أكد عبدالرحمن بن صبيح السويدي، المدان في قضية التنظيم السري والصادر بحقه قرار عفو من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن مستوى الوعي والنضج الذي يتحلى به المجتمع الإماراتي، هو ما حصّنه من مؤامرات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الإمارات. وتوجه السويدي بالشكر إلى صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لحرصهم على ترسيخ معاني العفو والرحمة الأبوية من الوالد تجاه أبنائه وحُسن الظن بهم بعد عودتهم عن خطئهم وإعلانهم التوبة. وتحدث ابن صبيح في مقابلة متلفزة، بثت ظهر أمس الجمعة، عن تفاصيل جديدة كشفت عن تزايد أعداد المنشقين عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بعد مراجعة العديد من المنتسبين أو المتعاطفين لحساباتهم والتي تكشف حقيقة الإخوان، خصوصاً تفاصيل المؤامرات التي حاكها هذا التنظيم الإرهابي لهدم الدول وتهديد استقرارها، مؤكداً أن مفهوم البيعة التي يقدمها أفراد التنظيم لأشخاص من الخارج وما يرتبط به من مفاهيم الطاعة المطلقة يثبت مدى خيانة هذه التنظيمات لأوطانها، وهو ما أثبتته التجارب التي مرّت بها المنطقة. وشدد السويدي على أن الأعمال الخيرية كانت عبارة عن واجهة لنقل الأموال إلى فروع التنظيم الإخواني في بلدان أخرى، ودعم مشاريعهم الهادفة إلى تجنيد الشباب ونشر الأفكار المتطرفة، مشيراً إلى أن المبالغ التي رصدت لتنفيذ أجندة التنظيم ما هي إلا تبرعات تصوَّر المحسنون أنها ذاهبة إلى المحتاجين. ونوَّه بأن المعاملة الراقية والحضارية التي لقيها من أجهزة الدولة منذ لحظة توقيفه إلى صدور قرار العفو، نسفت كافة الأكاذيب والادعاءات التي رسمها تنظيم الإخوان المسلمون في ذهنه، والتي تجلّت في حُسن الاستقبال وتوفير الرعاية الصحية وغيرها من الإجراءات. وحول مشاعره عقب صدور قرار صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بالعفو عنه قال السويدي: «كثير من الناس لا يمكن أن يشعر بهذا الشعور في أن تكون في مكان وفجأة تخرج وتصبح إنساناً محبوباً ومرغوباً فيك من قبل أسرتك وأهلك وأصدقائك»، مضيفاً: «أهنئ اليوم نفسي بأن حزت بفضل الله تعالى على رضا ولي الأمر ورضا الوالدين والأرحام». وتوجه السويدي بالشكر إلى صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأفاد: «جميع أفراد عائلتي وأصدقائي غمرتهم السعادة فور علمهم بالعفو الذي جاء بالتزامن مع عام التسامح». وحول المظاهر التي عمّت أفراد أسرته فور دخوله إلى منزل الأسرة بعد صدور قرار الإفراج، قال: «أبلغ من العمر 55 عاماً، ولأول مرة في حياتي أشعر بهذه الجرعة الهائلة من السعادة والفرح، حقيقةً كانت لحظات لا توصف، بعد انقطاع دام 7 سنوات، فالشعور الذي انتابني حينها لم أكن الشخص الوحيد المتفرد به، وإنما كان شعوراً ينتاب جميع أفراد الأسرة، حيث انهالت دموع الفرح من على وجوه الجميع». بن صبيح أكد أن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين دأب على إيهام أعضائه بأنه قادر على حمايتهم والوقوف معهم أمام جميع الظروف التي قد تواجههم، بخلاف الحقيقة، حيث كان التنظيم يشرع فور إلقاء القبض على أحد أعضائه في الهروب وتركه يواجه مصيره المحتوم وحيداً دون أي مساعدة، مستشهداً بقصة توقيفه في إندونيسيا وكيف تخلى التنظيم عنه لدرجة أنه لم يعين حتى محامياً للدفاع عنه «في الوقت الذي امتص هذا التنظيم أموالي وجهودي التي كنت قد قدمتها له على مدة 30 عاماً». تغييب أما فيما يخص الآلية التي اتبعها التنظيم واستطاع من خلالها استغلال الأفراد لتحقيق مصلحته وأجندته، أوضح السويدي: «أن الأفراد عندما يُغيّبون وفقاً للأجندات ويُعطون أدواراً تنفيذية ويخبرون بأن هذا العمل فيه أجر وثواب ينطلقون إلى تنفيذه دون أي تفكير أو نقاش، فالأصل الحقيقي للتوجيه والسياسة المراد تحقيقها مغيبة عنهم». وتابع: «لو أنهم عرفوا حقيقة الأدوار التي يقومون بها والنتائج المتراكمة من أعمالهم وما قد تسببه ضد دولهم، لكان كثير منهم ترك العمل في هذا التنظيم الإرهابي»، مضيفاً: «يعكف التنظيم الإرهابي على تكليف كل من الشباب والرجال والنساء العاملين في المؤسسات الحكومية والخاصة وشبكات التواصل الاجتماعي، بمهام تستهدف إثارة الإشاعات الكاذبة ونقلها وتداولها بهدف تحقيق أجندة تخريبية، دون أن يعلم هؤلاء الأعضاء أنهم مسيّرون في يد الجهات الخفية في هذا التنظيم الإرهابي». وقال: «الآن وبعد أن تكشفت ألعاب ومخططات التنظيم الإرهابي من خلال التوقيفات والمحاكمات، بدأ كثير من أعضاء التنظيم يراجعون حساباتهم، بعد أن اتضح لهم أنهم كانوا يسيرون في الطريق الخطأ، وأن ما يقومون به ليس سوى تنفيذ مخططات وأجندة خارجية تستهدف المساس بمكتسبات الوطن»، لافتاً إلى أن البيعة التي أداها أعضاء التنظيم بيعة خارجية وليست بيعة لولي الأمر في الدولة فهي تخدم الخارج أكثر خدمتها مصلحة الوطن. تأجير مرتزقة وذكر السويدي شواهد حول قيام التنظيم باستئجار عدد من المرتزقة مقابل حصولهم على مبالغ مالية، مستشهداً بدعم التنظيم لمغردين في اليمن. وأفاد: «أصدرت قيادات التنظيم تعليمات بشراء هواتف متنقلة لبعض المغردين في اليمن، في عام 2012- 2013، إذ عكف التنظيم على تزويدنا بقائمة بأسماء المغردين الواجب دعمهم، من خلال إعادة نشر تغريداتهم». ونوه السويدي بأن تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي طلب من أعضائه في دولة الإمارات دعم المغردين اليمنيين الذين وصفهم بـ«المرتزقة» للإساءة إلى الإمارات ورموزها. وقال: «كنت أحد أعضاء التنظيم الذين طُلب منهم الانخراط فيما يشبه «الخلية» التي أوكلت إليها مهمة الدعم اللوجستي، عبر شراء هواتف متنقلة وتسليمها لبعض المغردين في اليمن على أن يتم دعمهم بأموال ومصاريف الإنترنت والاتصالات، فضلاً عن إعادة نشر تغريداتهم المسيئة على الرغم من علمهم بكذبها وإساءتها للدولة». وأوضح السويدي أن الجانب المؤلم في عمل التنظيم تمثل في تسخير التبرعات الخيرية والإنسانية في خدمة أهدافه، ذاكراً أن «التبرعات كانت من الأمور الخيرية التي كان يدفعها الناس احتساباً لله تعالى، إلا أن التنظيم أمعن في ترسيخ صورة ذهنية كاذبة هدفت إلى كسب التأييد والتعاطف الشعبي عبر مشاريع يصفونها بـ«الخيرية» كبناء المدارس والمساجد وحفر الآبار في دول تعاني من أزمات مثل اليمن والصومال، بهدف كسب قاعدة جماهيرية تؤمن حصولهم على الأصوات الخاصة بالانتخابات السياسية والبرلمانية والنقابية في تلك الدول، والغاية تحقيق أهداف خبيثة أول من يتضرر بها المواطن البسيط الذي ساهم دون أن يعي في دعم تلك الجماعة بالتبرع تحت شعارات: فعل الخير والأجر والثواب». ونوه السويدي إلى أن التنظيم يعمل ويُدار بآلية معقدة لا تسمح بمناقشة الأوامر التي تصل من المركز إلى الأفرع المنتشرة في مختلف الدول والتي لا تملك خياراً غير الانقياد. وأفاد: «التنظيم شبكة مركزية لها قيادة والمتمثلة في تنظيم الإخوان المسلمين في بريطانيا والذي يعمل على إدارة كافة التنظيمات في باقي دول العالم، فتصدر التعليمات من المركز إلى الأطراف التابعة له، والذين يقتصر دورهم على التنفيذ فقط دون معرفة الأسباب والأهداف الحقيقية التي تقف وراء هذا الفعل. الربيع العربي وقال السويدي إن الإمارات لم تعانِ من ظواهر الفقر والبطالة أو نقص العناية الصحية أو الخدمات التعليمية، وهي الظواهر التي دفعت الناس للمطالبة بالتغيير في دول ما يسمى «الربيع العربي»، ولكن امتثالاً لأهداف التنظيم التخريبية، كان لا بد من أن يكون هناك استهداف ومحاولة لفرض واقع للربيع العربي في الإمارات، على الرغم من عدم وجود مسبباته، فالأوامر جاءت بضرورة خلقه خلافاً لحقيقة أسباب قيامه. ونوه بأن «المخطط الذي كان يستهدف الإمارات ارتكز على نشر الأكاذيب وادعاءات عبر شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بهدف تناقلها بين كافة مكونات المجتمع، ومن ثم دفعهم إلى الخروج للشارع، إلا أن جميع محاولاتنا قوبلت برفض مجتمعي في الدولة»، عازياً السبب إلى مستوى الوعي والنضج الذي يتحلى به المجتمع الإماراتي، وهو ما حصّنه من تلك المحاولات البائسة خصوصاً مع انعدام الدوافع. غيرة وشدد على أن «الغيرة» من الرخاء والوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي الذي تنعم به الإمارات، مثلت أحد الدوافع الرئيسية التي كانت وراء استهداف التنظيم للدولة، مؤكداً أن التنظيم جمح وتصور أنه يستطيع فرض واقع جديد في الدولة تبين له أنه وهم، منهياً وبشكل تام كافة أحلامهم المسمومة تجاه الإمارات. وحول تأثير منظمات التغيير وكيفية مساهمتها في الأحداث الأخيرة والإساءة للدولة ورموزها، أكد السويدي أن الخطوات التي اتخذتها الإمارات وعدد من الدول الصديقة لمهاجمة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وتعرية أفكارها، شكّل ضربة موجعة لها، وهو ما دفع المنتسبين لها من مؤسسات وأفراد إلى مهاجمة الدولة ورموزها، وهو ما يعيد التأكيد على أن انتماء هؤلاء إلى التنظيم انتماءٌ تام حتى وإن اصطدم الأمر بمصلحة أوطانهم. توثيق فضائح وحول الأسباب التي دفعته إلى إصدار كتاب «كبنجارة»، بيّن السويدي: «أنا لي هدف واحد، وهذا الكتاب كان أسلوباً من أساليب تحقيق هذا الهدف، وهو إعادة أعضاء التنظيم إلى حضن الوطن مرة أخرى، لقد شعرت براحة كبيرة بعد أن خرجت من هذه الدائرة المسمومة بالأفكار المتطرفة، وأود أن يشاركني باقي أعضاء التنظيم هذا الشعور، وأن يتفهموا أين كانوا وأين أصبحوا.. كيف كنت منغمساً في دهاليز مظلمة ومعتمة لأخرج منها إلى مكان مُفرح ومريح في النور أتحدث فيه أمام الجميع برضى الله سبحانه وتعالى، ورضى ولي الأمر والوالدين». وشدد على أنه سيواصل جهوده في فضح حقيقة الإخوان المسلمين ومؤامراتهم عبر مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن نجاحه في إقناع شخص واحد سيعد نجاحاً كبيراً بالنسبة له. صدمات وحول الأسباب الحقيقية التي جعلته يتبرّأ من هذا التنظيم، قال: «إن الإنسان يمر في حياته بمواقف ودروس مؤلمة وقاسية، تكون سبباً في عودته إلى الطريق الصحيح، لكني مررت بـ3 صدمات رئيسية أسهمت في إعادة التفكير فيما أنا منغمس به». وأضاف: «الصدمة الأولى هي الغربة، فكثير من الناس قد تكون الظروف أجبرتهم على السفر للبحث عن الرزق، لكن أن تكون الغربة هروباً من جهات قضائية، وأن تكون شخصاً ملاحقاً وتعيش في بيئة بعيدة عن بيئتك، يعد ذلك أمراً صعباً تصوره، فضلاً عن الحزن الذي أوجدته لأفراد أسرتي لكوني أعيش بعيداً عنهم». وبين أن الصدمة الثانية تجلت في «الإيهام»، موضحاً أنه كان يعيش في وَهْم زرعه التنظيم في نفوسهم مفاده أنه إذا سقط أحد أعضائه في مشكلة فإن التنظيم سيتدخل لمساعدته، وهو ما لم يحصل معي، فعندما تم توقيفي في إندونيسيا هرب التنظيم من المكان وتركني وحدي أواجه مصيري المحتوم. وأوضح أن الصدمة الثالثة تمثلت في تعامل السلطات المختصة في دولة الإمارات، متحدثاً: «كانت المعاملة هي الجزء الرئيسي والسبب الأكبر في إعادة حسابتي، فالمعاملة الراقية والحضارية والإنسانية تجلَّت في حُسن الاستقبال والتحقيق والرعاية الصحية والتوقيف، لتغير وتنسف كل الأوهام التي كانت موجودة في ذهني، والتي استقيتها من الإشاعات والادعاءات الكاذبة التي كانت تنسب إلى الأجهزة المختصة في الدولة». وأفاد: «التحقيق كان يتم معي بشكل حضاري وبهدوء، وتقدير كبير لصدقي في الإجابة عن الاستفسارات، وتم منحي كافة حقوقي من توكيل المحامي وإجراءات خاصة بالتقاضي، وحقوقي في المؤسسات العقابية من ملبس ونظافة شخصية ووجبات صحية وغيرها». وتابع: «كل هذه المعطيات كانت تقول لي في داخلي: يا عبدالرحمن أعد ترتيب حساباتك وأفكارك.. فقد كانت تصدق الادعاءات الكاذبة عنهم، واليوم أنت تشاهد بأم عينك، زيف وكذب تلك الادعاءات». وتابع: أن حُسن المعاملة عملت على غسل قلبه ونفسه وتطهيرها من الأفكار المظلمة، ليعلم أنه كان يسير في طريق الضلال.. والله سبحان وتعالى جعله يعود إلى جادة الحق والصواب، مشيراً إلى أنه لا يظن أنه يوجد إنسان قد مرّ بمثل هكذا ظروف دون أن تغير فيه تلك الظروف توجهاته. وقال: «عندما تتحدث عن أزمة تمرّ بشخص، من الخطأ أن نقول إن هذه الأزمة منحصرة في شخص ذلك الإنسان، فهو إنسان لديه أسرة وأصدقاء وأهل ومعارف، لا يمكن أن يضحي بهم، ويجب أن يراعيهم وأن يحكّم العقل والدين قبل أن يسير في طريق الضلال». نصيحة توجّه عبدالرحمن بن صبيح في ختام المقابلة بنصيحة إلى المنضمين والمتعاطفين مع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فقال: «قضيت أكثر من 30 سنة في هذا التنظيم وتحديداً من أيام الثانوية وحتى وقت قريب، تجربتي اليوم تشكل نموذجاً كافياً لمن أراد أن يتعظـ، فالإنسان يجب ألا يمانع في أن يكون عبرة للآخرين، إذا كان في ذلك مرضاة لله سبحانه وتعالى»، مبيناً أن الإخوان المسلمين تم تصنيفهم كتنظيم إرهابي في العديد من الدول، الأمر الذي يُعد سبباً كافياً لإعادة التفكير في هذا الانتماء الذي نتج عن تضليل وشعارات كاذبة.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :