«حياة» المحتاجين للأعضاء تتطلب تعزيز ثقافة التبرع

  • 6/21/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: إيمان عبدالله آل علي لا توجد إحصاءات دقيقة معلنة عن أعداد المرضى الإماراتيين الذين يعانون من الفشل العضوي، أي لديهم أعضاء تالفة؛ وبحاجة إلى زراعة لإنهاء معاناتهم ومنحهم فرصة جديدة للحياة من دون آلام. ومع إطلاق تطبيق «حياة» للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، تغيرت حياة أكثر من 33 مريضاً بعد زراعة الأعضاء لهم من متبرعين متوفين، إلا أن ثقافة التبرع بالأعضاء لم تصل إلى المستويات المرجوة، ولا تحظى بالقدر الكافي من الانتشار، ولا توجد برامج فعلية لتوعية المجتمع بأهمية هذا العمل الإنساني، وكتابة مستقبل أفضل لمريض ظل أسيراً لسنوات عدة في المستشفيات، وطال انتظاره على قائمة الانتظار بحثاً عن متبرع. وأكد أطباء أن المجتمع بحاجة إلى تعزيز ثقافة التبرع بعد الوفاة، وطرح برامج تستهدف الشباب من خلال منصات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن نشر قصص واقعية لمتبرعين أنقذوا حياة أكثر من خمسة مرضى، وتكريس هذه الثقافة داخل الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع، موضحين أن تلك الثقافة منتشرة في بعض الدول الأجنبية، في حين ما زالت أقل من المطلوب في المجتمعات العربية. أكد الدكتور عبدالله الخياط المدير التنفيذي لمستشفى الجليلة التخصصي للأطفال أن مستشفى الجليلة ضمن المستشفيات المسجلة لزراعة الأعضاء، ونجحنا في إجراء عمليتين، وأجريت أول عملية زراعة كلى للأطفال بإمارة دبي، وأجراها فريق طبي مشترك من الجليلة للأطفال، وجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وشهدت العملية تعاوناً نموذجياً بين تسع جهات حكومية وخاصة، عملت معاً بالتوازي لضمان سلاسة وسرعة إجراء زراعة الكلية، والعمليتان بداية لسلسلة من العمليات المماثلة. وأشار إلى أن ثقافة التبرع بالأعضاء ما زالت أقل من المطلوب، فالمتوفى دماغياً بإمكانه إنقاذ حياة الآخرين، ونحن بحاجة إلى متبرعين بالأعضاء بعد الوفاة سريرياً، فإذا زاد الإقبال على التسجيل في تطبيق حياة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، فسنتمكن من إنقاذ الأرواح بإذن الله، فالأمر يتطلب عملاً جماعياً ورعاية من الله تعالى. إعداد الأدلة الإرشادية وأكد الدكتور يونس كاظم المدير التنفيذي لمؤسسة الرعاية الصحية التابعة لهيئة الصحة في دبي أنه يتوقع البدء بعمليات زراعة الأعضاء قريباً في أحد المستشفيات التابعة لهيئة الصحة. وأشار إلى أننا بحاجة إلى تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة في المجتمع، وتشجيع أفراد المجتمع بأهمية هذا العمل الإنساني. وأكد أن الهيئة تستند إلى المعايير والبروتوكولات الخاصة بعملية التبرع ونقل وزراعة الأعضاء، بما يتوافق مع القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2016 الصادر في شأن تنظيم نقل وزراعة الأنسجة البشرية، مشيراً إلى أن الهيئة تعمل على إعداد الأدلة الإرشادية والبروتوكولات الخاصة بعملية التبرع، ونقل وزراعة الأعضاء، وفقاً للتشريعات السارية في الدولة.وأشار إلى ضرورة زيادة التوعية والتثقيف حول التوسع في برامج نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة، والتي من شأنها أن تحسن فرص الحياة الطبيعية لمرضى الفشل العضوي ممن ينتظرون على قائمة الانتظار الوطنية لمرضى الفشل العضوي. هناك بوادر نيرة أكد الدكتور معن فارس استشاري القلب والأوعية الدموية ونائب رئيس خدمات المرضى العالمية في كليفلاند كلينك أوهايو بالولايات المتحدة أن عدد المحتاجين للقلب في الولايات المتحدة وصل إلى 5000 مريض بحاجة إلى زراعة قلب، ومركزنا يجري سنوياً 50 زراعة قلب من المتبرعين بعد الوفاة. وقال: إن ثقافة التبرع بالأعضاء مهمة، ففي مجتمعنا العربي هناك بوادر نيرة بتعزيز تلك الثقافة، وثمة بوادر بأن الحكومات والكوادر الصحية تشجع على التبرع بالأعضاء، وخاصة أنه لا يتعارض مع القيم والأخلاق، بل يتماشى مع قيمنا، بمنح الآخر فرصة للحياة من جديد، وما زلنا بحاجة إلى زيادة جرعة الثقافة. التطور في الأدوية وأكد الدكتور نزار زين رئيس قسم أمراض الكبد وزراعة الكبد في كليفلاند كلينك أوهايو بالولايات المتحدة أنه من الناحية الطبية التطور الأساسي الذي غير في زراعة الأعضاء هو التطور في الأدوية التي تؤخذ بعد الزراعة، حيث تعطي فائدة لجهاز المناعة ومن دون أي آثار جانبية، ومن الناحية الأخرى يتعلق التطور حسب العضو، ففي زراعة الكبد، فإنه بالإمكان إعطاء الكبد لمريضين بدل مريض واحد، والآن ثمة تطور عبر استخدام أعضاء كانت سابقاً تعتبر سيئة، ففي كليفلاند دُشن قسم لتصليح الأعضاء، فإذا توفي المريض وتبرع بكبده وفيه كمية من الشحوم، يجري إصلاحه وتحسين وظائف الكبد، وتالياً يصار إلى زرعه، وهذا التطور يغير معايير الزراعة، لأن ثمة نقصاً في أعداد المتبرعين بعد الوفاة. وقال: في أمريكا نحو 15 إلى 20 ألف مريض بحاجة إلى زراعة كبد، وسنوياً يجري توفير من 5000 إلى 6000 كبد، وإلى الآن ثمة أشخاص لا يعيشون فترة كافية حتى يحصلوا على الكبد، وثقافة التبرع بالأعضاء منتشرة بالولايات المتحدة وأوروبا أكثر من الشرق الأوسط، ومع ذلك ففي أمريكا 50% لا يتبرعون، ونتأمل أن تتغير تلك الثقافة. ثقافة منتشرة وأكد الدكتور ربيع حنّا استشاري أمراض الدم والأورام وزراعة نخاع العظام عند الأطفال والبالغين أن ثقافة التبرع بالأعضاء تشهد تطوراً ملحوظاً، ولكن ليس بالشكل الكافي، ففي إحدى الدول، بمجرد أن يحصل الشخص على رخصة القيادة يكون متبرعاً بالأعضاء إلا في حال رفضه، لأنها ثقافة منتشرة، ولكن في مناطقنا ما زالت الثقافة أقل من المطلوب، وما زالت النسبة قليلة للمتبرعين بعد الوفاة.وقال: هذا الجيل يستحسن التواصل معه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عبر نشر الثقافة من خلال تلك المنصات، وعن تجربة سابقة، فقد عرضنا قصة مريضة على مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج إلى من يتبرع لها بعضو، وكان التفاعل كبيراً، وكان هناك أكثر من 2000 شخص، وبتلك الأساليب البسيطة نستطيع تعزيز تلك الثقافة، ونشرها من خلال عرض القصص لتفاعل المجتمع معهم. عدم وجود متبرعين أكد الدكتور «إي جي كيه جوخال» في قسم جراحة القلب والرئة وجراحة القلب الصدري في مستشفيات «أبولو» العالمية أن المشكلة التي تواجه المرضى القادمين من منطقة الخليج عدم وجود متبرعين للعضو المطلوب، وهو ما يؤخرهم في إتمام العملية.وقال يروج البعض بانتقال عواطف المتبرع إلى المتلقي بعد عملية زراعة القلب، وكلها مجرد تقارير قصصية عن هذا الأمر، ولكن لا يوجد حتى الآن ما يكفي من الأدلة العلمية لدعم مثل تلك الأفكار. جهود وطنية وأكدت جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية في مدينة دبي الطبية أن أول وثاني عملية تبرع وزراعة للأعضاء في دولة الإمارات أجريت في سنة 2017 لتجسد روح الفريق الواحد والعمل الدؤوب، ليجري إنقاذ حياة العديد من مرضى الفشل العضوي، ولتكون بداية انطلاق للبرنامج الوطني لزراعة الأعضاء تحت قيادة وزارة الصحة ووقاية المجتمع، ومشاركة العديد من الجهات الصحية والحكومية والخاصة الوطنية، وبالتعاون مع المركز السعودي لزراعة الأعضاء. وأجريت أول عملية تبرع وزراعة متعددة لأعضاء متبرع متوفى في دولة الإمارات بتاريخ ال 15 من يوليو /‏ تموز 2017، حيث تبرع المتوفى بخمسة أعضاء أسهمت في إنقاذ خمسة أرواح، وأجريت ثانية عمليات التبرع والزراعة المتعددة في دولة الإمارات بتاريخ ال 23 من سبتمبر /‏ أيلول 2017، حيث نُفذت 4 عمليات زرع ناجحة أسهمت في إنقاذ 4 أرواح. سجل أكثر من 300 شخص من المواطنين والمقيمين بالدولة، في التطبيق الإلكتروني «حياة»، بعد أن أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في التاسع والعشرين من شهر يناير الماضي. ويمنح التطبيق الحياة للكثير من المرضى، ومن هنا جاء اسم المشروع، والشاهد أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع كانت تستقبل الكثير من الحالات الحرجة التي تحتاج إلى زراعة قلب أو كلية أو كبد، من دون القدرة على مساعدتهم أو إنقاذهم، وأن الكثير من هذه الحالات التي أرسلتها الوزارة إلى الخارج، انتظرت طويلاً ضمن قوائم الانتظار، لأن الحصول على متبرع مطابق أمر غاية في الصعوبة، ولأن الدول الأخرى التي تجيز إجراء هذه العمليات، تعطي الأولوية لمواطنيها، وتمكنت الدولة اليوم من تجاوز هذه العقبات من خلال مشروع «حياة». ووصل عدد المستفيدين من التبرع بالأعضاء إلى 33 مريضاً من دولة الإمارات، سواء من المواطنين أو المقيمين، حيث استفادوا من أعضاء 14 حالة موت دماغي، واستؤصلت الأعضاء اللازمة منهم لمصلحة هؤلاء المرضى. واعتمدت وزارة الصحة أربعة مستشفيات في الدولة لزراعة الأعضاء بعد تقييمها من قبل الجهات المختصة خارجياً ومحلياً، وهي مستشفى كليفلاند في أبوظبي، ومستشفى الشيخ خليفة في أبوظبي، ومستشفى الجليلة للأطفال في دبي، ومستشفى city hospitalmediclinic في مدينة دبي الطبية، كما أن هناك بعض المستشفيات الأخرى المعتمدة لاستئصال الأعضاء، وهي مستشفيات القاسمي والفجيرة وراشد والمفرق.

مشاركة :