سباق المسافات الطويلة - اميمة الخميس

  • 10/14/2013
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

في السنوات الأخيرة التي بدأنا فيها بتلمس معالم وجه الوطن والاحتفال باليوم الوطني بصورة إلزامية، لم يندرج الأمر في جهاتنا الأربع بسلاسة، كشأن وطني بدهي تمارسه كل دول العالم لاحياء الروح القومية، ودعم اللحمة الوطنية.. فقد كانت ترتفع الحواجز والمعوقات في الميدان بصورة تتربص بذلك الاحتفال وتحاول أن تفرغه من محتواه وتدفعه إلى الأطراف والهامش، وكانت هناك اشكالية تبتدئ مع فكرة الوطن عموما، انتهاء بموسيقى السلام الملكي والبرتوكولات المرافقة له. وكثيرا ماكنا نرى في مناسبات الاحتفال باليوم الوطني الحاضرات في القاعات يرفضن الوقوف للسلام الملكي، وإذا كانت الحاضرة في مواقع إدارية قيادية فإنها تختار التأخر عن الحضور لتفادي إحراج سماع موسيقى السلام الملكي واضطرارها للوقوف عند سماعه، وأذكر وقتها أن إحدى الزميلات قالت لي(لاتستغربي فهن يتكئن على فتوى بحرمانية الموسيقى، وحرمانية تبجيل السلام الملكي، وقبل كل شيء حرمانية الاحتفال باليوم الوطني). ويبدو أن الخطوات المتسارعة التي اتُخذت لجعل اليوم الوطني احتفالا مفصليا كل عام، كانت مقتحمة لمناخ بسيط ومقصى عن التعقيدات البروتوكولية في الدولة الحديثة، فهو من ناحية مشهد لاينسجم مع تفاصيل الذهنية الصحراوية البسيطة ذات البساط الحنبلي والبيئة المتقشفة، والتي تحمل ذلك الوعي الفطري الذي لم يرتد دهاليز الدولة العميقة وبروتوكولاتها، بل كان يخاطب شيخه باسمه المجرد، وحدود دولته تتسع وتنكمش بحسب مزاج الغيوم وتجمعات الغدران. لذا التدابير الجديدة صدرت عبر فتوى (كما هو عادتنا مع كل جديد وطارئ). بالاضافة إلى أن الكثير من الجهات لدينا وعلى رأسها (التعليم بشقيه العام والعالي) كانت مستغرقة في حلم الخلافة الشاسع وترفض الاعتراف بحدود الدولة القطرية وترفض أن تنبهها موسيقى السلام الملكي من حلمها الباذخ، إلى أن استيقظ المسؤولون بدلا من هذا على وقع التفجيرات التي طالت مدن المملكة، وعرف الجميع عندها أن المعركة الكبرى قد غادرت حيز الأفكار والمناهج ونزلت إلى الميدان عبر الأجنحة العسكرية. بالطبع هذه القضية إلى يومنا الحاضر مابرحت موضع شد وجذب وإن كانت هناك تحركات لاهثة عجلى لتدارك الموضوع عبر مادة للتربية الوطنية، وإجازة واحتفالات اليوم الوطني. ولكن ساعة المنبه هذه لم تستطع إيقاظ الذين مابرحوا في بلهنية الحلم، الوطن الكبير وأجنحة الخلافة. فعقب احتفالات العيد الوطني الماضي، سمعنا الكثير من حالات الغياب سواء في التعليم العام أو العالي أيام الاحتفالات، مما أدى إلى تحقيقات إدارية واستجواب بشأنها، ولا أعتقد أنه سيحسم الموضوع في السنوات القادمة. فإلى يومنا وحدود الوطن لم تتضح في رأس البعض.. فكم حاجز يجب أن يقفزه المواطن عموماً والطالب تحديداً ليصل إلى ساحة الاحتفال باليوم الوطني؟ فهو لابد أن يخوض سباق الحواجز حيال خريطة الدولة المتقاطعة مع دولة الخلافة، وكون يوم للاحتفال يتقاطع مع أعياد المسلمين، وأخيراً الحاجز الذي يحتاج القفز بالزانة كي يصل إلى الضفة الأخرى.. موسيقى السلام الملكي. على كل حال الوطن.. مابرح أحجية لدى البعض، وإلى أن يستطيعوا حل هذا اللغز المستعصي، فسنظل نلون قلوبنا بالأخضر.. ونرتكب حلمنا الوطني عاماً إثر الآخر.

مشاركة :