أكل الباريسيون عام 1590 لحم الخيل والكلاب والقطط لشدة الحصار والجوع، وربما ظن العالم أنها تجربة لن تتكرر، أو أن المؤرخين اعتقدوا أنه من المستحيل أن يأكل الإنسان لحوم هذه الحيوانات من الجوع في القرن الواحد والعشرين، ليثبت نظام الأسد أنه ما من محال في سورية، لأن السوريين بدأوا فعلا بأكل لحوم القطط والكلاب والحمير، وأكد «ف.ق» أحد سكان مخيم اليرموك «لقناة العربية» أنه تم ذبح أول ثلاثة كلاب لإطعام من تبقى من أهل المخيم على قيد الحياة، وتأتي عملية الذبح وأكل لحم الكلاب بعد صدور فتوى من على منبر جامع فلسطين في مخيَّم اليرموك المحاصر منذ أكثر من تسعين يومًا حصارًا مُحكمًا وبعدَ فقدان الطّعام منه فقدانًا كاملًا.ونصت الفتوى على «جوازِ أكلِ لحمِ القطط والحميرِ والكلابِ للمُحاصَرينَ في المخيّم بعدَ أن بلَغُوا مرحلةَ الاضطرارِ المُفضي إلى الهَلاك»، وإن كان أهل مخيميّ اليرموك وفلسطين بدأوا بالبحث عن الكلاب والقطط الشاردة ليبقوا على قيد الحياة، وربما لكي يستطيع أولادهم التنفس، فإن ما حدث ويحدث في مخيمات الفلسطينيين في سورية لا يمكن أن يصنف تحت أي اسم يمت للإنسانية بصلة ولو من باب المواربة. ويبدو من الصعوبة بمكان توصيف حقيقة ما يحدث في مناطق دمشق الجنوبية لكثرة مآسيها، وشدة قسوتها، فمخيما اليرموك وفلسطين يعيشان حصارًا خانقًا منذ 90 يومًا، ما جعل الواقع المعيشي يتدهور بشدة لأكثر من 100 ألف مدني داخل المخيم مع الإغلاق التام لمعبر «اليرموك» على إثر حملة النظام التي يشنها على المنطقة الجنوبية والتي أطلق عليها النظام اسم «الجوع أو الركوع»، ويعيش سكان مخيمي اليرموك وفلسطين حياة لا يتوافر فيها أي مقوم من مقومات الحياة، فالحصار ترافق مع انقطاع تام للكهرباء والاتصالات وعدم دخول المواد الغذائية، حتى أنه وفي بداية الحصار وحسبما يروي «ف.ق» قام الأهالي بالتعويض عن فقدان مادة الطحين بشكل كلي، بطحن الحبوب كالعدس والبرغل لصناعة الخبز بالطرق القديمة، إلى أن نفدت هذه الحبوب وبشكل كلي. وفي مناطق دمشق الجنوبية لم يتوقف القصف ولا حتى يومًا واحدًا. ومخيما اليرموك وفلسطين حاليًا يحملان اسمًا فقط، فالحيان الكبيران اللذان كان يسكن فيهما فلسطينيو سورية، تحولا ليصبحا تجمعًا من الخرائب والأبنية المهدمة، وسكانهما باتوا جوعى يعانون العديد من الأمراض مع غياب أي مساعدة حقيقية فيما يخص الأدوية والطعام.ولم يقف فلسطينيو سورية موقف المتفرج على القتل الذي مارسه النظام السوري بحق الشعب.
مشاركة :