بقي هذا السؤال العنوان الرئيس لجميع التقارير ونشرات الأخبار في كبرى وسائل الإعلام والفضائيات العالمية والعربية، كما شغل حيزاً مهماً وواسعاً في التحليلات للوصول إلى خيوط تكشف من يقف وراء استهداف ناقلات النفط، الذي تكرر مرتين خلال أقل من شهر في خليج عمان. وأكدت معظم الدول المعنية، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي، وقوف إيران وراء تلك العمليات. لم يأتِ ذلك التأكيد من فراغ بل كشفت الإدارة الأميركية بالأدلة استهداف تلك الناقلات من قبل إيران، وأكدت بريطانيا ما ذهبت إليه واشنطن. وما يقطع الشك باليقين حول وقوف طهران وراء تلك الأعمال الإرهابية، تهديد إيران لمرات عديدة بأنها ستمنع تصدير ومرور نفط منطقة الخليج العربي في حال تم منع تصدير النفط الإيراني من قبل الولايات المتحدة الأميركية. وبالإضافة إلى أن إيران هي المستفيدة من عرقلة مرور ناقلات النفط التي تنقل النفط ومحتوياته من دول الخليج العربي، هددت قيادات الحرس الثوري الإيراني المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من مرة بالانتقام ودفع الثمن غالياً. وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن العقوبات الأميركية على طهران ستجعل المنطقة غير آمنة، ولن تستقر المنطقة إلا من خلال رفع العقوبات الأميركية، حسب وصفه، وهذه إشارة بل رسالة واضحة من طهران تستوجب القيام بأعمال إرهابية وتخريبية لتطبيق تلك الرؤية وإقناع العالم بما تقوله طهران بعدم استقرار المنطقة في ظل العقوبات الأميركية عليها. ويأتي استهداف تلك الناقلات تزامناً مع التصعيد الإيراني وعملائها من الميليشيات الحوثية الإرهابية التي استهدفت مطار أبها في اليوم الثاني من الشهر الجاري، وقبله استهداف منشآت نفطية سعودية، وتفجير ناقلات النفط في ميناء الفجيرة الإماراتي في شهر مايو الماضي. لماذا ناقلات النفط النرويجية واليابانية؟ للمرة الثانية خلال شهر يتم ساتهداف ناقلة نفط نرويجية، وهذا لم يأتِ من باب الصدفة، بل يثبت أن هنالك جهة وخطة تسير بطريقة مدروسة لتحقيق أهداف معينة، وإرسال رسائل واضحة إلى النرويج بأن مصالحكم ستكون في مرمى الأهداف الإيرانية بشكل مستمر. في شهر أكتوبر من العام الماضي اعتقلت السويد مواطناً نرويجياً من أصول إيرانية بتهمة التخطيط لعمل إرهابي يستهدف قيادات وناشطين سياسيين أحوازيين في السويد والدنمارك، وسلمته إلى كوبنهاغن. يرتبط الشخص المعتقل بالحرس الثوري الإيراني، وكان يدير الموقع الإلكتروني التابع لسفارة إيران في النرويج. يريد الحرس الثوري الإيراني من خلال تلك العمليات الإرهابية الضغط على النرويج بأن تعمل على إفراج مواطنها من الأصول الإيرانية من خلال ممارسة الضغط على كوبنهاغن. ولم يأتِ استهداف الناقلة التابعة لشركة كوكوكا كوريجوس اليابانية تزامناً مع وجود رئيس وزراء اليابان في طهران ولقائه مع المرشد الإيراني علي خامنئي من باب الصدفة بتاتاً، كما هو حال الناقلة النرويجية، بل التطورات والأحداث المتسلسلة التي حدثت في طهران تثبت أن مجموعات من الحرس الثوري الإرهابي والباسيج وحزب الله الإيراني خططت لعدد من الأعمال والخطوات، من بينها استهداف الناقلة اليابانية في خليج عمان، لإفشال الوساطة التي كان يسعى رئيس وزراء اليابان أن يقوم بها من خلال لقائه خامنئي. نظمت تلك المجموعات مظاهرات احتجاجية في مطار مهر آباد الدولي عند وصول رئيس الوزراء الياباني إلى طهران، وكانت تحمل تلك المجموعات لافتات وشعارات ضد الوساطة اليابانية والحوار مع واشنطن. نقلت وكالة تابناك للأنباء المقربة لمحسن رضائي، أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام نقلا عن صحيفة اعتماد الإيرانية يوم الخميس الموافق للثالث عشر من الشهر الجاري، أنه لولا يقظة المرشد الإيراني وتدخله لاحتلت تلك المجموعات السفارة اليابانية في طهران ودمرتها بالكامل، وكانت تتظاهر تلك المجموعات أمام مبنى سفارة اليابان احتجاجا على زيارة شينزو آبي وإفساد مساعيه. يريد الحرس الثوري الإيراني من خلال استهداف الناقلات والمنشآت النفطية والموانئ، ضرب عدة عصافير بحجر واحد، وأهمها الإخلال بأمن واستقرار المنطقة العربية والعالم، ومحاولة منه لإقناع العالم بأن العقوبات الأميركية على طهران تدفع ثمنها أطراف إقليمية ودولية عديدة وليس طهران فقط، وتخريب مساعي اليابان في الوساطة، وفتح باب الحوار بين طهران وواشنطن، والضغط على النرويج للإفراج عن المعتقل الإيراني المنتسب للحرس الثوري الإرهابي. فهل ينجح الحرس الإرهابي في تحقيق تلك الأهداف أم سيكون هنالك رد مختلف من قبل المجتمع الدولي والمنطقة العربية الأكثر تضرراً من تلك الأعمال الإرهابية.
مشاركة :