أكدت الأرقام الرسمية الصادرة عن معهد الإحصاء التركي، انكماش الناتج الصناعي في أبريل الماضي بشكل حاد يفوق أقصى التوقعات المتشائمة، رغم ثبوت أن الأرقام الحكومية تخضع للتجميل لإخفاء عمق الأزمات المالية والاقتصادية. وأظهرت بيانات المعهد أمس أن الإنتاج الصناعي في تركيا انخفض في أبريل بنسبة 4 بالمئة بمقارنة سنوية وذلك للشهر الثامن على التوالي، وهو انكماش يفوق كثيرا توقعات الخبراء الذين استطلعت وكالة رويترز آراءهم، والذين رجحوا انكماشه بنسبة 2.5 بالمئة. ومن المتوقع أن يفاقم ذلك حالة الركود في ظل مؤشرات سلبية كثيرة يفاقم بعضها بعضا، وتمتد من ركود الاقتصاد وانكماشه من منتصف العام الماضي وغليان التضخم عند نسبة 19.5 بالمئة في أبريل بحسب الأرقام الرسمية، التي يرجح المحللون أن تكون أعلى بكثير في الواقع. وتزداد صعوبة الخروج من هذه الدولمة في ظل صعوبة اقتراض الشركات بسبب معدلات الفائدة المرتفعة، التي تزيد على سعر الفائدة الأساسي، الذي ثبته البنك المركزي الأسبوع الماضي عند 24 بالمئة. وتزداد وطأة بيانات الناتج الصناعي في المقارنة الشهرية، حيث أكد معهد الإحصاء التركي، أنه انكمش في أبريل بنسبة واحد بالمئة حتى بالمقارنة مع المستويات المتدنية التي بلغها في الشهر السابق. وتؤكد تلك البيانات الصورة القاتمة التي أعلنتها غرفة تجارة إسطنبول الأسبوع الماضي، والتي أكدت أن تكاليف التمويل التهمت معظم أرباح أكبر 500 شركة صناعية تركية في العام الماضي، الذي شهد أزمة العملة وسقوط الاقتصاد في قبضة الركود. وأضافت الغرفة في تقريرها السنوي أن الحصول على التمويل أصبح مشكلة مزمنة خلال السنوات القليلة الماضية وأنه لم يطرأ تحسن العام الماضي. وقالت إن تكاليف التمويل استأثرت بنحو 88.9 بالمئة من الأرباح التشغيلية للشركات الصناعية الكبيرة في العام الماضي، الذي شهد انحدار 119 شركة من أكبر 500 شركة تركية إلى مستنقع تسجيل الخسائر. وكانت شركات الصناعات التحويلية بين الأكثر تضررا من أزمة العملة، حيث فقدت الليرة أكثر من 30 بالمئة من قيمتها في العام الماضي. وقد ازدادت الأوضاع سوءا منذ ذلك الحين لتفقد الليرة نحو 16 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الحالي. 4 بالمئة نسبة انكماش الناتج الصناعي في أبريل بمقارنة سنوية وللشهر الثامن تواليأ وتمثل غرفة تجارة إسطنبول نحو 1800 شركة صناعية، تمثل غالبية الاقتصاد التركي، بسبب تسجيل معظم الشركات الكبرى فيها، حتى لو كانت نشاطاتها في بقاع أخرى من البلاد. وقال التقرير إن نسبة ديون أكبر 500 شركة صناعية ارتفعت إلى 67 بالمئة العام الماضي بينما نزلت نسبة رأس المال إلى 33 بالمئة. وأضاف أن ذلك الهيكل هو “الأكثر سلبية” على الإطلاق في تاريخ الاقتصاد التركي. ولا تقتصر حالة التراجع على الشركات الكبيرة، حيث تؤكد البيانات أن الانكماش في الشركات الصغيرة والمتوسطة أعلى بكثير مقارنة بأرقام الاقتصاد الكلي. وفي ظل انكماش جميع قطاعات البناء والإنتاج والصناعة، التي تمثل أركان القطاع الخاص في تركيا، اقتصر النمو فقط على المجالات التي ترتبط بالدولة، وتقدم أعمالا وخدمات تخص القطاع العام بسبب الرهانات ذات الطابع السياسي والتي ترهق أركان الاقتصاد. وكان البنك المركزي قد أكد في بيان سابق أن الاقتراض الأجنبي للشركات وصل إلى 226.8 مليار دولار في مطلع هذا العام، أي ما يعادل نحو 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في زيادة بواقع 5.5 مليار دولار مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة. واقترضت الشركات التركية نحو 190 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما دفع المحللين والمؤسسات المالية العالمية إلى توجيه تحذيرات شديدة بشأن تعرض الشركات لمخاطر ترتبط بالديون الأجنبية، التي تزداد وطأتها مع تراجع الليرة.
مشاركة :