دخل حزب الأصالة والمعاصرة المغربي في أزمة جديدة بعد تبادل الاتهامات بالفساد بين قياداته كتداعيات للهجوم الذي شنه أمينه العام حكيم بنشماش على خصومه من داخل الحزب. وكان بنشماش قد وجه رسالة مفتوحة إلى أعضاء حزبه، كان قد نشرها على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك أثناء وجوده في الإكوادور في مهمة رسمية، محذرا إياهم من وجود “شبكات جشعة وتحالف مصلحي”. ورد معارضو بنشماش عليه في رسالة مشابهة، لم تتضمن أسماء محددة، ورد فيها “هل نسيت كيف وصلت إلى رئاسة مقاطعة يعقوب المنصور وأنت لا تعرف هناك أحدا، هل أصابك الخرف إلى درجة أنك نسيت من أوصلك إلى مجلس المستشارين، هل تتذكر كيف كنت ‘عدما’ ثم فجأة صرت تشتري الفيلات؟”. وتابعوا “يبدو أنك لبست ‘جلابة’ أكبر من حجمك”. وتساءل معارضو بنشماش في رسالتهم “أليس الذي يساندك اليوم الأولى به أن يعرض على لجنة الأخلاقيات لأنه حولنا إلى مسخرة أمام خصومنا وليس من عبروا عن رأيهم بشكل حر”. واتهم بنشماش “مليارديرات الحزب الجشعين” بتدبير معركة السطو على اللجنة التحضيرية للمؤتمر القادم للحزب واستعجال عقده بترديد شعارات فضفاضة على شاكلة “تجديد النخب” و”الاستجابة لنداء المستقبل” و”قيادة جديدة من الشباب” معتمدين “على مواقع صحافية مستعدة دوما للتلفيق والتزوير والتلميع”. واعتبر أن في هذا السياق هناك “إرادتين: إرادة السطو على مؤسسات الحزب وعلى رصيده النضالي وتوظيفه لتنمية الأرصدة المعلومة، وإرادة الشرعية وتصحيح المسار”. وقالت مصادر من داخل الحزب إن بنشماش لم يوفق في وقف حركة خصومه الذين يضيقون عليه الخناق وأنه لم تكن قرارات الطرد والتوقيف التي قام بها الأمين العام في حق عدد من القيادات وسيلة فعالة في تعزيز موقعه ولهذا لجأ إلى هذه “الوسيلة الفاضحة” عله يكسب ود الباقي من أعضاء الحزب. وهناك من عاب على بنشماش استدعاء مصطلحات قدحية في حق خصومه لا تليق به كمسؤول. وهنا استغرب الشيخ الوالي، عضو المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة، أن تصدر رسالة بهذا الشكل عن الأمين العام للحزب الذي يعد أيضا الرجل الرابع في هرم الدولة من منطلق منصبه كرئيس لمجلس المستشارين. شرع "تيار المستقبل" المعارض في التعبئة لتقديم موعد مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، عقب رفض المحكمة في مدينة أكادير الطعن الذي تقدم به الأمين العام والقاضي بوقف اللجنة التحضيرية وأوضح الوالي “هذا المنصب وواجب التحفظ يحتمان عليه انتقاء المصطلحات بشكل دقيق والابتعاد عن العراك والعنف اللفظي فما بالك بالتشهير والضرب في مصداقية مؤسسات تشتغل تحت رقابة أجهزة الدولة”. وقال “الأمين العام ومن في فلكه الذي يسعى إلى إقحام جميع المؤسسات الدستورية في الاختلاف الداخلي بين أبناء الحزب الواحد هو نهج سياسة الأرض المحروقة، لا يهم لا مشروع الأصالة والمعاصرة ولا رموزه ولا أي شيء”. وتداول التيار المناهض لحكيم بنشماش تعجيل وقت المؤتمر الوطني الذي كان مقررا في أكتوبر المقبل، وفي حين أن هناك من يلح بتعجيله رجحت مصادر أن يتم تنظيمه في أغسطس القادم وذلك لوضع نهاية لمسؤوليات الأمين العام الحالي الذي تضاعفت في عهده المشكلات التنظيمية. وقال عبداللطيف وهبي، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة والمناهض لمواقف بنشماش، “الرجل (بنشماش) يؤذي نفسه بهذه التصرفات، وهو بذلك يدفعنا بشكل جدي أكثر فأكثر لحماية الحزب منه أكثر من أي شيء آخر”. ونفى بنشماش أن تكون لديه “أي أطماع في الكرسي”، مؤكدا أنه يطمح فقط لأن “يستعيد حزبنا قوته ووهجه كي يؤدي ويستأنف دوره التاريخي”. واعتبر مراقبون أن لجوء بنشماش إلى أسلوب الرسائل دليل على تخبطه بعد التضييق عليه وضعف حجته، وهو ما لا ينتظر منه التأثير في مجريات الأمور حتى وإن كانت الاتهامات المتبادلة بتبذير المال العام. وقال بنشماش “حسابات الانتخابات المقبلة، ليست من زاوية استراتيجيات مواجهة خطر الولاية الثالثة، ولكن من منطلق التزكيات والتحكم فيها باستعجال تنظيم المؤتمر لإفراز أمين عام متحكم فيه”. وشكل منح التزكيات داخل الحزب اتهامات ارتكز عليها كل طرف في هجومه على الآخر، فبنشماش يراها “مدرة للدخل المباشر الغزير الذي لا يجد طريقه لحساب الحزب البنكي؛ والذي ينفع لشراء الولاءات وصناعة زعامات قادرة على إحداث الضجيج”. ويقول أيضا إنه يتم اللجوء إلى هذه التزكيات على أساس أنها “المعبر الضروري نحو السلطات المحلية لعقد الصفقات أو تجديدها”. وشرع “تيار المستقبل” المعارض في التعبئة لتقديم موعد مؤتمر حزب الأصالة والمعاصرة، عقب رفض المحكمة في مدينة أكادير الطعن الذي تقدم به الأمين العام والقاضي بوقف اللجنة التحضيرية وكان قرار المحكمة بمثابة دفعة قوية لهذا التيار للمضي قدما في عمله.
مشاركة :