يقول الأستاذ محمد عساف في كتاب – مع الإمام الشهيد حسن البنا – (... لقد أخذ هؤلاء أفكارهم عن الشهيد سيد قطب، فقد ألف سيد قطب كتابا هو "في ظلال القرآن"، وهو كتاب تفسير عظيم مبتكر، إذ يفسر السورة تفسيرا شاملا، كما ألف كتابا آخر وهو في السجن، هو "علامات على الطريق"، ألفه وهو في حالة نفسية سيئة، وكان فيما كتبه في ذلك الكتاب متشائما إلى أبعد حد بسبب ما كان يعانيه من ظلم وتعذيب وافتراءات، لذلك أخذوا عنه فكرة الحاكمية لله، وتكفير المجتمع ... إلى غير ذلك مما غذى عقولهم المريضة...)، ويقصد معالم في الطريق. وهو من الكتب المشهورة لسيد قطب، وقد ورد هذا الكلام في كتاب محمود عساف أثناء حديثه عن الجهاز الخاص وتأثرهم بسيد قطب، والحقيقة أن مجمل كلام محمود عساف مبني على إشاعة حسن الظن في سيد قطب والإخوان المسلمين، وأن ما حدث من أخطاء قد ارتكبها فصيل منفلت من جماعة الإخوان، وهو الجهاز الخاص. وكما نعرف أن هذه الآراء قد أشيعت بين الإخوان المسلمين بعد اتفاق الرئيس محمد أنور السادات مع المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين عمر التلمساني لإعادة الإخوان المسلمين إلى نشاطهم الدعوي باستثناء الجهاز الخاص، لهذا سوف نجد كتابات كثيرة في مرحلة عمر التلمساني، خصوصا أن محمود عساف كان من المجموعة القديمة التي عايشت أخطاء الجهاز الخاص في الأربعينات، وكان يقف موقفا مناهضا للجهاز الخاص، خصوصا في مرحلة قيادة عبدالرحمن السندي. وهذا واضح من كلامه في هذا الكتاب، إلا أن عساف في هذا القول المنقول قد تعمد الكذب لصالح تنظيم الإخوان، فسيد قطب قد ظهرت نزعاته المتطرفة قبل كتاب معالم في الطريق، وقبل كتاب في ظلال القرآن، بل ظهرت واضحة في كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام قبل ذلك، والذي صدر في عام أي قبل انضمام سيد قطب للإخوان المسلمين، كما أن مقولة أن سيد قطب خرج بمثل هذه الآراء المتطرفة والتكفيرية غير صحيح، فسيد قطب في اعتقاله الأول سنة 1954م بسبب حادثة المنشية لم يتعرض للتعذيب كما يقال، بل كان يعامل معاملة خاصة، وذلك لعدة أسباب، منها علاقته المبكرة بقيادة الثورة وعلى رأسها محمد نجيب وجمال عبدالناصر. والسبب الثاني أن حالته الصحية كانت تستدعي معاملة خاصة، ولذلك نقل من السجن العام إلى المستشفى التابعة للسجن، وكان يسمح لهم فيها بالفسحة والقراءة والكتابة والترويح، وهي المرحلة التي كتب فيها سيد أغلب كتبه التي صدرت بعد ذلك، بما فيها المعالم والظلال، ففي هذه المرحلة كان سيد قطب يكتب ملزمة تفسيره في ظلال القرآن وترسل عن طريق السجن إلى الرقابة والتي كان يجيزها الشيخ محمد الغزالي، فالشيخ محمد الغزالي هو من كان يجيز كتب سيد قطب، ويقال إن محمد الغزالي قد رفض إجازة كتاب معالم في الطريق، وذلك بسبب الخطاب المتطرف في هذا الكتاب، ولم يجز هذا الكتاب إلا بأمر من جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية. ما أريد قوله أن هذا الكتاب بعد إجازته طبع ثلاث طبعات في عام 1964، وصودرت طبعته الثالثة، واعتقل من طبعه وهي دار وهبة وذلك سنة 1965م. فقول عساف في تبرير تطرف سيد قطب لا أساس له من الصحة، لأن سيد قطب لم يؤلف في مرحلة التعذيب الفعلي 1965م إلا كتيب لماذا أعدموني، وهو كتيب قد نشر بعد وفاة سيد قطب بفترة، حيث نشر على حلقات في جريدة المسلمون، ثم صدر في كتيب عن مؤسسة الشرق الأوسط، ويقال إن هذا الكتاب لماذا أعدموني قد نشر ناقصا، وأن تكملته توجد في ملفات صلاح نصر رئيس الاستخبارات العامة المصرية.
مشاركة :