عندما يشارك المنتخب التونسي لكرة القدم في نهائيات كأس الأمم الأفريقية الثانية والثلاثين، التي تستضيفها مصر من 21 يونيو الحالي إلى 19 يوليو المقبل، سيكون هدف الفريق هو تعويض ما فاته على مدار السنوات الماضية والتي فشل خلالها في ترك أي بصمة جيدة رغم التاريخ الحافل لهذا المنتخب.ومنذ فوز المنتخب التونسي (نسور قرطاج) على ملعبه بلقب كأس الأمم الأفريقية في 2004، تراجع حضور الفريق بشكل كبير على الساحة الأفريقية حيث خرج من دور الثمانية في كأس أفريقيا أعوام 2006 و2008 و2012 و2015 و2017 ومن الدور الأول للبطولة في 2013.ولكن الفريق استعاد بعض اتزانه ببلوغ نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا والتي حقق فيها فوزا واحدا وخسر مباراتين، بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا و2014 بالبرازيل، ليصبح هدف الفريق الجديد هو استعادة الاتزان في البطولة الأفريقية.لذلك، سيتعامل نسور قرطاج مع البطولة الأفريقية الجديدة في مصر بشعار «حياة أو موت» لا سيما وأن جماهيره تترقب مشاركة قوية في البطولة تحت قيادة مديره الفني الفرنسي ألان جيريس الذي حل مكان التونسي نبيل معلول الذي قاد الفريق في المونديال الروسي، علما أن جيريس تولى الفريق بعدما قاده البنزرتي في ثلاث مباريات فقط حقق فيها جميعا الفوز.ويحظى المنتخب التونسي بسمعة رائعة ليس على مستوى القارة الأفريقية فحسب وإنما أيضا على المستوى العالمي نظرا لمشاركته في بطولة كأس العالم خمس مرات سابقة أعوام 1978 و1998 و2002 و2006 و2018، ولكن الفريق لم يحقق نفس النجاح في السنوات القليلة الماضية.ورغم تذبذب نتائج المنتخب التونسي في تصفيات كأس الأمم الأفريقية منذ مشاركته الأولى في البطولة عام 1962 وحتى مطلع التسعينات، حيث وصل الفريق بعدها للنهائيات أربع مرات فقط على مدار ثلاثة عقود، أصبح نسور قرطاج عنصرا منتظما في النهائيات منذ عام 1994 وحتى الآن.والبطولة القادمة في مصر هي المشاركة الرابعة عشرة على التوالي للفريق في النهائيات والتاسعة عشر له في تاريخ البطولة.وبدأ المنتخب التونسي مشاركاته في كأس أفريقيا بقوة حيث وصل للمربع الذهبي في بطولة 1962 بإثيوبيا ولكنه خرج من الدور الأول في البطولة التي أقيمت في غانا 1963 ثم أحرز المركز الثاني في البطولة التالية التي استضافتها بلاده عام 1965.وبعدها غاب الفريق عن النهائيات منذ بطولة عام 1968 حتى عاد للمشاركة في نسخة 1978 بغانا وأحرز فيها المركز الرابع.وغاب الفريق بعد هذا عن النهائيات حتى بطولة عام 1992 باستثناء مشاركته في نهائيات 1982 بليبيا والتي خرج فيها الفريق من الدور الأول للبطولة.ومع استضافة تونس للبطولة عام 1994، عاد نسور قرطاج للظهور في النهائيات لكن إقامة البطولة على ملعبهم لم يغير من الأمر شيئا، حيث خرج الفريق من الدور الأول للبطولة صفر اليدين.ويبدو أن هذا الخروج المبكر تسبب في انتفاضة حقيقية لكرة القدم التونسية فأصبح الفريق على مدار السنوات العشر التالية من القوى الكروية الكبيرة على الساحة الأفريقية، ففاز الفريق بالمركز الثاني في بطولة 1996 بجنوب أفريقيا بعد الهزيمة في المباراة النهائية أمام أصحاب الأرض.كما وصل الفريق لدور الثمانية في بطولات 1998 و2006 و2008 وللدور قبل النهائي في 2000 بينما خرج من الدور الأول عام 2002.وفي نفس هذه الحقبة الزمنية بين أواخر القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، انتزع نسور قرطاج بطاقة تأهلهم لكأس العالم ثلاث مرات متتالية.ورغم خروجهم من الدور الأول في البطولات الثلاث، ترك الفريق أثرا جيدا في هذه المشاركات.ولكن أبرز إنجازات المنتخب التونسي على الساحة الأفريقية تحققت عندما استضافت تونس البطولة عام 2004، حيث نجح الفريق في إحراز اللقب الأفريقي للمرة الأولى في تاريخه بقيادة المدرب الفرنسي روجيه لومير الذي قاد المنتخب الفرنسي سابقا للفوز بكأس الأمم الأوروبية عام 2000 ليكون أول مدرب في العالم يحقق إنجاز الفوز، ببطولتين قاريتين في تاريخ اللعبة.ومع خروج الفريق مبكرا في النسخ السبع الماضية منذ 2006 وحتى 2017، يحتاج المنتخب التونسي بقيادة مديره الفني الفرنسي آلان جيريس إلى استعادة بريقه عندما يشارك في بطولة 2019 بمصر.وشق الفريق مسيرته إلى النهائيات بنجاح حيث تصدر المجموعة العاشرة في التصفيات برصيد 15 نقطة وبفارق نقطتين أمام نظيره المصري علما بأن مجموعتهما ضمت أيضا منتخبي النيجر وإي سواتيني.لذلك، يسعى الفريق إلى تأكيد جدارته بالتأهل من خلال عروض قوية في النهائيات ومنافسة حقيقية على اللقب لاسيما وأنه يخوض النهائيات هذه المرة بقيادة مدرب يمتلك خبرة كبيرة اكتسبها من العمل لسنوات طويلة مع أندية عريقة مثل باريس سان جيرمان وتولوز الفرنسيين، إضافة لتوليه تدريب ثلاثة منتخبات أفريقية هي السنغال ومالي والجابون بخلاف عمله السابق مع المنتخب الجورجي.ويمتلك جيريس خبرة رائعة بالبطولة الأفريقية كما سبق له أن قاد منتخب مالي للفوز بالمركز الثالث في نسخة 2012.ويعتمد مدرب المنتخب التونسي في البطولة الأفريقية المرتقبة على مجموعة من اللاعبين ينشطون بأوروبا إضافة لعدد من اللاعبين الناشطين في الدوري المحلي والأندية العربية. ويتميز الفريق بمتوسط أعمار جيد حيث يضم لاعبا واحدا فقط تجاوز الثلاثين من عمره كما يضم عدة لاعبين تتراوح أعمارهم بين 20 و25 عاما.ويبرز من لاعبي الفريق ياسين مرياح مدافع أولمبياكوس اليوناني وأسامة حدادي مدافع ديجون الفرنسي وفرجاني ساسي نجم الزمالك المصري ويوسف مساكني لاعب يوبين البلجيكي وأنيس البدري لاعب الترجي التونسي ووهبي الخزري مهاجم سانت اتيان الفرنسي.واستبعد الجهاز الفني علي معلول ظهير أيسر الفريق ونجم الأهلي المصري من القائمة قبل أيام على انطلاق البطولة.وأوقعت قرعة البطولة المنتخب التونسي في مجموعة متوسطة المستوى تضم معه منتخبات مالي وأنجولا وموريتانيا، حيث يبدو الفريق مرشحا للعبور دون عناء إلى الأدوار الإقصائية، لكن يظل الاختبار الأصعب للفريق في الأدوار الإقصائية.ويستهل الفريق مسيرته في البطولة بلقاء أنجولا ثم مالي، فيما يختتم مبارياته في المجموعة بلقاء المنتخب الموريتاني الذي يخوض البطولة للمرة الأولى في تاريخه.
مشاركة :