صيفنا اللاهب وحرارته التي لا تكاد تُحتمل، فرصة حقيقية لمراجعة أنفسنا على كل الأصعدة تنموياً واجتماعياً واقتصادياً والأهم من هذا كله، إنسانياً. كل أمور حياتنا تخضع للمتابعة والمراقبة والتمحيص والتدقيق، بغية أن نكون أفضل في ميادين الحياة. وأهل الاختصاص يدلون بآرائهم في القضايا الاقتصادية والتنموية والزراعية والأمنية، ويبقى الموضوع الإنساني الذي لا يحتاج متخصصا للحديث فيه، فكلنا شركاء بالنواحي الإنسانية وكلنا بحاجة للملمة شتاتنا الإنساني وجمع ما بعثرته الأيام والسنون والأحداث والتجارب ومشاغل الحياة. في هذا الصيف اللاهب وفي كل صيف يمنحنا الله سبحانه وتعالى فرصة جديدة لاستعادة شتاتنا، من خلال الشعور بالآخر، أيّاً كان هذا الآخر، الإنسان الذي لا يجد مكيف هواء له ولأسرته يخفف عنهم لهيب الحر، أو تلك الأسرة التي يخلو منزلها من ثلاجة أو برادة ماء. يعيش أكثرنا في رخاء وبرودة وننعم بتقنية التكييف المركزي، فإذا انقطعت الكهرباء أو أصاب أحد أجهزة التكييف عطل تأففنا وضجرنا وغضبنا وتوالت اتصالاتنا على مكاتب طوارئ الكهرباء وشركات صيانة التكييف للخروج من مأزق الحر الخانق، فكيف بأولئك الذين لا يجدون ما يحميهم من سعير الشمس ولهيب حرارتها؟! ما نتعرض له من أزمات طارئة في أجهزة التكييف أو الكهرباء أو الثلاجة على قصر مدتها الزمنية، يجب أن يدفعنا للشعور بأخواننا وجيراننا ومن نعرف ومن لا نعرف من ذوي الحاجات، فنسعى لنتلمس إنسانيتنا في حاجات الفقراء وعند أبواب بيوت المعوزين ممن ابتلاهم الله بقلة الرزق المادي وضعف حالتهم، لعلنا أن نستعيد شيئاً من الرحمة التي تلين بها قلوبنا وتخضع بها نفوسنا وتسكن بها أرواحنا. ليس هذا فحسب، بل فلنتلمس إنسانيتنا في سقي الطيور والحيوانات والزروع وإطعامها وتظليلها رحمة بأنفسنا ابتغاء ما عند الله. انشغالنا الدائم بالأمور الحياتية قد يفقدنا الكثير الكثير مما نحتاجه لترطيب قلوبنا وتسلية نفوسنا، وقد ينسينا حقوق الأقربين منا وذوي الحاجات من الفقراء والمساكين والمعوزين والمغتربين، وتقسو قلوبنا فلا تعود تشعر بآلام الناس وحاجاتهم ولا ما تحتاجه باقي المخلوقات من الطيور والحيوانات والزروع. فلنستعد شيئاً من إنسانيتنا في هذا الصيف، ونبرد على قلوبنا بالعطاء ومحبة الآخرين. @mh_awadi
مشاركة :