قالت مصادر مطلعة إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس ثلاث حزم من العقوبات على تركيا بسبب إصرار الأخيرة على شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي أس-400، فيما أدت هذه الأنباء إلى تراجع الليرة التركية أمام الدولار بنسبة 1.5 بالمئة الأربعاء. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن ثلاثة مصادر القول إن الحزمة الأشد من العقوبات التي يدرسها المسؤولون في مجلس الأمن القومي الأميركي ووزارتي الخارجية والخزانة ستؤدي إلى شلل شبه كامل للاقتصاد التركي المتعثر بالفعل، مضيفة أن أي عقوبات جديدة ستكون إضافة إلى القرار الأميركي السابق بإلغاء صفقة بيع الطائرات المقاتلة طراز أف 35 إلى تركيا إذا أصرت على شراء صواريخ أس- 400 كما تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأشارت بلومبرغ إلى أن الاتجاه الأقوى لدى المسؤولين الأميركيين يتمثل في فرض عقوبات على عدد من الشركات التركية الكبيرة العاملة في مجال الصناعات العسكرية وفقا للقانون الأميركي المعروف باسم “قانون محاسبة خصوم أميركا من خلال العقوبات” الذي يتيح فرض عقوبات على المؤسسات التي تتعامل تجاريا مع روسيا. وهذه العقوبات ستؤدي إلى حرمان الشركات التركية من التعامل مع النظام المالي الأميركي، وهو ما يعني أنه سيكون من شبه المستحيل بالنسبة لها شراء المكونات الأميركية لمنتجاتها أو بيع هذه المنتجات إلى الولايات المتحدة. ومازال الجدل يدور حول التهديد بوقف مشاركة تركيا في مشروع تطوير الطائرة المقاتلة الأميركية أف- 35، حيث تنتج الشركات التركية العديد من المكونات الرئيسية للطائرة التي تنتجها شركة “لوكهيد مارتن كورب” الأميركية، كما أنه من المتوقع شراء تركيا للعشرات من الطائرات من هذا الطراز.وبحسب المصادر، فإن الإدارة الأميركية قد تقرر فرض العقوبات على تركيا أوائل يوليو المقبل، بمجرد أن تبدأ تركيا تسلم مكونات النظام الصاروخي الروسي. ولا يريد الرئيس ترامب اتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن قبل قمة مجموعة الدول العشرين الكبرى التي تستضيفها اليابان أواخر الشهر الحالي، حيث من المتوقع أن يجتمع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويخشى الأميركيون من أن تُستخدم تكنولوجيا بطاريات أس- 400 لجمع بيانات حول طائرات الناتو العسكرية، وأن تصل هذه المعلومات إلى روسيا، كما يشير هؤلاء إلى مشكلات حول التوافق التشغيلي للأنظمة الروسية مع أنظمة حلف شمال الأطلسي الناتو. وإذا مرر الكونغرس تشريعا يحظر تسليم الطائرات أف- 35 أو نقلها لتركيا من دون منح الرئيس سلطة رفع الحظر، فقد تجد تركيا نفسها تتعامل مع وزارة خارجية غير متحمسة لدعم مثل هذا الإعفاء من الحظر بناء على شراء أنقرة نظام أس- 400. وإذا اقتنع كبار مستشاري السياسة الخارجية في الجناح التنفيذي بالولايات المتحدة بأن تركيا وليس الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه فحسب، أدارت ظهرها للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فقد يُعتبر حينئذ تعطيل برنامج أف- 35 ثمنا يستحق دفعه لإنقاذ الحلف من تقويض بلد عضو له علاقاته بدولة مثل روسيا التي تخالف بشكل أساسي قيم ومعايير السلوك لدى الحلف. والأسبوع الماضي، حذّرت ألمانيا السلطات التركية من عقوبات وخيمة حال عدم العدول عن شراء منظومة الصواريخ الروسية أس- 400، فيما هددت واشنطن مرارا بتسليط عقوبات على أنقرة ما لم تتراجع عن الصفقة التي تخل بأمن الحلف والدول الأعضاء. ولاقت صفقة شراء نظام دفاع جوي صاروخي روسي من جانب تركيا، مخاوف شديدة لدى ألمانيا بصفتها شريكا لتركيا في حلف شمال الأطلسي. وقالت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية أولريكه ديمر بالعاصمة برلين إن الحكومة الاتحادية تود أن تراجع تركيا قرارها مرة ثانية على خلفية موقفها داخل التحالف. وأكدت ديمر أن هذه الصفقة هي “موضوع تمت مناقشته باستمرار وبشكل جدلي داخل حلف الأطلسي”، مؤكدة أن “استيراد نظام أسلحة روسية يمكن أن يسبب أيضا فرض عقوبات أميركية ضد تركيا، وذلك لا يمكن أن يكون في مصلحة تركيا ولا في مصلحة الناتو”. وأعلنت الولايات المتحدة أنّها منحت تركيا مهلة حتى نهاية شهر يوليو للعدول عن شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية أس- 400 كونه يتضارب في رأي واشنطن مع طائرتها الشبح الجديدة أف- 35 التي تريد تركيا شراءها أيضا. وقالت وزارة الدفاع الأميركية إنّه في حال لم تتخلّ تركيا بحلول الحادي والثلاثين من يوليو عن شراء نظام أس-400، فإنّ الطيارين الأتراك الذين يتدرّبون حاليا في الولايات المتحدة على طائرات أف- 35 سيطردون، وستلغى عقود ممنوحة لشركات تركية لصناعة قطع لطائرات أف- 35. وبرّرت الوزارة هذا الإنذار بكون تركيا أرسلت عسكريين إلى روسيا للتدرّب على استخدام صواريخ أس- 400. وبحسب البنتاغون فإنّ واشنطن لن تسلّم أنقرة أيضا أربع طائرات أف-35 اشترتها لكنّها لا تزال في الأراضي الأميركية. وعلى الرّغم من التحذيرات الأميركية لا ينفكّ المسؤولون الأتراك يؤكّدون أنهم لا يعتزمون التراجع عن سعيهم لشراء منظومة الصواريخ الروسية. ويخشى الأميركيون من أن تُستخدم تكنولوجيا بطاريات أس- 400 لجمع بيانات حول طائرات الناتو العسكرية، وأن تصل هذه المعلومات إلى روسيا، كما يشير هؤلاء إلى مشكلات حول التوافق التشغيلي للأنظمة الروسية مع أنظمة الناتو. وقالت كاثرين ويلبرغر أحد أكبر واضعي السياسات في وزارة الدفاع الأميركية، إن استكمال الصفقة التركية مع روسيا سيكون “مدمرا” وسيوجه ضوأضافت ويلبرغر القائمة بأعمال مساعد وزير الدفاع “نظام أس- 400 الروسي مصمم لإسقاط طائرات مثل أف- 35 ولا يمكن تصور عدم استغلال روسيا هذه الفرصة لجمع المعلومات الاستخباراتية”. وفي الوقت الذي تركت فيه تركيا الباب مفتوحا أمام احتمال شراء منظومتي أس- 400 وباتريوت معا، حذرتها الولايات المتحدة من أنها ستسحب عرض باتريوت ما لم تغير مسارها. ويرى خبراء أنه إذا اسُتبعدت تركيا من برنامج مقاتلات أف- 35 فسيكون ذلك واحدا من أكبر الشقاقات في التاريخ المعاصر في العلاقات بين البلدين. ويتجاوز التوتر في العلاقات بين البلدين قضية مقاتلات أف- 35 ليشمل تعارض الاستراتيجية في سوريا والعقوبات على إيران واحتجاز موظفين في القنصلية الأميركية بتركيا. وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن تركيا تستعد لعقوبات أميركية محتملة بسبب صفقة شراء أنظمة الدفاع الروسية أس- 400، رغم أنه قال إنه يلمس تحسنا ما في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن شراء المقاتلات الأميركية أف- 35. ورغم أن واشنطن حذرت من أن أنقرة تواجه عقوبات بمقتضى قانون مجابهة خصوم أميركا عن طريق العقوبات إذا مضت قدما في الاتفاق، إلا أن تركيا قالت إنها تتوقع أن يحميها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
مشاركة :