القاهرة - توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي بعد ظهر الاثنين "أثناء حضوره جلسة محاكمة" في معهد أمناء الشرطة داخل مجمع سجون طرة بجنوب القاهرة، بحسب بيان للنائب العام. وفيما أعلنت السلطات المصرية حالة الاستنفار تحسبا لأعمال عنف تنفذها جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي، اتهمت الجماعة المحظورة بقرار قضائي والمصنفة إرهابيا في مصر ودول عربية وخليجية، السلطات بـ"قتله ببطء" في بيان نشرته مساء الاثنين على موقع حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها على الانترنت حمل عنوان "اغتيال الرئيس محمد مرسي". وأكد النائب العام المصري أن "النيابة العامة أخطرت بوفاة مرسي أثناء حضوره جلسة" محاكمته في القضية المتهم فيها بالتخابر مع قوى أجنبية" من ضمنها حماس الفلسطينية. وأوضح أن الرئيس الذي عزله الجيش في 2013 على اثر احتجاجات شعبية عارمة طالبت برحيل نظام الإخوان، طلب الكلمة أثناء الجلسة وتحدث بالفعل "لمدة خمس دقائق وعقب انتهائه من كلمته رفعت المحكمة الجلسة للمداولة". وأضاف البيان أنه أثناء وجود مرسي وباقي المتهمين "في القفص سقط مغشيا عليه ونقل على الفور إلى المستشفى حيث تبين وفاته"، مؤكدا أنه "وصل متوفيا إلى المستشفى في تمام الساعة الرابعة وخمسين دقيقة (14:50 تغ)". ومثل مرسي اليوم أمام المحكمة في قضية التخابر مع "قوى أجنبية" بينها حماس وقطر والتي اتهم فيها مع 23 آخرين. وقالت وسائل إعلام مصرية إنه طلب من القاضي إلقاء كلمة وسمح له بذلك وعقب رفع الجلسة أغمي عليه وتوفي على إثر ذلك. وقال عبدالمنعم عبدالمقصود أحد محاميه الذي كان يحضر جلسة المحاكمة، إن "المحامين لا يستطيعون رؤية مرسي والمتهمين الآخرين داخل قاعة المحكمة لأنهم يقفون في قفص زجاجي محاط بقفص آخر حديدي ولكننا علمنا ونحن في القاعة أنه سقط مغشيا عليه وأشار إلينا بعض السجناء الواقفين الى جواره بأيديهم بأنه لا يوجد نبض"، مضيفا "رأيته من بعيد بعد ذلك خارجا على نقالة من المحكمة". وتابع "لا يعرف إلى أي مستشفى نقل "جثمان مرسي لأن السلطات لم تسمح لنا بمغادرة القاعة إلا بعد ربع ساعة من انتهاء الجلسة"، مؤكدا أن الرئيس المعزول "كان يتحدث بطريقته العادية ولم يكن منفعلا بشكل خاص وعندما اغشي عليه تصورنا أنها غيبوبة سكري وسيفيق منها لأنه مصاب بالسكري". وصدر بحق مرسي حكم بالسجن المؤبد في محاكمتته الأولى في يونيو/حزيران 2015 إلا أن محكمة النقض ألغت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة. وفي شهر سبتمبر/أيلول 2017 أيدت محكمة النقض المصرية حكما بالسجن المؤبد بحقه بتهمة "التخابر" بالإضافة إلى أنه كان يحاكم في عدة قضايا أخرى. ونعاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلا "لقد أصبح شهيدا اليوم بأمر الله... أقدم العزاء إلى كل الإخوة الذين ساروا مثله على نفس الدرب وإلى كل الشعب المصري. أعزي أسرته وأحباءه". كما نعاه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تغريدة على تويتر قائلا "تلقينا ببالغ الأسى نبأ الوفاة المفاجئة للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي... أتقدم إلى عائلته وإلى الشعب المصري الشقيق بخالص العزاء... إنا لله وإنا إليه راجعون". وتدعم كل من تركيا وقطر جماعة الإخوان المسلمين وتستضيفان على أراضيهما قيادات من الجماعة المحظورة ملاحقين في قضايا من بينها قضايا تتصل بالإرهاب. وهاجم أردوغان بشدة النظام المصر وحمّله مسؤولية عن وفاة مرسي. وقال في خطاب متلفز ألقاه مساء الاثنين في اسطنبول "إن التاريخ لن يرحم أبدا الطغاة الذين أوصلوه إلى الموت عبر وضعه في السجن والتهديد بإعدامه". كما نعت حركة حماس الفلسطينية الرئيس المصري الأسبق الذي توفى اليوم الاثنين خلال محاكمته بتهم من بينها التخابر لصالح الحركة. وقالت حماس في بيان صحفي إن مرسي قضى "مسيرة نضالية طويلة في خدمة مصر وشعبها وقضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية على جميع الأصعدة الإقليمية والدولية". وأضافت أنه "قدم الكثير دفاعا عن القدس والأقصى منذ كان عضوا في البرلمان المصري" وأن غزة "ستسطر مواقفه الخالدة والشجاعة تجاهها والعمل على فك حصارها والتصدي بكل مسؤولية قومية للعدوان الإسرائيلي الظالم عليها عام 2012 في حينه بمداد من ذهب". وأقيمت في مساجد غزة صلاة الغائب على روح مرسي الذي كان يقيم علاقات وثيقة مع حماس واستقبل قادتها بشكل رسمي في عدة مناسبات خلال توليه حكم مصر. وتولى مرسي البالغ من العمر 68 عاما الرئاسة في العام 2012 بعد أول انتخابات شهدتها مصر عقب الإطاحة بنظام حسني مبارك، ليكون الرئيس الأول بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 والرئيس الخامس الذي يتولى الحكم في مصر. ولم يستمر طويلا في الحكم، حيث عزله الجيش في يوليو/تموز 2013 بعد احتجاجات عارمة على حكم الإسلاميين سقط خلالها العديد من الضحايا. وقبل عزله أعطى مرسي لنفسه صلاحيات واسعة في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بموجب مرسوم رئاسي وزادت ضده حدة الاحتجاجات عندما أقرت الجمعية التأسيسية التي كان يسيطر عليها الإسلاميون على وجه السرعة دستورا وسط مقاطعة الليبراليين والعلمانيين والكنيسة القبطية. واتهمه معارضوه بإفساح المجال أمام الإسلاميين للاستيلاء على الحياة السياسية وإقصاء الآخرين واحتكار السلطة من قبل جماعة الإخوان وتعريض أمن مصر للخطر. ومرسي من مواليد أغسطس/آب 1951 لعائلة مصرية بسيطة بقرية العدوة في محافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة وحصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم ماجستير في الهندسة من الجامعة نفسها عام 1978 كما حصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1982. كما عمل أستاذا ورئيسا لقسم هندسة المواد بكلية الهندسة جامعة الزقازيق من عام 1985 وحتى عام 2010. ولمرسي خبرة برلمانية إذ ترأس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب في الدورة البرلمانية من 2000 إلى 2005 لكنه خسر في انتخابات 2005 التي شابتها اتهامات بالتزوير.
مشاركة :