يتمتع كل المواطنين في أي بلدٍ على اختلاف فئاتهم، وشرائحهم، وأصولهم، وأعراقهم، وأوضاعهم المادية؛ بكامل الأهلية، ولهم نيل حقوقهم كاملة غير منقوصةٍ، وعليهم الواجبات نفسها. ويبقى ذوو الإعاقة مواطنين صالحين، لهم حق المشاركة في التنمية المجتمعية، وقد حصل بعضهم على درجتي الماجستير والدكتوراه، في حين لم يتمكن البعض حتى من دخول المدرسة، أو محو الأمية القرائية، ومع هذا نرى بعضهم قد ضرب أروع الأمثلة في الإرادة والتحدي، وعلى سبيل المثال لا الحصر: نجد اسماً لامعاً كاسم الدكتورة مريم المهوس، (حاصلة على دكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة حائل) أنموذجاً مُشَرِّفاً لذوي الإعاقة، فمن على كرسييها المتحرك تبني عقول أمةٍ من خلال جيلٍ كاملٍ من مؤرخي المستقبل المميزين، وتحاضر في التاريخ الحديث؛ لتصنع لها تاريخاً ناصع البياض، ملؤه التحدي، عدا عن كونها تحاول جاهدةً بذل كامل وسعها لمساعدة أمهات الأطفال الذين يعانون الشلل الدماغي، وتقدم لهن مشورة المختصين في هذا المجال عبر ملتقى «تواصلي اجتماعيٍّ يحمل اسم: «إعاقتي سِرُّ قوتي». هنا أجد أن كل مفردات الثناء في قاموسي لا تفيها حقها، فهي امرأةٌ مثاليةٌ بكل المقاييس، وفارسةٌ من فارسات التحدي والإرادة، فلله درها وطوبى لها. والأمثلة على ذلك تطول، ولا مجال لحصرها في مقالٍ واحدٍ، ولا عشراتِ المقالاتِ والمؤلفاتِ. لقد تجاوز الزمن النظرة الدونية لذوي الإعاقة، أو لنقل بعبارة ألطف: نظرة الشفقة، فنحن مقبلون على عصرٍ جديدٍ، وزمن رؤيةٍ تركز ضمن أهدافها على تكافؤ الفرص بين المواطنين، وبإمكان وطننا إشراك من لهم إرادةٌ حديديةٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة في عملية التنمية المجتمعية على اختلاف إعاقاتهم، ولا سيما وقد أظهروا مواهب شتى، فكم من أعمى، أو أصم ومصاب بمتلازمة (داون)، أو بأنواعٍ مختلفةٍ من الشلل؛ قد برعوا في مختلف الفنون البصرية، وصنوف الأدب شعراً، ونثراً، وسرداً قصصياً، وروايةً. إذن؛ يجب أن يتم القضاء على مشكلة الأمية بين صفوف ذوي الإعاقة، ويجب أن يحظى كل مواطنٍ صالحٍ باهتمامٍ كاملٍ؛ لينال حقه في التعليم والعلاج والرعاية الاجتماعية، ليقوم كلٌّ بواجبه تجاه وطنه، والارتقاء به، وعلينا أن نعي جيداً أن كل من تحدى ظروفه، ووصل إلى مراتب متقدمة من التعلم والمهارة والإنتاج؛ يستحق منا وقفة احترام.
مشاركة :