مصطفى صلاح شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية يومي 12 و 13 يونيو 2019، فعاليات أول مؤتمر أفريقي لمكافحة الفساد بمشاركة نحو 50 دولة إفريقية، واربع دول عربية كضيوف، هي السعودية والأردن والكويت والإمارات، بمبادرة مصرية أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أثناء رئاسته وفد مصر في مؤتمر قمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الإفريقي، والذي تأتي أهميته كونه المؤتمر الأول من نوعه لمجابهة الفساد في أفريقيا مما يعزز الحضور المصري في القارة السمراء بعد أن تراجع دور مصر الريادي في ظل حالة الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، يضاف لذلك أن هذا المؤتمر ينعقد خلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي مما يعطي لهذا المؤتمر أهمية كبرى فيما يتعلق بأجندته وأساليب تطبيق السياسات المتعلقة بمواجهة الفساد لتحقيق نمو واستقرار الدول، وتنفيذ خطط التنمية المستدامة. رؤية مستدامة شهد المؤتمر بلورة العديد من السياسات والمقترحات بمشاريع قوانين لمكافحة الفساد والتي شملت العديد من الجوانب سواء المتعلقة بمكافحة الفساد أو تلك المتعلقة بتحقيق نمط مقبول من التنمية المستدامة في الدول الأفريقية؛ حيث أكدت الوفود المشاركة في ختام أعمال المنتدى على ضرورة العمل على بلورة خطط استراتيجية متكاملة لتحقيق التوازن المطلوب لمكافحة الفساد في القارة وتجفيف منابعه، ووضع خطط التنمية في المجالات المتعددة مثل التعليم والبحث العلمي والإعلام والقضاء والمكافحة الفنية وتعزيز التنمية الاقتصادية والبشرية من خلال تشكيل لجنة مشتركة من الأجهزة المعنية بإعداد ومتابعة الاستراتيجيات الوطنية والخبراء بالدول الأفريقية. إضافة الى ذلك، ناقش المنتدي إمكانية توظيف الجهود التنموية للدول لوضع مؤشر أفريقي لقياس الفساد، بما يتناسب مع السياق الأفريقي ومعبرًا عن خصوصية القارة وطبيعة الحياة داخلها والفروق الفردية بين دول القارة، كما ناقش مقترح تدشين منصة أفريقية للوقوف حول متابعة تطورات هذا الملف من خلال نقاط اتصال وطنية تتولي متابعة تطورات الفساد ونتائج جهود المكافحة ومتابعة التزام دول القارة الموقعة على اتفاقيتين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لعام 2003 من حيث قيام كل دولة باتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات وفقا لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية لضمان الحد من ظاهرة الفساد على أن تجتمع سنويا وتعلن نتائج عملها وتوصياتها. وأعلن المؤتمر تقنين آليه قانونية مؤمنة للتبادل الفوري للمعلومات بشأن جرائم الفساد، والقضايا المرتبطة به من غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بحيث تكون بروتوكول ملحق بالاتفاقية الأفريقية لمكافحة الفساد على أن تكون قرارات هذه الآلية ملزمة لكافة الدول الأطراف في الاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد، إضافة إلى توعية المواطنين وأجهزة مكافحة الفساد وتحفيزهم على الإبلاغ الفساد بجميع صوره. واستمرارًا للجهود أكدت الوفود المشاركة على ضرورة تقنين مراجعات لآليات مكافحة الفساد، وإيجاد أفضل الوسائل التي من شأنها التماشي مع الصور الجديدة للفساد، مع التأكيد على الأهداف المشتركة للدول الإفريقية في تحقيق مستوى عال من الشفافية على أن يتم ذلك في المؤتمر السنوي لاتحاد هيئات مكافحة الفساد، وضرورة تطوير قدرات الجهات العاملة في مجال مكافحة الفساد للتعرف على الطرق المستحدثة في مواجهة عائدات جرائم الفساد مع اتخاذ اجراءات جادة للتعرف على أسباب ضعف استرداد الموجودات في أفريقيا لتحديد أماكن الأصول المهربة وحجزها واستردادها، وذلك في ظل ضرورة دراسة وضع آلية منتظمة لعقد المنتدى وبصفة دورية يعرض فيها الموقف التنفيذي للتوصيات التي تصد عن المنتديات الدورية.(1) وفي المجمل جاءت نتائج المنتدى فيما يتعلق بالجهود المبذولة لرفع كفاءة المؤسسات وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد جاءت متسقة مع وتعزز تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للعديد من الدول لمكافحة الفساد وأشكاله، خاصة بعد أن قام الاتحاد الأفريقي باعتماد جدول أعمال طموح للتنمية المستدامة، وأن الكثير من الدول الأفريقية أخذت أشواطًا طويلة في محاربة الفساد في بلادها، مما يبرهن على استعدادها لتبني مثل هذه السياسات والبرامج. ريادة مصرية ناقش المؤتمر العديد من المحاور التي شملت جلسات بعنوان «آليات مكافحة الفساد على المستوى القاري»، وذلك لمناقشة جهود الدول في مكافحة الفساد، فضلًا عن دور المجتمع المدني والقطاع الخاص في مواجهة الفساد بأفريقيا، بجانب استعراض الدروس المستفادة من بعض تجارب الدول، وتأتى الجلسة الثانية بعنوان «تنمية قدرات الموارد البشرية في مختلف أوجه مكافحة الفساد بالقارة الأفريقية»، وذلك بهدف الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في محاربة الفساد في الدول الأفريقية، والجلسة الثالثة عقدت تحت عنوان «دعم التنسيق الحكومي الأفريقي البيني في مكافحة الفساد» وتناقش تعزيز التنسيق والتعاون لمكافحة الفساد ماليًا وقانونيًا وأمنيًا في أفريقيا، وآليات وتجارب استرداد الأموال، ومكافحة الفساد وصور الجريمة المنظمة والتي من بينها الاتجار في البشر والأعضاء والهجرة غير الشرعية. وأعربت وزيرة التخطيط المصرية الدكتورة هالة السعيد، في ضوء كلمتها التي ألقتها على هامش مشاركتها بجلسة «استدامة موارد القارة الأفريقية لخدمة أهداف التنمية المستدامة»، والمنعقدة ضمن فعاليات المنتدى، عن سعادتها واعتزازها بالمشـاركة في المنتدى، مشيرة إلى كونه يعد المنتدى الأول من نوعه الذي يُعقَد في القارة الأفريقية، مشيدة بالمشاركة الواسعة التي يشهدها المنتدى بما يعكس الاهتمام المتزايد الذي توليه الدول الأفريقية لقضايا مكافحة الفساد في إطار سعيها لتعظيم الاستفادة من كافة الموارد المتاحة ورفع كفاءة استخدامها، وكأحد الركائز الأساسية لجهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتناولت الحديث بشأن أهمية قضايا مكافحة الفساد في جهود تحقيق التنمية المستدامة، لافته إلى نتائج التقارير العالمية التي تؤكد على أن جهود مكافحة الفساد تعطي دفعة هائلة باتجاه تحقيق التنمية المستدامة، متابعة أن استراتيجيات المؤسسات العالمية قد شهدت تحولاً نحو وجوب مكافحة الفساد كسبيل لتحقيق التنمية المستدامة.(2) بجانب ذلك تحدث كل من وزيرة العدل والمدعي العام بدولة غانا جلوريا أفوا اكوفو والوزيرة المكلفة بالرقابة العليا بدولة الكاميرون والأمين العام للمنظمة الإفريقية للأجهزة العليا للرقابة روزمبا أشا فوموندا، التي أكدت خلال الحفل الختامي إلى أن القارة الأفريقية تحتاج إلى إجراءات فعالة عن طريق إشراك كل الجهات لمكافحة الفساد، موضحة أنها مسئولية كل دولة وكل حكومة أن تساعد بعضها البعض لمكافحة الفساد، وأضافت أن هدف المنظمة الأفريقية للمؤسسات العليا «الأفرو ساي»، هو نشر الشفافية والمساءلة والنزاهة في مجال إدارة الحسابات العامة. وتوالت التأكيدات بشأن ضرورة مكافحة الفساد من خلال المنصة الجديدة من جانب المستشار عادل السعيد رئيس جهاز الكسب غير المشروع، والمستشار أحمد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال، والسفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وأحمد عادل باشا ممثل هيئة الرقابة الإدارية بمصر، إلى جانب وزير العدل بدولة تشاد، ورئيس هيئة مكافحة الفساد بدولة الجابون، ومدير عام مكتب مكافحة الفساد بمالاوي، ورئيس لجنة الجرائم المالية والاقتصادية بنيجيريا، والمراقب العالم بتنزانيا.(3) إجمالًا: يمثل المنتدى الأفريقي بادرة أولية وحجر الأساس الذي أرسته مصر وتسير على دربه الدول الأفريقية فيما يتعلق بسياسات محاربة الفساد، وخلق بيئة إقليمية متسقة في أهدافها في تحقيق هذه الأهداف، وما يعزز من إمكانية تحقيق ذلك، هو استعداد الدول الأفريقية لتطبيق مثل هذه السياسات وتحقيق معدلات كبيرة في التنمية المستدامة، والأمر الثاني هو التنسيق الإقليمي مع العديد من المنظمات الإقليمية الأفريقية لتشكيل شراكات في مثل هذه الأنواع من السياسات. المراجع 1) المنتدى الإفريقي الأول يؤكد ضرورة وضع خطة متكاملة لمكافحة الفساد بالقارة. 2) نص كلمة وزيرة التخطيط في «المنتدى الأفريقي الأول لمكافحة الفساد» 3) 10 توصيات مهمة في ختام المنتدى الإفريقي الأول لمكافحة الفساد..مؤشر لقياس الفساد .. خطة للمكافحة .. منصة قارية للمتابعة .. آلية إلكترونية للمعلومات. المركز العربي للبحوث والدراسات
مشاركة :