باريس - قال قائد في حلف شمال الأطلسي إن القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان ونظيره التركي خلوصي أكار ما زالا على اتصال بشأن خطط أنقرة لشراء منظومة دفاعية جوية روسية وقد يلتقيان خلال اجتماعات للحلف في بروكسل الأسبوع المقبل. وقال الجنرال الأميركي تود وولترز إن العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ما زالت "قوية بشكل تام وإيجابي"، وذلك على الرغم من قرار واشنطن إلغاء بيع المقاتلات من طراز إف-35 لتركيا إذا مضت قدما في شراء منظومة إس-400 الدفاعية الجوية الروسية. وقال وولترز في معرض باريس الجوي "لن نضع هذين الشيئين في مكان واحد.. منظومة إس-400 وطائرات إف-35". وأضاف "أعرف أنه سيكون هناك مواصلة للحوار للعمل على تفاصيل بين الوزير أكار والوزير شاناهان. في واقع الأمر قد تكون هناك فرصة للقاء الأسبوع المقبل خلال الاجتماع الوزاري لحلف شمال الأطلسي". وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال الخميس إن بلاده لن تتراجع عن قرار شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية إس-400 رغم التحذيرات الأميركية من أنها ستؤدي إلى استبعاد أنقرة من برنامج طائرات إف-35 المقاتلة. وأشارت تصريحات الوزير التركي إلى الاستياء الرسمي من رسالة كان القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان قد بعث بها قبل اسبوعين لنظيره التركي يحذر فيها من أنه سيجري استبعاد أنقرة من برنامج مقاتلات إف-35 ما لم تغير خططها الخاصة بتجميع منظومة إس-400. وفاقم العناد التركي خلافات علنية بين أنقرة وواشنطن منذ أشهر ووضع البلدين الحليفين والعضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على حافة أزمة دبلوماسية يبدو أنها آخذة في التصاعد منفتحة بذلك على كل الاحتمالات بما فيها فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية قاسية استنادا إلى قانون كاتسا الأميركي الذي يمنع شراء عضو في الناتو أسلحة من شركات روسية أو دول معادية. وأصبحت صفقة منظومة الدفاع الروسية (اس 400) منذ أشهر مصدرا للتوتر بين أنقرة وواشنطن التي ضغطت في الفترة الأخيرة بشدة على تركيا للتخلي عنها. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمسك بسياسة العناد والمكابرة التي دأب عليها مع بوادر كل أزمة على غرار الأزمة السابقة مع ألمانيا خلال الاستفتاء على الدستور الذي منح لاحقا صلاحيات تنفيذية واسعة للرئيس وأيضا تصعيده الهستيري ضد الشركاء الأوروبيين في ما يتعلق بانتهاك أجهزته لحقوق الإنسان وقمع المعارضة ومفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي. وأعلنت تركيا الأربعاء رسميا شراء منظومة اس 400 الروسية متوقعة أن تتسلمها في يوليو/تموز، معولة على إقناع واشنطن بضرورة الصفقة لأمنها، لكن الولايات المتحدة سبق أن رفضت كل المقترحات التركية ولوحت بإجراءات قاسية ما لم تتخل أنقرة عن الصفقة المثيرة للجدل، ما أثار قلق المستثمرين. وأي عقوبات أميركية على تركيا من شأنها أن تربك الاقتصاد المتعثر بناء على شواهد سابقة حين دخلت أنقرة في معركة ليّ أذرع مع واشنطن في قضية القس الأميركي أندرو برونسون الذي احتجزته السلطات التركية بتهمة الإرهاب واستخدمه الرئيس التركي كورقة لمساومة الحليف الأميركي. وخضعت أنقرة في النهاية للضغوط الاقتصادية الأميركية التي هوت بقيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها في تلك الفترة واضطرت للإفراج عن برونسون. وكان الرئيس التركي قد أعلن مرارا أنه لن يتم الإفراج عن القس الأميركي تحت أي ظرف مجادلا برواية تورطه في الإرهاب وأن قضيته بيد القضاء. واختبر أردوغان بالفعل قدرة الشريك الأميركي على إرباك الاقتصاد التركي ودفع الليرة إلى هوة عميقة، إلا أنه اختار في قضية صفقة اس 400 الروسية مسار المواجهة مع حلفائه الغربيين إرضاء على ما يبدو للشريك الروسي. وترتبط أنقرة باتفاقيات تجارية واقتصادية مهمة مع موسكو لن ما تجنيه من مكاسب من هذه الشراكة أقل بكثير مما تجنيه من حلفائها الأميركيين والأوروبيين. ويبدو أن أردوغان يراهن في عناده على الدعم الروسي لتجنب أثر أي عقوبات اقتصادية وعسكرية أميركية محتملة وهو أمر وارد جدا في الظرف الحالي. لكن بمنطق الربح والخسارة وبمنطق التحالفات لم تجنب الشراكة الروسية تركيا أثر الضغوط الأميركية السابقة. وليس واضحا حتى الآن ما إذا كان أردوغان يملك بدائل اقتصادية في مواجهة الضغوط الأميركية، لكن الأكيد أنه بعناده قفز بتركيا في المجهول. ولم يتجاهل الرئيس التركي فقط التحذيرات الأميركية من عواقب شراء منظومة اس 400 الروسية، بل تجاهل أيضا تحذيرات مسؤولين أتراك قدموا تقييما واقعيا لمنافع ومضار صفقة التسليح الروسي. وأدخل أردوغان بذلك تركيا في مواجهة على أكثر من جبهة بداية بالمواجهة مع الولايات المتحدة والناتو وصولا إلى الشركاء الأوروبيين الذين ينظرون بريبة كبيرة للتقارب التركي الروسي. ومنظومة إس-400 غير متوافقة مع أنظمة حلف شمال الأطلسي وتقول واشنطن إنها قد تشكل تهديدا لمقاتلاتها إف-35، التي تخطط تركيا أيضا لشرائها. واقترحت أنقرة أن يشكل البلدان العضوان في الحلف مجموعة عمل لتقييم تأثير منظومة إس-400. وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قد قال إن أنقرة تُعد ردا على رسالة شاناهان وإنها سترسله إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة. وقالت روسيا إنها تعتزم تسليم تركيا منظومة الدفاع الصاروخي في يوليو/تموز.
مشاركة :