«المتفرجون».. لله في خلقه شؤون

  • 6/18/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حبيب الصايغ أنت عضو الفريق وجزء من المشهد، لكنك تمارس هواية التفرج فقط لا غير، وكأن التفرج عملك الأصلي، وكأن هناك تعاقداً بينك وبين مؤسستك مكتوباً فيه اسمك وعنوانك ومثبتاً فيه أن المهنة متفرج. وظيفة التفرج اليوم تنتشر في أوساط في مجتمعنا وكأنها الوباء، والمتفرجون «يعيشون حياتهم» على الآخر. يذهبون ويعودون ويذهبون ولا يعودون، وكل ما يقومون به الغياب الاختياري، وعندما يحضرون يحاسبون الحاضرين وكأنهم حاضرون أكثر منهم. ليس لغزاً أو أحجية. المتفرجون حاضرون في حياتنا الإدارية والاجتماعية إلى هذا الحد وأكثر، وهم إذ يغيبون كل هذا الغياب إنما يتجاوزون كل الأنظمة التي تضبط العمل أو النشاط الاجتماعي، وعندما يحضرون يجد كل واحد منهم أن من حقه الملام والحساب والمساءلة، بل أبعد من ذلك، التطاول والسب والقذف وكأن كل ذلك بعض حقه المشروع.أين كنت؟.. لا يهم. لماذا تأتي اليوم فقط؟.. هذا شأن خاص. لماذا تتهم بالتقصير مع أن غيابك مثبت ولم تحضر لتسد النقص إن وجد؟.. أنا حر.يعتقد أنه حر في كل تصرفاته وسلوكياته، ويعتقد أن من حقه السؤال والحوار والاتهام بهذا النقص أو ذاك بالرغم من غيابه أو همومه الكبيرة، فما هو الحل؟فئة المتفرجين موجودون في حياتنا بكثافة. لا يخجل أهلها حين يغيبون ولا يخجلون حين يحضرون، وكأنهم مجبولون بطين الغفلة والبرود وعدم المبالاة والاكتراث. فئة المتفرجين حاضرة في مؤسسات الحكومة وفي أماكن العمل. في العمل التطوعي والرسمي، وفي الجمعيات العمومية من التجارة إلى الرياضة وصولاً إلى منظمات المجتمع المدني. أنا معك على الورق وأتمسك بوجودي معك، لكن العمل عليك لا علي. أنا جاهز فقط في الاجتماعات الدورية لأسألك عما أراه من تقصير يترتب قطعاً على حضورك ولا يترتب قطعاً على غيابي. الغائب غير حاضر والمعنى أنه لم يعمل، فكيف تسأله.. هل أنت مجنون؟صح.. ربما كنت مجنوناً، فكيف أسأل غائباً عن عمل لا يتحقق إلا بالحضور؟ إنه شر المضحكات المبكيات، ومن يعش يرَ، وعش رجباً تجد عجباً.منتهى السلبية في مجتمع نشط ويضج بالحركة والعمل، وأخشى ما يخشاه المرء تحول الأمر إلى ظاهرة يصعب التعامل معها كلما مر الزمن، وإذا كان المتفرجون اليوم يرون أنهم على حق، وأن التفرج عمل مشروع وربما تفرضه «الأخلاق» و «الوطنية»، فإن السكوت على ذلك يجذره في أرض الواقع وكأنه نبتة من البيئة الطبيعية.احترام الأنظمة الخطوة الأولى الضرورية، وشرط مشاركة الجميع ابتداء شرط أول. من يعمل ينتقد، ومن لا يعمل فمكانه نفسه الجوانية المتضخمة، فليدخلها ليحقق أكبر قدر من «التقوقع» والعزلة.إنها دعوة مخلصة لعمل الجميع معاً لكل مسجل في هذه المؤسسة أو تلك، وحرام شرعاً وقانوناً الإخلال بالمسؤولية الفردية على مدار العام أو الأعوام الطويلة، مع أن الشراكة متاحة ومؤيدة نظاماً وتطبيقاً، ثم، في نوبة «تذكر» مفاجئة، العودة للانتقاد الذي يكون عادة مبنياً على الوهم، ومفرغاً من مضمونه.... أين كنت؟معقول؟.. كيف تتجرأ على هذا السؤال؟.. هذا تدخل سافر في شؤوني الداخلية، وأطماعك التوسعية لا تخفى على أحد. habib@daralkhaleej.ae

مشاركة :