حملة الشهادات العليا في المغرب غاضبون

  • 10/14/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال مجموعات الخريجين العاطلين من العمل في المغرب عاقدة العزم على مواصلة مسيرتها النضالية السلمية بكل إصرار وثبات لأن المعاناة تطاول فئة كبيرة من الشباب الحاملي الشهادات، وإيماناً منها بعدالة قضيتها وبالدعم الذي يحظى به هذا الملف من قبل السياسيين والحقوقيين وهيئات المجتمع المدني. ويتملك الشباب شعور قوي بأن التزام الدولة سيؤدي حتماً إلى تفعيل الملف بشكل أو آخر، وبأن تلك المعاناة التي كابدوها والتضحيات التي قدموها لا يمكن أن تذهب سدى، خصوصاً أن المحكمة الإدارية في الرباط قضت أخيراً بقانونية محضر «20 يوليو»، داعية الدولة في شخص رئيس الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات لتسوية الوضعية الإدارية والمالية للطرف المدّعي مع تحميلها المصاريف. وخرج الآلاف من الشباب الحاملي الشهادات، للتظاهر يوم الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري في مسيرة حاشدة أطلق عليها «مسيرة الغضب» وتحمل شعار «الشغل أو الرحيل»، احتجاجاً على سياسة حكومة الإسلامي عبد الإله بنكيران في ميدان التوظيف. وهتف المتظاهرون بشعارات قوية تدين سياسة الحكومة في التشغيل وتطالب بتوظيف العاطلين من العمل وكل خريجي المعاهد والجامعات المغربية، كما هتف المحتجون بشعارات مُدوية من قبيل: «زيرو حكومة بن كيران» و»المعطل ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح». الأطر العليا المعطلة التي طوت من عمرها قرابة ثلاث سنوات مترددة على العاصمة الرباط من أجل المطالبة بحقها في التشغيل استناداً إلى التزام أبرمته الحكومة السابقة مع ممثليها، كانت رفعت دعوة قضائية لدى المحكمة الإدارية في العاصمة، ضد الحكومة لرفضها تفعيل مضامين محضر «20 يوليو»، الذي كانت وقعته الحكومة السابقة برئاسة عباس الفاسي. وأقرت المحكمة في قرار أول بشرعية المحضر، مطالبة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بتنفيذه، كما ألزمته «بتسوية الوضعية الفردية المالية للمعنيين بمحضر 20 يوليو وذلك عبر توظيفهم في أسلاك الوظيفة العمومية»، فتنصل رئيس الحكومة، وفقهم، من تنفيذ مضامين ذلك الالتزام الشهير فكانت له انعكاسات اجتماعية وشخصية سيئة. وتقول أمال وهي حاصلة على ديبلوم الدراسات العليا المعمقة في الإدارة والتنمية: «خسرت توأمين بسبب قرار السيد بنكيران عدم تنفيذ محضر 20 يوليو! فقد اضطررت بعد قراره المجحف لأن أتوجه إلى الرباط للمشاركة في التظاهرات والنضال من أجل انتزاع حقي وحق أبنائي، وبسبب الضغوط النفسية والمطاردات والكر والفر عقب فض إحدى المسيرات الاحتجاجية السلمية، أحسست بألم فظيع يمزق أحشائي وأنا أهم بالنزول من القطار. وبعد زيارة الطبيب فقدت التوأمين وهو ما أثر بدوره في علاقتي بزوجي لأدخل في فترة نفسية ومهنية عصيبة». وتقول فاطمة الزهراء وهي حاملة شهادة دكتوراه في الفيزياء النووية: «تركت ورائي الغالي والنفيس بما في ذلك زوجي وأطفالي من أجل الدفاع عن حقي في الالتحاق بالدفعة الأولى من الأطر العليا التي تم إدماجها في أسلاك الوظيفة». وتضيف: «هذا يحفظ لي حقوقي وكرامتي وهو ما يساعدني على تربية أبنائي بطريقة أفضل. انتابتني صدمة حقيقية جراء هذا التعنت الحكومي الذي استهدف الأطر المشمولة بمحضر «20 يوليو» ولا ذنب لنا إلا أننا أعربنا عن رغبتنا في المساهمة بكفاءتنا العلمية في دفع عجلة تنمية البلاد على الصعد كافة. لقد كان نصيبنا القمع الشرس الذي حصدنا منه كسوراً متعددة وإهانات وعللاً نفسية». وتشرح فاطمة الزهراء إن ذلك القرار الحكومي أثر بطريقة مباشرة في الأفراد الذين يفترض إنهم نخبة المتعلمين في البلاد عبر حرمانهم من حقوقهم وتقول: «منا من أبرم التزامات عائلية وشخصية وأصبح الآن مقيّداً بالديون وعاجزاً عن تسديدها، وفضلاً عن ذلك فإن هناك العديد من حالات الطلاق والتفكك الأسري التي سجلت في صفوف المعطلين». ويشير عبد العزيز المنصوري وهو حامل شهادة ماجستير في إدارة السياسات العامة إلى أن «الحكومة خصصت ما نسبته 10 في المئة من مناصب الشغل لكل سنة مالية لإدماج الخريجين خصوصاً من حملة الشهادات العليا في أسلاك الوظيفة العمومية من دون مباراة». وأضاف: «تم ذلك على دفعات وكانت آخرها في آذار (مارس) 2011، وتم خلالها دمج 4 آلاف و304 من حاملي شهادة الماجستير والدكتوراه، وهو عدد كبير مقارنة بأعداد الدفعات السابقة». ويعزو البعض استجابة الحكومة إلى دينامية الاحتجاج العربي عموماً وخروج حركة «20 فبراير» إلى الشارع في المغرب، وما خلّفه من خشية وخوف للدولة من انضمام حركة المعطلين للحركة الاحتجاجية. وبذلك التزمت الحكومة بتشغيل الدفعة الثانية الموقعة على محضر «20 يوليو» 2011 وبقية الخريجين الحاصلين على شهادة الماجستير قبل نهاية السنة نفسها استناداً إلى مرسوم وزاري. لكن ما إن هدأت العاصفة الاحتجاجية ومرت بسلام وآلت رئاسة الحكومة إلى الإسلاميين، وجدت الدولة نفسها في حل من التزاماتها، ضاربة بعرض الحائط القاعدة القانونية التي تقول بـ «استمرار المرفق العام»، وهو ما فسرته حكومة بنكيران بأن التوظيف المباشر مخالف لأحكام الدستور الجديد ومواده والقانون. وإلى أن تخرج القضيـة بــحلول قابلة للتطبيق وترضي المتضررين، سينتظر حاملو الشهادات العليا العاطلون من العمل آليات تنفيذ الأحكام القضائية التـي وإن صــدرت لمصلحتـهم يـبـقى إن تحويلها إلى حقيقة ملموسة قد يطول.

مشاركة :