هل حقا ينطق الحجر؟

  • 6/18/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هي الكلمة عندما تحمل رسالة الحب ورسالة القوة من أجل الوطن وهمومه وآماله ومستقبل أبنائه وأحفاده. لذا فهي تجمع بين النقيضين؛ الموت والحياة، بين الرقة والعنف، بين اليأس والرجاء. فيكون مدادها الدمع وأحرفها البيارق المحلقة عاليا تحمل عبر صفحاتها عبق الشهداء ودعاء المشردين من أبنائه في شتى أنحاء الأرض. نعم فهي رسالة الأحلام التي تصمد حينا وتخمد حينا، كالنار تتغذى من آلام المستضعفين، الباحثين عن أمل، عن حلم طال انتظاره وترقب وصوله، عن وطن يدعوهم رغم الصعاب، رغم المكائد، رغم خيبات الأمل من أصدقاء الأمس ورفقاء اليوم ، ناكري الجميل الذين نسوا أو تناسوا التضحيات الجسام التي بذلها الآشوريون أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها للحلفاء وغيرهم من الأصدقاء، فتجاهلوا الحقوق المشروعة في وطن لهم كالأرمن واليونان والعرب وحديثا مثل الأكراد. تلك الرسائل التي ينطق بها الحجر. فهي كثيرا ما تتسم بالرقة والتسامح، وأيضا تتسم بالقوة، تزأر بالصوت العالي، بالقوة ، محملة بروح التحدي والدعوة للصمود يزكيها دم الشهداء وتضحياتهم الجِسام. فهي تضرب بقوة على قلب العالم وضميره، هذا العالم الغافل عنهم وعن قضيتهم العادلة، لذا فهي تستدعى رموز الماضي التليد وتحمل النداء المغموس بدم الشهداء وأحلامهم السامية، تستنفر القوى وتثير النفوس، تنبه الشباب وتوقظ روح التحدي في قلوب الأحفاد والكبار على السواء، توقظ الأحلام التي ربما تغفو قليلا، تحمل عبق الثورة وملطخة بالدم، تدعو لبعث قائد جديد، يحمل آمال الأمة وأهدافها السامية في إقامة وطن مستقل كباقي الأوطان. يأخذ من التجربة المصرية نبراسا ومن المقاومة الفلسطينية قدوة ومثلأ . تنفخ في الضمائر العزم والإصرار وفي القلوب روح التحدي والإصرار، تحيي أملا يرنو على القرب ويرفرف خفاقا فوق سماء "نينوى" ويبكي قسوة الحاضر التي لا تفرق بين بشر أو حجر، تحطم وتكسر وتسفك دماء الأبرياء. "عندما ينطق الحجر" رسالة للعالم المتمدن، للشعوب المتقدمة وللأمم المتحدة ومؤسساتها العديدة، رسالة لمحكمة العدل الدولية لتمارس الضغوط على الحكومة التركية وغيرها للإعتراف بمذابح سيفو ضد المسيحيين من الأرمن واليونان والآشوريين. "عندما ينطق الحجر" دعوة من شاعر مخلص لوطنه يحمل همومه ويجعل الوطن أمله الراسخ للوحدة وتجميع الصفوف من أحزاب ومثقفين وأفراد في جبهة واحدة. بل يتعداه نحو توحيد جهود الطوائف الدينية جميعا لتندرج تحت لواء واحد وكنيسة واحدة، من أجل هدف واحد هو حلم العودة والملاذ الآمن والحماية الدولية للشعب الأشوري الصامد. "عندما ينطق الحجر" رسالة تتخذ من الكلمة سلاحا، ومن الحب نبراسا، ومن الدعوة للعمل شعارا لتحقيق الأحلام الكبيرة، نعم أحلام الشهداء نحو حلم واحد وهدف واحد ووطن واحد. "عندما ينطق الحجر" دعوة لبعث الماضي التليد والحضارة العريقة لأشور، لاستنهاض الهمم وإذكاء روح البطولة والفداء واستدعاء الشواهد العريقة مثل جلجاميش والقائد "أغا بطرس" والرمز الصامد "لاماسو". ونتذكر معه دماء كهرمانة التي تسيل جرارها وتنزف بغزارة لتكون شاهدا حيا يتحدي الزمن وقسوة الأيام ومرارة الحاضر ويكون باعثا للأبناء نحو بلوغ الحلم وتحقيق الأمنيات السامية. "عندما ينطق الحجر" وعندما تصمت الألسنة يرنو شاعرنا إلى الماضي البعيد نحو إقامة وطن يشبه المدينة الفاضلة، ويتمنى أن يحكمها الشعراء كما نادي "افلاطون" في مدينته الفاضلة من قبله ... لكن هل تصدق الأحلام؟! "عندما ينطق الحجر" نداء من شاعر يؤمن بالكلمة لوطن كالأوطان، وطن يؤمن بالتعددية بالمساواة بالحب. وطن ضد التطرف والعنف. مثل باقي الشعوب المؤمنة بالحرية بالعدل بالديمقراطية والتعايش بين الشعوب. فعندما يتخلى عنا البشر، هل نلجأ للحجر؟ للماضي؟ للجذور الحاضرة الممتدة الضاربة في أعماق التاريخ؟ "عندما ينطق الحجر" دعوة ونداء وتوسل. فشاعرنا يحلم ويستمر في حلمه مع الشاعر "نينوس احو" في دعوته لتحقيق الحلم بقيام الدولة الآشور عام 2050 في أرض أشور المجيدة. تلك الصور وهذه الشواهد عايشتها أثناء تجربتي في ترجمة تلك الصرخة التي يحملها الحجر لينطق ويخاطب الإنسانية حاملا رسالة سامية للعالم وللشعوب الحرة التي تؤمن بصدق في حق جميع الشعوب التي لم تزل ترزح تحت نيران الغربة والتشرد في شتى البقاع ، ومنهم الشعب الأشوري المجيد الضارب في أعماق التاريخ بجذور راسخة وشواهد باقية في العودة لأوطانهم والعيش في أمن وسلام واستقرار. ولعل تلك الشهادة الصادقة الأمينة التي حملها الشاعر الأشوري بولص الآشوري، وجعلها ناطقة على لسان الحجر تصل للعالم أجمع كصرخة مدوية تهز ضمير العالم ليصل الحق لأصحابه في وطن آمن مستقر ينعم فيه كباقي البشر بالرخاء والإستقرار كباقي البشر. لذا أخيرا يمكننا بكل وضوح وحيادية أن نقرر بأن الشاعر قد تمكن باقتدار أن يجعل الحجر ينطق ويعبر وينادي بعودة الحقوق لأصحابها وأن يصل برسالته لتدوى عاليا عبر الأرجاء نحو تحقيق آملا ورسالة وغاية سامية، ألا وهي بناء وطن مستقل لشعب عريق صاحب حضارة وتاريخ ضارب بجذوره بعمق في أعماق التاريخ.

مشاركة :