غياب «مفجع» لمراكز الأبحاث المتخصصة في القضايا الأسرية والاجتماعية

  • 4/4/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عاب رئيس جمعية (وئام) للرعاية الأسرية ما وصفه بالغياب المفجع لمراكز أبحاث حقيقية متخصصة عن لعب الدور المناط بها في القضايا الأسرية والاجتماعية بالمملكة، وهو ما تسبب بحسب الدكتور محمد العبدالقادر في حدوث خلل مجتمعي كبير نتيجة تصدع جدران الأسرة السعودية. ودعا الباحث والأكاديمي المتخصص بشؤون الأسرة د. العبدالقادر الشركات الوطنية الكبرى، مثل شركات البترول والتعدين والهيئة الملكية وشركات القطاع الخاص للقيام بالدور المتوقع منها في مجال إعداد برامج تشغيلية وتنموية لمساعدة الشباب المقبل على الزواج، وتمويل المشروعات الخاصة بتدعيم الأسر وتمويل الأبحاث الاجتماعية والدراسات المتخصصة في مجال الإرشاد الأسري. الدكتور العبدالقادر وفي إطار كلمته التحضيرية التي تستبق انعقاد الملتقى السابع لجمعيات الزواج ورعاية الأسرة بالمملكة غدا في الدمام، بمشاركة خبراء وأخصائيين في مجال العمل التطوعي والإرشادي والأسري والنفسي وعلم الاجتماع وجمعيات الزواج والأسرة. طالب بضرورة أن تتصدى جلسات الملتقى لإشكالية التصاريح التي تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية تحت مسمى (تصريح جمعية زواج)، مطالباً بأن يكون التصريح باسم (جمعية أسرة) وليس (جمعية زواج) وذلك لتفعيل دور الجمعية وعدم حصره في مجال الزواج فقط، بل أن يكون شاملاً وقادراً على تقديم المشورة للأسرة في كافة المجالات. ورأى أن تعاون الجامعات والمراكز الأكاديمية المتخصصة مع جمعيات الزواج سلبي، ولا يلبي الحد الأدنى من الطموح، آملاً أن يتنبه القائمون على تلك الصروح الأكاديمية لهذه المعضلة، وأن يشاركوا القائمين على الجمعيات رؤاهم ودراساتهم للوصول إلى الهدف المنشود وهو تفعيل التكافل الأسري. وتطرق إلى إحصائيات الطلاق، معتبراً أنه يجري تضخيمها بسبب الإعلام، ولعدم تحليلها بشكل صحيح، وفق مناهج البحث العلمي الخاصة بالدراسات الاجتماعية والسكانية والأسرية، منبهاً في الوقت ذاته، إلى أن هناك ضرورة بالغة الأهمية بشأن العمل على تعضيد العلاقة مع وسائل الإعلام بوصفها القناة التي يمكن من خلالها مخاطبة الرأي العام والتأثير فيه. وشدد على وجوب معالجة ما وصفه بالصورة الذهنية المغلوطة لجمعيات الزواج عند الكثيرين، خاصة فيما يتعلق بما تقوم به من تنظيم فعاليات الزفاف الجماعي، وفيما إذا كانت هذه المهرجانات تقتصر على الفقراء والبسطاء والمحتاجين فقط. مؤكداً على أن هذه الصورة المغلوطة تسربت للعقل الجمعي وبين أوساط الشباب بفعل الفهم الخاطئ لبعض مراسلي وسائل الإعلام، وبسبب بعض التصريحات الصادرة عن المشاركين في تلك المهرجانات من المتبرعين وغيرهم من الجهات المانحة. وأكد على أن مهرجانات الزفاف الجماعي، هي ثقافة مجتمعية عامة، لا تقتصر على الشباب الفقراء فقط، بل إنها ثقافة مجتمعية تهتم بزرع قيم التوفير ومحاربة التبذير والتآخي والمحبة بين الشباب، وتحفيزهم على رفض القيم الاجتماعية البالية التي تستهلك ميزانياتهم الأسرية وتوقعهم ضحايا للديون والمظاهر الاجتماعية الكاذبة، وأن هذه الحفلات تستوعب الطبقات الاجتماعية المختلفة، ويشارك بها شباب وفتيات ميسورو الحال، وشباب وفتيات أغنياء ومقتدرون مادياً. وأشاد د. العبدالقادر بالمبادرات الذاتية التي تبنتها بعض القبائل والأسر السعودية في مناطق المملكة المختلفة وخاصة قبائل المنطقة الجنوبية وكذلك قبائل بني خالد في المنطقة الشرقية بمحافظة الأحساء، بهدف تشجيع مهرجانات الزفاف الجماعي ووضع حدٍّ أعلى للمهور وتقليل النفقات الخاصة بحفلات الأعراس وتكاليف شراء المصاغ وغيرها. عاداً ذلك من الأمور التي تسهم في تعضيد روح التكافل، بما ينعكس على الأمن والاستقرار الأسري والمجتمعي. ولفت إلى أن أهم أسباب تضخم ظاهرة العنوسة في المجتمع السعودي ترجع إلى غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج وانخفاض مستوى الدخل الشهري، وعدم توفر المسكن المناسب وتفضيل الفتاة الارتباط بمن يعمل في مرتبة وظيفية أعلى ويحصل على دخل مالي أكبر، وكذلك بسبب غرور بعض الفتيات ووقوعهن فريسة لأحلام اليقظة تحت وطأة الفضائيات والإنترنت. وكان الدكتور العبدالقادر قد حذر سابقاً من التأخر في طرح رؤية مستقبلية للأسرة السعودية، على مدى السنوات العشر المقبلة، تتناول حلولا إرشادية مبتكرة لتعزيز قيم التعاضد والتكافل الأسري في مواجهة ظواهر التفكك والعنف والعنوسة. إذ شدّد على وجوب صياغة ما سماه استراتيجية لـ هندسة المجتمعات ترتكز على منهجية بحثية ميدانية، ينفذها خبراء ومختصون في مجال الدراسات السكانية والتعليمية والصحية وعلم الاجتماع وعلم النفس ورجال القضاء وخبراء في المجال الأمني. ونبه الدكتور العبدالقادر إلى أن هندسة المجتمعات علم حديث لم يتم تسخيره في العالم العربي بشكل جيد حتى الآن، ويتطلب وقفة جادة من الجهات المسؤولة لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع وتحويله من مجرد مصطلح إلى ممارسة فعلية على أرض الواقع. لافتاً إلى أن من أهداف الهندسة المجتمعية الطرح الشمولي للقضايا المجتمعية سواء على صعيد تشخيص المشكلة أو على صعيد إيجاد الحلول. وضرب أمين جمعية وئام الدكتور العبدالقادر مثلاً على ذلك بقوله: إن المجتمع السعودي يشجع منذ فترة تزيد على عقدين من الزمن على تأصيل مفهوم (الزيجات الجماعية) لمحاربة ظاهرة اجتماعية خطيرة تتمثل بتفشي العنوسة. موضحاً أن هذه المبادرات تتم في إطار اجتماعي يغلب عليه القالب التطوعي والمبادرات الفردية والنهج الإداري للقائمين على جمعيات الزواج، مطالباً بأن يتم وضع هذه المهرجانات التي تهدف إلى الحد من ظاهرة العنوسة ضمن استراتيجة هندسة المجتمعات من خلال مفهوم إصلاحي اجتماعي أشمل وأعم، يراعي خطط التنمية في المناطق والمحافظات والمدن السعودية، بحيث تقدم خدمات شمولية تقوم على أساس رعاية الأسرة من جميع النواحي لمحاربة ظاهرة العنوسة، وبما يتسق مع خطط البنية التحتية وخطط التنمية المستقبلية التي تختص بقطاعات التعليم والصحة والخدمات البلدية والإسكان وغيرها. ويرى العبدالقادر في هذا الإطار، إنه لا يمكن أن نبادر إلى حل مشكلة العنوسة لنجد أنفسنا وقد وقعنا في مشاكل أكبر وأخطر ترتبط بالتأثير السلبي لخطط التنمية المجتمعية. فالزيجات الكثيرة والمتتالية على شكل مهرجانات جماعية مسألة في غاية الأهمية بكل تأكيد، لكن يجب أن يصاحبها تخطيط استراتيجي سليم في إطار صياغة شمولية لهندسة المجتمع، بحيث يتم التنسيق مع خبراء في مجال الأسرة والسكان، والأمن، والصحة والبلديات والإسكان والتربية والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية، لتقدير معدل الخصوبة في كل منطقة، وما هو معدل المواليد المتوقع، وكم ستبلغ نسبة الكثافة السكانية بعد عشر سنوات، وما هي الاحتياجات الخدمية التي ستحتاجها المنطقة بناء على ذلك. مشدداً على أن هذه كلها حزمة متكاملة لا يمكن التفريط بأي منها، بل يجب التعامل معها في إطار شمولي عام، يندرج تحت مفهوم هندسة المجتمعات لتكون النتيجة النهائية نهضة حضارية وتنمية مستدامة ومحاربة للظواهر المجتمعية السلبية وعلى رأسها مشكلة العنوسة. وأشار العبدالقادر كذلك إلى أن استراتيجية الهندسة المجتمعية تتطلب التخلي عن مجرد الاهتمام بالأطر التنظيمية من زاوية إدارية مجردة، حتى لا تكون على حساب الغايات والأهداف الاجتماعية الملحّة في ظل تعاظم المؤشرات المقلقة التي تؤثر في الأسرة والمجتمع، كما لا بد من تكاتف الجهود بين قطاعات الدولة وبين القطاع الثالث المعني برعاية الأسرة. مؤكدا أن إدارة جمعيات الزواج، لا تزال تركز على الجانب التنظيمي من الناحية الإدارية التي تهتم بتوفير حفلات زواج جماعي ومنح المتزوجين المستلزمات المنزلية مثل غرف النوم والأجهزة الكهربائية، والهدايا العينية ودفع أجور وتكاليف الزواج مطالبا بالبحث في حلول ذات صبغة مجتمعية تضمن استقرار الزواج وديمومته، عن طريق توفير فرص وظيفية وخلق استثمارات مشتركة للزوجين عن طريق مبادرات مدعومة من قبل الشركات الوطنية الكبرى في القطاعين العام والخاص. وفي هذا السياق، عرَّج العبدالقادر على ما سماه تعثر مناهج العلوم الإنسانية وعجزها عن إيصال رسالتها فيما يختص بدراسات الرعاية المجتمعية والإرشاد الأسري. لافتاً إلى أن مقارنة بسيطة بين أبحاث العلوم التطبيقية وبين الأبحاث في العلوم الاجتماعية تكشف أن التوصيات الخاصة بالدراسات العلمية الطبية والهندسية سرعان ما تجد طريقها للتنفيذ، بينما التوصيات الصادرة عن الأبحاث والدراسات الإنسانية فغالباً لا تجد توصياتها طريقاً للتنفيذ. وفي سياق التعريف بظاهرة العنوسة ومخاطرها على الأمن الأسري والاجتماعي، استعرض العبدالقادر العديد من الاحصاءات والدراسات المحلية والعربية التي تحذر من خطر العنوسة، ومنها ما أعدته وزارة التخطيط السعودية، وتشير إلى أن عدد اللاتي لم يتزوجن في العشرية الماضية وتخطين عمر 30 عاماً في السعودية، وصل إلى 1.529.418 فتاة، بنسبة تصل إلى 33.45 % من إجمالي عدد النساء في المملكة البالغ 4.572.231 فتاة. وفد الملتقى د. محمد العبدالقادر وخالد الجناحي مع مدير مكافحة المخدرات العميد عبدالله البدراني

مشاركة :