تنشر القبس على مدى 6 حلقات، محتويات كتاب لشركة المركز المالي الكويتي، خصت به الشركة القبس قبيل إصداره عبر ذراع «المركز» البحثية شركة مارمور مينا انتليجنس، يحمل عنوان «6 دروس من أجل استدامتنا الاقتصادية – سوق المناخ وخمس أزمات أخرى في منطقة الخليج»، ويتناول قصة ست أزمات مالية كبيرة تأثر بها اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي على مدار العقود الماضية. ولأن أغلبية تلك الأزمات نجمت عن تراكم سلسلة من الأحداث المتتالية، فقد حرص الكتاب على التسلسل الزمني لها، مع تحليل الأسباب وشتى جوانب كل أزمة. يقدم الكتاب رؤى واضحة للشركات والمستثمرين حول مجموعة من الأزمات الاقتصادية الماضية والتي كان لها أثرها على دول مجلس التعاون، عبر فصول تغطي فترات الأزمات التي عرفتها دول المجلس. ويساعد مضمون الكتاب القارئ في فهم جذور الأوضاع الاقتصادية القائمة وتلمس فرص إحداث تغيير بناء، كما يقدّم معلومات هي نتاج بحث جاد ومفصل وسعي للاحاطة بجوانب تلك الأزمات، وتحليلات وآراء قائمة على جهد بحثي لمصادر موثوقة.وفي هذه الحلقة استعرض «المركز» تحركات مصدري النفط خلال الازمات الجيوسياسية منذ 1973. العلاقة بين الأسعار وأداء البورصات يكمن التغيير في العلاقة بين تحركات أسعار النفط وحركة المؤشر السعودي بعد 2008 إلى الجهود المتزايدة التي تبذلها الحكومة لتنويع الاقتصاد بعيداً عن القطاع النفطي. ومع نمو عدد الشركات في القطاعات غير النفطية، حددت أرباح الشركات حركة الأسواق. ففيما يتعلّق بدولة الكويت، أعطت أسعار النفط المرتفعة الحكومة الحماية اللازمة لزيادة الاستثمارات. ورغم ذلك، كان للمخاطر تأثير ضئيل على أرباح الشركات، مما أدى إلى تغير في العلاقة بين أسعار النفط والمؤشر الكويتي. وفي حالة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، تراكمت الفوائض النفطية واستثمرت معظمها في الأسواق الأجنبية، إما مباشرة من البنوك المركزية، وإما من خلال صناديق الثروة السيادية. وبالتالي، لم يكن هناك تأثير يذكر على أسعار النفط التي ارتفعت عن قيم المؤشر. وعلى النقيض من ذلك، فإن انخفاض أسعار النفط يؤثر على ميول المستثمرين، حيث تؤثر المخاوف من تقليص الإنفاق الحكومي على الأسواق. وبينما كانت لدى دول مثل السعودية والكويت فوائض للاستناد إليها، فإن استمرار انخفاض أسعار النفط على المدى الطويل سيضر بالأسواق بسبب تباطؤ التوسع الاقتصادي، والذي من شأنه أن يؤثر على أرباح الشركات، والتي بدورها تؤثر على أسواق الأسهم. بحلول عام 1973، كان على العالم أن يتعامل مع الارتفاع المتواصل لأسعار النفط، الذي بلغ ذروته خلال حرب أكتوبر، التي أسفرت عن إيقاف الإمدادات الخاصة بالولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا الغربية. وبحلول عام 1974، وعندما رُفع الحظر، قامت دول «أوبك» بمضاعفة أسعار النفط أربع مرات من 3 دولارات للبرميل إلى 12 دولاراً للبرميل.واجه المستهلكون في عام واحد زيادة بنسبة تصل إلى 300 في المئة، وبعد ست سنوات، وتحديداً في عام 1979، اجتاحت العالم أزمة النفط الثانية. وكانت الأزمة هذه المرة نتيجة التوتر الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط. وشهدت الثورة الإيرانية التي استمرت لمدة عام ابتداءً من عام 1978، انخفاضاً في إنتاج النفط في البلاد بمقدار 4.8 ملايين برميل يومياً، وكان هذا الانخفاض في ذلك الوقت يعادل 7 في المئة من الإنتاج العالمي، وأفضى هذا الاضطراب السائد بأسعار النفط إلى الارتفاع من 14.02 دولارا للبرميل إلى 31.61 دولارا للبرميل، مسجلاً ارتفاعاً يصل إلى 125 في المئة في سنة واحدة فقط.وفي وقت المعاناة التي عاشها مستوردو النفط، كانت تلك الأوقات هي أوقات الازدهار للمصدرين، حيث شهدت دول مجلس التعاون الخليجي زيادة مذهلة في الناتج المحلي الإجمالي (بأسعار عام 1986) من 53 مليار دولار في عام 1974 إلى ذروة مقدارها 190 مليار دولار في عام 1980. وبحلول عام 1986، واجهت البلدان المنتجة للنفط وضعاً غير مسبوق، حيث انخفضت أسعار النفط من 28 دولاراً للبرميل – قبل عام واحد – إلى 14.43 دولاراً للبرميل، وهو المعدل السائد منذ سبع سنوات في عام 1979. ووجه اللوم إلى المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت، بسبب زيادة إنتاج النفط. وكانت المملكة العربية السعودية تحاول تصحيح ما اعتبرته تصرفات خاطئة تجاه الأزمتين الأوليين. وفي تلك المرحلة، قاموا بخفض الإنتاج بهدف التحكم في السعر.وارتفعت أسعار النفط الخام خلال الأزمتين الأوليين بمعدل عشرة أضعاف خلال عشر سنوات، لتصل إلى 35 دولاراً للبرميل بحلول شهر يناير من عام 1981 قبل أن تستقر بعد ذلك، وكانت لهذا الارتفاع عواقب غير مرغوب فيها، حيث اختارت بعض البلدان المستوردة استخدام المركبات الموفرة للوقود كوسيلة للحد من استهلاك النفط. بينما لجأ أخرى إلى الفحم والغاز والطاقة النووية بغرض توليد الكهرباء، مما أدى إلى انخفاض استهلاك النفط العالمي بنسبة %20. وعلى الرغم من انخفاض الطلب على النفط، فإن بعض منتجي النفط من خارج دول «أوبك» قد أثارتهم الأسعار المرتفعة وشرعوا في تنفيذ مشاريع باهظة التكاليف. وخلال الفترة من عام 1980 إلى عام 1986، زاد الإنتاج من خارج دول منظمة أوبك بمقدار 6 ملايين برميل في اليوم، كما حفزت التكلفة المرتفعة للنفط الخام الدول غير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) على زيادة عمليات التنقيب والإنتاج، ومن ثم توجهت إلى استخدام تقنيات إنتاج النفط المعززة.الإمدادات العالميةوبحلول عامي 1973 – 1974، سيطرت منظمة أوبك على إمدادات النفط العالمية قبل أن تنخفض حصتها السوقية بحلول عام 1985 إلى ربع إجمالي حصتها في السوق. ولمواجهة انخفاض الطلب وارتفاع العرض، اتجهت منظمه أوبك إلى تحديد حصص إنتاج منخفضة بشكل كاف لتحقيق استقرار الأسعار خلال الفترة بين عامي 1982 و1985.لكن هذه المبادرة باءت بالفشل نتيجة رفض الأعضاء الآخرين في «أوبك» التعاون وقيامهم بإنتاج ما يتجاوز حصصهم المحددة. ونظراً للزيادة السريعة في الإنتاج خارج نطاق منظمة أوبك، همت «أوبك» وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بالدفاع عن سعرها الرسمي البالغ 34 دولاراً للبرميل عن طريق خفض الإنتاج بشكل أكبر.وبين عامي 1978 و1985، انخفض إنتاج منظمة أوبك من 29.9 مليون برميل يومياً إلى 16.6 مليون برميل يومياً، حيث أنتجت المملكة العربية السعودية 10.3 ملايين برميل يوميا في عام 1980 قبل أن ينخفض الإنتاج إلى 3.6 ملايين برميل يوميا بحلول عام 1985. وخلال تلك الحقبة، كان الإنتاج من خارج «أوبك» يشكل 70 في المئة من الإنتاج العالمي الإجمالي، حيث انخفضت حصة «أوبك» من واردات النفط الخام الأميركية من 82 في المئة إلى 41 في المئة، ولذلك زادت المملكة العربية السعودية من إنتاجها في سبتمبر 1985. وكان الهدف من ذلك هو التسبب في تراجع السعر الذي من شأنه أن يضر بمنافسي المملكة العربية السعودية في منظمة أوبك ويجبرهم على الحد من الإنتاج.لاقت استراتيجية إغراق الأسواق العالمية بالنفط نجاحاً ملحوظا، حيث انخفضت الأسعار من 30 دولاراً للبرميل في نوفمبر 1985 إلى 10 دولارات بحلول يوليو 1986، وأدى تراجع أسعار النفط إلى انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لجميع دول مجلس التعاون الخليجي خلال عامي 1986 و1987. حتى إن البحرين وسلطنة عمان واجهتا عجزاً في الحساب الجاري خلال عام 1986، وشهدت دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى انخفاضاً في احتياطيها من النفط.انخفضت أسعار النفط بنسبة %66 بسبب زيادة العرض من الدول خارج أوبك. وحاولت منظمة أوبك هذه المرة حماية حصتها في السوق بدلاً من تحديد السعر المستهدف. وفي عام 1998 باءت تجربة النمور الآسيوية بالفشل، وكانت تلك السنة بداية انخفاض أسعار النفط، مما تسبب في قلق بين مصدري النفط، حيث انخفضت أسعار النفط العالمية من 25 دولارا للبرميل في أوائل 1997 إلى أقل من 10 دولارات للبرميل.تراجع الطلب وزيادة العرضكان الطلب على النفط من دول أميركا الشمالية وشرق آسيا في ارتفاع مستمر، وعلى إثر ذلك قررت منظمة أوبك زيادة الإنتاج. لكنها لم تفصح عن شدة الأزمة المالية التي بدأت في يوليو 1997 بانخفاض قيمة البات التايلندي وكذلك انخفاض العملات الآسيوية الأخرى. وفي ظل استقرار أسعار النفط بالدولار، وتزامناً مع ارتفاع قيمة الدولار بشكل كبير، ارتفعت تكلفة النفط لهذه الدول بشكل كبير نظراً لانخفاض عملتها المحلية، مما أدى إلى انخفاض الطلب على النفط في آسيا بمقدار 350000 برميل يومياً. بيد أن الركود الآسيوي كان عاملاً رئيسياً لذلك، لكن تزامنت معه العديد من الحوادث الأخرى بالإضافة إلى ضغوط كبرى لخفض الطلب.من الناحية التاريخية، قامت الدول المصدرة للنفط بإنتاج النفط بكميات كبيرة، وكانت المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة الدول الثلاث الوحيدة من أعضاء أوبك التي قيدت إنتاجها طواعية إلى الحصص المتفق عليها في منظمة أوبك في عام 1993. وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية لديها مقدرات عالية. وبحلول ديسمبر 1997، رفعت منظمة أوبك حصتها بمقدار 2.5 مليون برميل في 1 يناير 1998، قبل أن تقوم الأمم المتحدة في عام 1991 في أعقاب حرب الخليج مباشرة بفرض عقوبات على العراق وفرض حظر على تصديره للنفط. ولكن على الرغم من ذلك، خُفف الحظر عنها وسُمح لها في أواخر 1990 بتصدير النفط إلى قدر محدود بقيمة الدولار، وأدى كل ذلك إلى زيادة العرض في الأسواق العالمية. ومع تحديد الحد الأقصى للقيمة بالدولار، تمكن العراق من زيادة كمية صادراته، حيث انخفضت أسعار النفط.وفي أغسطس 1998، عجزت روسيا عن سداد ديونها، مما أدى إلى تخفيض قيمة الروبل الذي أدى بدوره إلى ركود في انخفاض الطلب على الوقود في السوق المحلية. وعلى إثر تخفيض قيمة العملة، عمد المنتجون إلى زيادة المعروض من النفط في السوق العالمية.ومع انخفاض أسعار النفط، خُفضت مستويات الإنتاج لتجنب المزيد من الهبوط في الأسعار. مما أضر بالاقتصاد وأدى إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 1999، وذلك بالنسبة للدول المنتجة للنفط، وكانت قطر الاستثناء الوحيد، لأنها كانت من الدول المصدرة للغاز وليست مصدرة للنفط.وفي الفترة ما بين عامي 1996 و1999، عانت السعودية من عجز مالي بسبب سياستها في خفض إنتاج النفط بغرض دعم أسعار النفط في السوق العالمية. ومع ذلك انخفضت فجوة العجز في عام 1999 بعد تغيير استراتيجيتها لزيادة الإنتاج، وأفصحت الكويت في تلك الفترة عن عجز قدره 0.33 مليار دولار. كما انخفض احتياطي دولة الإمارات العربية المتحدة في 1998 إلى 8.28 مليارات دولار مقارنة بزيادة قدرها 12.60 مليار دولار في عام 1997.وشهد مؤشر السوق الخاص بدول الخليج باستثناء قطر، انخفاضاً حاداً مع هبوط مؤشر عمان بنسبة 52 في المئة. وأدى الاعتماد الكبير في الاقتصاد الإقليمي على عائدات النفط واعتماد القطاعات غير النفطية على الإنفاق الحكومي إلى انخفاض القيمة السوقية للكويت وعمان والمملكة العربية السعودية بنسبة %36 و%32 و%28 على التوالي. وليس من المستغرب أن تلك الدول باستثناء الكويت، اضطرت إلى تقليص نفقاتها.أسباب الركودعند أول حالتي ركود في أسعار النفط، لم تكن الاستجابة فورية، حيث انخفض أسعار النفط تدريجيًا. وعلى صعيد آخر، كان هناك انخفاض كبير في أسعار النفط أثناء حالتي الركود التاليين (1993-1991 و1998).ويمكن حصر أسباب ذلك في ثلاث نقاط ملخصها ما يلي:أولاً: الانتقال من تسعير العقد في السبعينات إلى البيع الفوري في التسعينات. حيث عمل التغير الطارئ على العقد والذي أبقى على ارتفاع الأسعار لمدة محددة، على خفض مرحلة القدرة على الاستجابة.ثانياً: عززت الحصة السوقية الكبيرة لـ «أوبك» خلال السبعينات والثمانينات من قدرتها على التلاعب بالعرض من أجل التحكم في هبوط الأسعار. ورغماً عن ذلك، فقدت أوبك حصتها السوقية، كما فقدت قدرتها على التحكم في السعر.ثالثاً: أسواق العقود الآجلة المتطورة في التسعينات كانت تعني أنه يمكن للمرء أن يقوم بالمضاربة على أسعار النفط المستقبلية. ومع إيقاف عمليات المضاربة بسبب المدى المتوقع، ارتفعت أسعار النفط بسرعة أكبر، حيث ارتفعت أسعار النفط بشكل مطرد من منتصف عام 2003 حتى نهاية عام 2007 وبشكل حاد حتى منتصف عام 2008.وهنا زاد الطلب على النفط من الأسواق الناشئة وعلى وجه الخصوص من الصين والهند، حيث ارتفع استهلاك النفط العالمي بنسبة %1.9 سنوياً وهو ما يقارب ضعف معدل النمو السنوي المركب من %1.1 والتي سجلت بين عامي 1980 و2000. وأدى هذا الطلب المتزايد على النفط بالإضافة إلى سلسلة من الأحداث الأخرى التي وقعت خلال النصف الأول من عام 2008 إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط.كما كانت هناك العديد من الأحداث الأخرى التي حدثت مصادفة والتي لا تعني شيئا بمفردها، لكن حدوثها مجتمعة أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار النفط.توقفت فنزويلا عن بيع النفط الخام إلى إكسون موبيل، ثم أدى عمل إرهابي إلى تفجير خط أنابيب نفط رئيسي في العراق، مما أدى إلى انخفاض في تدفق النفط من 1.2 مليون برميل يومياً إلى 300 ألف برميل يومياً. كما انسحب عمال النفط الاسكتلنديون من وظائفهم في الوقت نفسه، مما يعني خسارة %50 من إنتاج المملكة المتحدة من بحر الشمال. وخلال نفس الشهر، أوقفت إكسون موبيل إنتاجها النفطي في نيجيريا بسبب إضراب العمال، مما أعطى متوسط إنتاج 800 ألف برميل يومياً في عام 2007. وفي وقت لاحق، انخفض تدفق النفط إلى ما يقرب من 1.36 مليون برميل نفط يومياً بسبب هجمات المتشددين والتخريب وإضراب العمال. وتسببت الهجمات المسلحة في نيجيريا، والتي لحقت شركة شل بعد ذلك، في تأمين 225000 برميل إضافي. وأخيراً، قام المحتجون النيجيريون بتفجير خط أنابيب، مما أجبر شركة شيفرون على إيقاف الإنتاج، مما يعني فقد 125 ألف برميل إضافي.أزمة 2008كان للأزمة المالية عام 2008 التي نشأت جراء أزمة الإسكان في الولايات المتحدة تأثير العدوى في جميع أنحاء العالم، حيث أدى انهيار أسعار النفط بسبب الطلب المنخفض عليه والأثر الذي لحق بالدول المصدرة للنفط إلى انخفاض مستويات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الخليج. وخسرت المملكة العربية السعودية ما يقارب %38.6 من عائدات التصدير في عام 2009، بينما انخفضت تلك العائدات في الكويت والإمارات بنسبة %37.4 و%19.7 على التوالي.بعد إبلاغها عن فائض قدره 157 مليار دولار في عام 2008، أفادت المملكة العربية السعودية عن عجز يقدر بـ23.4 مليار دولار أميركي في عام 2009. وكان لدى الكويت فائض قدره 29.3 مليار دولار، وهو ما يعتبر أقل بكثير مقارنة بفائضها البالغ 44.6 مليار دولار أميركي في عام 2007. وفي غضون ذلك، سجّلت الإمارات العربية المتحدة عجزاً مالياً بلغ 10.75 مليارات دولار في عام 2009. وانخفضت مؤشرات الأسهم لجميع دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة للأزمة المالية العالمية. ومع ذلك، فإن الانخفاض اللاحق في أسعار النفط الذي نتج عن انخفاض الطلب في أعقاب الأزمة لم يؤثر على أداء مؤشرات الأسهم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من انخفاض عائدات التصدير وغيرها من العائدات المالية بشكل حاد في عام 2009، فإن الإنفاق الحكومي استمر في الغالب كتدبير مضاد للحد من تأثير انخفاض أسعار النفط والأزمة المالية على اقتصادات كل دول مجلس التعاون الخليجي. وفي حين تباطأ نمو الائتمان والنقد وانخفضت الأرصدة المالية والخارجية بشكل كبير إلا أن المركز المالي لدول مجلس التعاون الخليجي كان قوياً، مما ساعد على الحفاظ على مستويات الإنفاق. 3 عوامل تؤثر في سوق الطاقة خلال الأزمات 1 – حساسية العرض والطلب، حيث الحقيقة المثيرة للدهشة في مسار النفط، وهي كيف يمكن لكمية قليلة من الطاقة الفائضة والتوريد أن تطغى على هذه السوق، ويمكن أن تنسب كل مسارات النفط إلى عدم التوازن في العرض والطلب، حيث جرى تحريك مسار أسعار النفط لعام 2014 بنحو 4 ملايين برميل يومياً من الطاقة الإنتاجية الجديدة، معظمها من أميركا الشمالية وبشكل رئيسي من مصدر غير تقليدي. ورفضت منظمة أوبك معالجة هذا العرض الزائد عن طريق خفض إنتاجها للحفاظ على أسعار النفط المرتفعة.2 – لم تعد أسعار النفط خاضعة لسيطرة منظمة أوبك. وأضعفت التقنيات الحديثة لإنتاج النفط غير التقليدي مثل النفط الصخري من قدرة المنظمة على التحكم في السعر. وخلال أزمة عام 2014، كان هناك الكثير من المنتجين الذين لم يتمكن تحالف أوبك من السيطرة عليهم، رغم قيامها بتجميد الإنتاج والتشجيع على إعادة رفع الأسعار بعد انخفاضها.3 – هناك مفهوم يسمى «الدورة الكبرى للسلع الأساسية». ويشير انخفاض أسعار النفط عام 2014 إلى مرحلة هبوط محتملة لتلك الدورة الكبرى التي تمر بها السلع الأساسية، وذلك على غرار انهيار أسعار النفط الذي حدث في الفترة من 1981 إلى 1986. وكانت كل تلك المشكلات منخرطة في أوجه شبه غريبة، كالتي حدثت في سياق الركود الذي أضعف الطلب على النفط، والذي صار بعد ما يقارب من عقد اتسم بالارتفاع، كما أفضت سرعة تنامي الطاقة إلى استثمارات مكثفة في استكشاف المنبع وتطويره. أما اليوم، فتشير المؤشرات إلى أن النفط يتجه إلى مرحلة السعر المنخفض من الدورة الكبرى التي تمر بها السلع الأساسية، مع بقاء أسعار المواد الهيدروكربونية ثابتة لعدة سنوات قادمة. تنافس روسي ـــ إيراني مما زاد الأمور تعقيداً، تلك المنافسات الحادثة بين منتجي النفط الرئيسيين مثل روسيا وإيران، والتي تتطلب ميزانياتها نفطاً بأسعار أكثر من 100 دولار للبرميل الواحد لتحقيق التعادل، مما مكن المملكة العربية السعودية من خفض الأسعار لمدة زمنية محددة بسبب احتياطياتها المالية العالية. وعلى الرغم من جهود التنويع، فإن دول مجلس التعاون الخليجي اعتمدت بشكل مبالغ فيه على عائدات الهيدروكربون (النفط والغاز) بغرض تمويل نفقاتها على البنية التحتية والبرامج الاجتماعية، حيث ساهمت الإيرادات النفطية في المتوسط بما يصل إلى نسبة %80 من إيرادات الميزانية خلال عامي 2010 و2013. ونتيجة لانخفاض أسعار النفط، تقلص الدخل لجميع دول مجلس التعاون الخليجي خلال عامي 2014 و2015 وذلك بالتزامن مع انخفاض وصلت نسبته إلى %41، %44، و%33 للمملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة على التوالي خلال الفترة من 2013 – 2015. ومع بلوغ احتياطي دول مجلس التعاون الخليجي إلى أكثر من 2.8 تريليون دولار ، كانت الاقتصادات الرئيسية تقود معدل تغطية إنفاق يزيد على ثلاثة أضعاف، وذلك استناداً إلى أرقام النفقات المقدرة لعام 2014. ووفرت هذه البرامج تغطية كافية لبرامج الإنفاق الحكومية المستقبلية، كما كبحت مخاوف المستثمرين بشأن التوقعات الإقليمية التي كانت تغذيها في الغالب برامج الإنفاق الحكومية. وعلى الرغم من الاحتياطيات الضخمة فإن مستويات الديون المنخفضة وملفات الائتمان المستقرة قدمت الكثير من الدعم لحكومة دول مجلس التعاون الخليجي خلال مرحلة الضعف التي عاشتها أسواق النفط. ومع ذلك تسيّد انخفاض أسعار النفط الأسواق في ذلك الوقت، حيث انخفضت أسعار الأسهم الخليجية بمقدار 200 مليار دولار في عام 2015. وتحركت أسعار النفط والأسهم الخليجية بشكل متلاحق منذ أن بدأت أسعار النفط في التراجع في النصف الثاني من عام 2014، مما يعني الارتباط المباشر بين أسعار أسهم دول مجلس التعاون الخليجي وأسعار النفط. لذلك، ازداد الارتباط والتذبذب في الآونة الأخيرة مع استجابة الأسهم الخليجية بقوة لتقلبات أسعار النفط.الجزء الأولالجزء الثانيالجزء الثالثالجزء الرابع
مشاركة :