يبدو أن تطبيق نقل بعض ذوي الاحتياجات الخاصة من مراكز التأهيل الشامل إلى مدارس التعليم العام، أحدثت ” ربكة ” لنحو 90 % من أسر ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تنطبق عليهم شروط النقل والمتمثلة في أن يكون صاحب الحالة يتمتع بنسبة ذكاء أكثر من 50 % ، خصوصا أن موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة يعد من أكثر السيناريوهات إثارة للجدل في أوساط التربية الخاصة نظراً لاختلاف الآراء بين مؤيد ومتحفظ ، فقد أظهرت الدراسات والبحوث التي أجريت حول تجربة دمج ذوى الاحتياجات الخاصة تناقضاً واضحاً في نتائجها حول إيجابيات وسلبيات الدمج، والأهداف والمبررات، خصوصا وأن بعض ذوي الاحتياجات الخاصة مصابون بفرط الحركة وآخرون بمتلازمة داون وفئة أخري بالتوحد ، وأن فصول التعليم العام لا تتحمل ” مشاغباتهم العفوية ” فضلا عن كسر عزلتهم . وخلال الأيام الماضية بدأت مراكز التأهيل الشامل في تطبيق آليات النظام الجديد الذي ينص على تحويل شريحة من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى فصول مدارس الدمج في التعليم العام ، وقد أبدى عدد من أولياء أمور الأطفال الذين تنطبق عليهم مواصفات النظام الجديد ، ” تحفظهم ” على مسألة نقل أبنائهم من مركز التأهيل الشامل إلى فصول التعليم العام. وحجة هؤلاء أن مدارس التعليم العام ليست بها كوادر تعليمية متخصصة يمكنها التعامل مع حالات أبنائهم، وحتى وإن وجدت تلك الكوادر فإن نصابها قليل، خصوصا وأن بعض الطلاب مصابون بمتلازمة ” داون ” والتوحد والتأخر الفعلي البسيط في الاستجابة ، كما أن بعض المحولين إلى فصول التعليم العام يحتاجون إلى جلسات تخاطب ونطق كما أن بعضهم يحتاجون إلى علاج طبيعي وجلسات “تعديل السلوك” وهذا الأمر لا يتوفر في المدارس الحكومية . تحديث البيانات ” البلاد ” التقت بعدد من أولياء أمور الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين أكدوا أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أرسلت لهم رسائل نصية بضرورة تحديث بياناتهم، لافتة إلى أن من يحدث بياناته سوف تصرف له الإعانات بصورة مستمرة ، فيما سيتم إيقافها عن الذين لا يستجيبون للتحديث حتى وإن كانت نسبة ذكاء ابنائهم اقل من 50%. وقالت حصة والدة أحد الطلاب من ذوي الإحتياجات الخاصة أنها تلقت رسالة من مركز التأهيل الشامل بضورة نقل إبنها إلى مدارس التعليم العام ، ولكنها ترى أن حالة إبنها تستدعي بقاءه ضمن طلاب مركز التأهيل الشامل ، خصوصا وأنه يعاني من متلازمة التوحد ويحتاج إلى رعاية خاصة . جلسات العلاج وفي نفس السياق قال سيف محمد والد طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة أن ابنه مصاب بمتلازمة داون وفرط الحركة وقد حاول تحديث بياناته ولكن نسبة للضغط على الموقع الإلكتروني الخاصة بمراكز التأهيل لم يتمكن من تحديث بياناته في الوقت المحدد ، لافتا إلى أنه في حال توقف الإعانة سوف يضطر هو وغيره من ذوي الأطفال المعاقين إلى دفع مبالغ كبيرة لجلسات العلاج . وأضاف النظام الجديد الخاص بنقل أصحاب الإحتياجات الخاصة إلى فصول الدمج في التعليم العام بحاجة إلى وقفة متأنية ، نسبة لأن الكثيرين من أصحاب الحالات الخاصة لا يمكنهم مواصلة تعليمهم مع الأسوياء. ومن جانبها قالت مي الدوسري إن آليات النقل تتطلب توفير كوادر تعليمية متخصصة في التعامل مع حالات التوحد ومتلازمة داون وفرط الحركة وغيرها من الإعاقات المختلفة. إيجابيات النقل ومن أجل التعرف على إيجابيات وسلبيات نقل شريحة من أصحاب الإحتياجات الخاصة إلى فصول التعليم العام إلتقت “البلاد” بالدكتورة عاتكة ملا إحدى المتخصصات في حالات التوحد فقالت إنه قبل التعرض للإيجابيات والسلبيات لا بد من الإشارة إلى المصطلحين الرئيسيين ، وهما مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة، ومصطلح الدمج. ويعني مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة كل من ينحرف أداؤه في جانب أو أكثر من الشخصية عن متوسط أقرانه من العاديين إلى الحد الذي يلزم معه ضرورة تقديم خدمات أو مظاهر عناية ورعاية خاصة لهم كالخدمات التربوية أو الطبية أو الاجتماعية أو النفسية. بعد تربوي وأضافت بقولها “يأخذ المصطلح ذاته بعداً اجتماعياً تربوياً حيث يصف ذا الاحتياجات الخاصة بأنه، كل فرد يحتاج إلى خدمات خاصة كي ينمو أو يتعلم أو يتدرب أو يتوافق مع متطلبات حياته اليومية الأسرية أو الوظيفية أو المهنية حتى يتمكن من المشاركة في عمليات التنمية وبأقصى طاقاته كمواطن. ويأتي مفهوم الدمج مواكباً لذلك، ويشير المنطوق إلى أن المعاق يجب أن يعيش حياة آمنة في كل مكان يتواجد فيه، وأن يشعر بوجوده وقيمته كعضو في أسرته ومدرسته ومجتمعه وأن يتحقق له قدر من التوافق والاندماج الشخصي والاجتماعي، بجانب تواجده في المدرسة وفي الصف الدراسي مع العاديين، وأن يستفيد مثله مثل العاديين من جميع الخدمات التربوية والتثقيفية والرياضية والترويحية والطبية وإيجاد فرص عمل مع باقي العاديين في المؤسسات المهنية المختلفة كل حسب قدراته ووفق إمكاناته. التعامل مع المشكلات وتابعت الدكتوره ملا بقولها إن من إيجابيات الدمج أنه يمنح ذوي الاحتياجات الخاصة فرصة اكتساب خبرات واقعية متنوعة خلال تعاملهم مع مشكلات مجتمعية، وأثناء تفاعلهم مع أقرانهم العاديين، ومن ثم تتكون لديهم مفاهيم أكثر واقعية عن أنفسهم وعن الحياة والعالم الذي يعيشون فيه، من ثم تتهيأ لهم تنشئة اجتماعية سليمة. كما أنه يمكن للأطفال العاديين من ملاحظة أقرانهم ذوي الاحتياجات في المواقف التعليمية والاجتماعية عن قرب مما يؤدي إلى تحسين اتجاهات الأطفال العاديين نحو أقرانهم ذوي الاحتياجات الخاصة وزيادة تقبلهم لهم ، فضلا أن أسلوب الدمج يعمل على تحقيق الهدف من فلسفة التربية الخاصة بالمعاقين، وهو العودة بهم إلى المجتمع لا عزلهم عنه، وكذلك وضع المعاق مع أقرانه العاديين بالمدارس العادية يشعره بأنه يحيا في بيئته الطبيعية. فقدان الثقة وبالنسبة لسلبيات أسلوب الدمج فإنّه يمكن أن يعمل على زيادة غربة ذوي الاحتياجات الخاصة، وفقدان الثقة في أنفسهم لقصور قدراتهم على متابعة الدروس مع بقية تلاميذ الفصل العاديين ، كما أن النقل ربما يقلل من همة الطالب العادي، ويظهر ذلك في انخفاض التنافس بين الطلاب، وتباطؤ قدرة الطالب العادي لكي تتماشى مع زميله المحتاج إلى العناية الخاصة ، علاوة على ذلك يتطلب أسلوب الدمج كوادر تربوية تتمثل في المعلمين والمشرفين والموجهين والإداريين ، على ان تكون هذه الكوادر مؤهلة لأن الكثير من البلدان التي طبقت تجربة الدمج تعاني من هذه القضية. إلى جانب ذلك فإن أسلوب الدمج يمكن أن يجعل الأطفال العاديين يسخرون من أقرانهم ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يتسبب في معاناة نفسية مؤلمة لهذه الشريحة من الطلاب.
مشاركة :