وضع بورانام قائمة بالمجالات التي تكون فيها الخوارزميات ذات قيمة أكبر. قد يعني ذلك اختيار المشكلات بحيث إن زيادة هامش الدقة فيها تنجم عنه فوائد كبيرة، أو تلك التي تكون فيها البيانات الدقيقة والموثوقة موجودة بالفعل. فيما يتعلق بالأخيرة، يشير بورانام إلى أنه على الرغم من أن ذلك يبدو واضحا، يكون ذلك العائق الأول. تمتلك الشركات من الناحية النظرية عديدا من البيانات، لكنها ليست في مكان واحد، ولا يعلم أحد فائدتها. الدمج بمنزلة كابوس. الذكاء الاصطناعي مثله مثل أي تكنولوجيا جديدة، فهو عبارة عن أداة (وإن كانت قوية إلى حد كبير) صممت لخدمة احتياجات الإنسان. ولكن تنشأ المشكلات الأخلاقية عندما تهدد الأتمتة أسلوب حياة الإنسان، وعندما يتعارض تجميع البيانات مع الحرية الشخصية، أو عندما تدخل التحيزات الموجودة وعدم المساواة في الخوارزميات. ناقشت سانيتا كانان، مديرة في «أكسنتشر»، ما أشارت إليه بالركائز الثلاث لمسؤولية الذكاء الاصطناعي: الإنسان في المركز، والالتزام باللوائح، والتصميم الأخلاقي. قد تؤثر الخروقات الأخلاقية المفترضة في نمط حياة المستهلكين، وقد تؤثر سلبا في الشركات. شارك كلاوس ويرتنبروخ، أستاذ كرسي في الإدارة والبيئة من «نوفارتيس»، بأبحاثه حول الكيفية التي يهدد بها الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة شعور العملاء بالاستقلالية. ويرى أنه توجد مفارقة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال: يعشق الأشخاص الخوارزميات إلى أن تنتهك الخط الفاصل بينها وبين حريتهم الشخصية. فإذا ما شعروا بأن الروبوتات تساوم على قوتهم الفردية، قد يتراجع المستهلكون حتى وإن كان ذلك لا يصب في مصلحتهم. وجدت إحدى الدراسات التي قام بها ويرتنبروخ أنه عندما يعتقد العملاء أن خياراتهم المستقبلية يمكن التكهن بها بناء على الأنماط السابقة، فإنهم يبتعدون عن خيارهم المفضل ويذهبون إلى خيار آخر. بمعنى آخر، يتخلى العملاء عن تفضيلاتهم في سبيل إعادة إحساسهم بالاستقلالية. ولكن عندما تستبدل اللغة المتبعة بإشارات ذات اتساق، لن يشعر العملاء بأنهم مجبرون. على الرغم من أن التكهن والاتساق يفضيان بالمعنى نفسه في سياق البحث الذي أجراه ويرتنبروخ، إلا أن الأخيرة تؤكد على استقلالية العميل والفردية، وبالتالي تصبح أمرا مقبولا. قد يكون من المغري أن تستخدم الشركات جميع البيانات الموجودة لجعل عروضها أكثر جاذبية للعملاء. على سبيل المثال، في دراسة أجرتها PNAS عام 2017، استخدمت بيانات صممت للربط بين الإعجابات مع ملفات التعريف الشخصية، تم تصنيف ما يقارب ثلاثة ملايين مستخدم على أنهم انطوائيون أو منفتحون بناء على "الإعجاب" فقط الذي شاركوا فيه على صفحات معروفة. باستخدام هذا التصنيف، نفذ الباحثون الإعلانات المستهدفة التي أسهمت في رفع نسبة التحويلات بنحو 50 في المائة (0.01 مقابل 0.015). يجب أن تكون المشقات التي واجهت «فيسبوك» بمنزلة تنبيه. وظفت شركة كامبريج أناليتيكا بشكل سري بيانات أصحاب الحساب من "السوشيال ميديا"، بهدف إنشاء إعلانات موجهة ربما ساعدت على التلاعب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016، لمصلحة دونالد ترمب. خسرت «فيسبوك» ما يقارب 40 مليار دولار من قيمتها السوقية يوم الفضيحة. يقول ويرتنبروخ: "نصيحتي أن تخطو بحذر وأن تبتعد عن التهور. تستطيع الشركات تحقيق أقصى قدر من الأرباح على المدى الطويل من خلال تمكين نفسها من الناحية الأخلاقية، فعلا وليس قولا".
مشاركة :