازن في السوق النفطية قبل العام المقبل، مضيفا للصحافيين على هامش اجتماع وزراء الطاقة والبيئة في مجموعة العشرين عندما سئل عن الوضع الحالي لسوق النفط "نأمل بأن نحقق توازن السوق قبل العام المقبل. إننا نعمل على ذلك". وكان الفالح ذكر في وقت سابق من الشهر الجاري بأن منظمة أوبك على وشك الاتفاق على تمديد اتفاق بشأن خفض إمدادات النفط إلى ما بعد حزيران (يونيو) على الرغم من أنه ما زالت هناك حاجة إلى إجراء مزيد من المحادثات مع الدول غير الأعضاء في أوبك التي تشكل جزءا من اتفاق الإنتاج. وفي أبوظبي، قال عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي خلال مؤتمر صحافي في العاصمة البلغارية صوفيا إن "على المجتمع الدولي أن يتعاون من أجل تأمين الملاحة الدولية وتأمين وصول الطاقة". وحول هجوم الشهر الماضي، أوضح الوزير الإماراتي أن "الأدلة التي جمعناها نحن وزملاؤنا من دول أخرى تشير بوضوح إلى أنها عملية تفجير من خارج السفينة تحت مستوى المياه والتقنية التي تم استخدامها والتوقيت والمعلومات التي جمعت قبل العملية واختيار الأهداف بدقة بحيث لا يتم غرق أو تسريب نفط من هذه السفن". وأضاف أن "هذه القدرات غير موجودة عند جماعات خارجة عن القانون.. هذه عملية منضبطة تقوم بها دولة.. ولكن إلى الآن لم نقرر أن هناك أدلة كافية تشير إلى دولة بالذات". "ما زلنا لا نعرف إن كانت الناقلة ستذهب إلى خور فكان أو الفجيرة (الساحل الشرقي للإمارات) وهما قريبان جدا". ومن المتوقع أن ترسو ناقلة النفط اليابانية التي تعرّضت الخميس الماضي مع الناقلة الأخرى للهجمات في بحر عمان، في مرفأ إماراتي، بحسب متحدث باسم شركة "كوكوا سانجيو" المشغلة للناقلة "كوكوكا كوراجيس". ونقلت وسائل الإعلام اليابانية الحكومية عن مسؤول لم تحدده أنه عند وصول الناقلة، سيقوم خبراء بحريون بمحاولة نقل شحنة ميثانول قابلة للاشتعال السريع على متنها إلى الساحل. وذكر هيروشيجي سيكو وزير التجارة والصناعة أنه "من منظور أمن الطاقة العالمي، من الضروري للمجتمع الدولي أن يتعامل بشكل مشترك مع الحادث". تعاون بين وزراء طاقة مجموعة العشرين للحفاظ على استقرار السوق. وقال وزير الصناعة الياباني إن وزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين عبروا عن قلقهم إزاء الهجمات على ناقلات نفط في الخليج وسيتعاونون للحفاظ على استقرار سوق النفط. وقال سيكو للصحافيين خلال اجتماع وزراء الطاقة والبيئة لمجموعة العشرين المنعقد في كارويزاوا "الأمر المهم أننا توصلنا لتفاهم بين وزراء الطاقة بشأن الحاجة إلى العمل معا للتعامل مع الحوادث الأخيرة من منظور أمن الطاقة". وقال في إشارة لاجتماعات مع مسؤولين من عدة دول من بينها السعودية والولايات المتحدة "الأمر ذاته حدث في اجتماعاتنا الثنائية". كما أدان دان برويليت نائب وزير الطاقة الأمريكي الهجمات وأشار في المؤتمر الصحافي لوزراء المجموعة "نقف بقوة مع اليابانيين والجميع". وكان يوتاكا كاتادا رئيس الشركة المشغلة ذكر أن بحارة السفينة رأوا "جسما طائرا"، مضيفا "تلقينا تقريرا يفيد أن شيئا ما حلق باتجاه السفينة ثم وقع انفجار وثقبت" ناقلة النفط. من جهتها، غادرت ناقلة النفط النرويجية "فرونت ألتير" التي يملكها قبرصي من أصل نرويجي المياه الإيرانية، بحسب ما أعلنت الشركة المالكة للسفينة "فرونتلاين ماناجمنت". وكانت الشركة ذكرت أنه سُمعت ثلاثة انفجارات على متن الناقلة لدى وقوع الهجمات، وأن النيران اندلعت فيها. وأوضحت "فرونتلاين ماناجمنت" أن "زورق القطر أكيلا تمكن من ربط نفسه بالسفينة أمس وباتت فرونت ألتير خارج المياه الإيرانية ويتم جرها بأمان". ولدى وقوع الهجمات، نقل بحارة الناقلة النرويجية الـ23 إلى ميناء إيراني، بينما نقل بحارة الناقلة اليابانية وعددهم 21 إلى متن مدمرة تابعة للقوات الأمريكية. واتهمت واشنطن طهران بالسعي لبلبلة إمدادات النفط العالمية بإغلاق مضيق هرمز، وهو ما هددت به طهران في الماضي. غير أن ترمب قلل من شأن هذه التهديدات مؤكدا أن الإيرانيين "لن يقوموا بإغلاقه، لن يغلق لفترة طويلة وهم يعلمون ذلك. ولقد أبلغوا بذلك بأشد العبارات"
مشاركة :