يستطيع المراقب للمشهد القبلي في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية رصد التحول الكبير للمفهوم القبلي في الأوساط الاجتماعية القبلية التي كانت تدير شئونها وفق عادات وتقاليد اتخذها كل مجتمع لأفراده وفق معطيات الحياة واحتياجات ذلك المجتمع ، مما يجعل هناك تبايناً في العادات والتقاليد بين كل مجتمع قبلي وغيره من المجتمعات الأخرى . كنا نجد التنافس على عادات وتقاليد مختلفة بعضها مما أقره الدين وحث عليه ومنها ما يخالف بعض القيم والأعراف العامة ، ولعل من المهم ألا أقف طويلاً عند ما طوته صفحة الماضي من عادات وتقاليد أصبح الفرد والمجتمع لا يعتني بها ولا يلتفت إليها لأرصد المشهد الحديث للقبيلة في ظل المعطيات التي تنعم بها بلادنا الحبيبة ولعل أبرزها الرؤية الشاملة لمستقبل هذا الوطن وبمفهوم القيادة الحديثة تحت رؤية 2030 التي هندس أبعادها وشموليتها الأمير الشاب محمد بن سلمان حفظه الله وهنا أتحدث من خلال الإضاءات التالية :- أولا: اللحمة والتقارب ففيما كانت القبيلة تعاني من التفكك والانقسام وتعدد المصالح الداخلية لها أصبحت في المفهوم الحديث توحد أهدافها وفق رؤية الوطن ومستقبله وتحول التغني باسم القبيلة إلى التباهي بمفاخر الوطن وقيادته ومنجزاته في صورة من التقارب قلما يكون لها نظير في المجتمعات الحديثة ثانيا: العناية بالتراث والثقافة العامة والموروث الشعبي وهذه مسئولية تصدى لها أفراد المجتمع القبلي بجهود فردية لتشكل مع بعضها نافذة على الماضي ليبقى محل عناية واهتمام من أفراده يستلهم منه الفرد والمجتمع روح الأصالة وعراقة التاريخ وقوة العزيمة التي عاش مجتمع الأجداد بها وعليها فكانت قاعدة صلبة يقوم عليها مستقبل الأجيال وتنطلق منها حضارة الوطن وتسجيل حضوره في مقدمة ركب الحضارة وصناعة القرار العالمي. ثالثا: وحدة الأمن الفكري فبينما كان يصطلي المجتمع بالكثير من الأفكار الدخيلة وعانى منها الكثير من التبعات أصبح أفراد المجتمع يحارب التطرف والارهاب بأشكاله المختلفة وكان للقبيلة الدور البارز في حفظ الأمن الفكري لأبنائها وفق ما تنعم به من عقيدة خالصة ووطنية ملهمة وانسجام مع القيادة في بناء المستقبل ورعاية مصالحه وتطوير أفراده والحفاظ على مقدراته لتصبح المملكة العربية السعودية من أوائل الدول المحاربة للإرهاب على مستوى دول العالم وبدأ الآخرون يستفيدون من تجربة المملكة العربية السعودية في محاربة الارهاب ونبذه وتحرير المجتمعات من تبعاته ولعلني أضرب مثالاً من الواقع القبلي المعاصر من خلال ما رأيناه ونشاهده وأشير إلى قبيلة بللسمر كنموذج في التفاف أفرادها حول بعضهم ليسجلوا حضوراً بارزاً في مجال التراث والثقافة كان أبرز شواهد ذلك التألق في استضافة اجتماع رجال الحجر الذي أُقيم مؤخراً في حصن ( معشي ) لأحد أبناء هذا المجتمع البارين الذي جعل من جهوده نافذة للأجيال للوقوف على ثقافة وتراث ومنجزات أجدادهم وهذا الاجتماع الذي ضم القبائل الاربع ذات الاصل الواحد(بني عمرو وبني شهر وبللسمر وبللحمر) وهو اجتماع يهدف للمحافظة على ثقافات المجتمع وموروثه وتقديمة للاجيال الصاعده من خلال دمج ايجابيات الماضي والحاضر في قالب واحد بحيث يصل المجتمع الى المحبة والتآخي ونبذ كل خلاف وانصهار القبيلة في مجتمع متحضر وأعرج كذلك على مهرجان البر الأسمري الذي أصبح ضمن فعاليات السياحة بالمنطقة بعد أن سجل نجاحاً كبيراً في السنوات الماضية كمهرجان متخصص وبجهود إبن بار من أبناء قبيلة بللسمر الذي تبى استمراره وبتعاون الرجال المخلصين منهم .؟ كما أشير كذلك للمتاحف التي حظيت باهتمام ورعاية أفراد المجتمع الأسمري وإثرائها بكل ما هو ثمين و مفيد ومعبر عن ماضي المجتمع ونشاطاته وتراثه . مما لاشك فيه أن هذا النموذج القبلي يعتبر من أبرز واميز المجتمعات الحديثة والتي تنعم بها قبائل المنطقة الجنوبية بشكل خاص وقبائل المملكة العربية السعودية بشكل عام ، فأينما يممت وجهتك وجدت ذلك وأكثر لدى المجتمعات القبلية التي انصهرت في رؤية الوطن وسارت في ركاب البناء والمشاركة الوطنية المشمولة برؤية الوطن ليصبح موعد الجميع 2030 نحو دولة لا تقبل غير الصدارة في كافة مناحي الحياة بسواعد وعقول واجتماع أفرادها. خالد آل دغيم الاحمري امين عام المركز العربي للإعلام السياحي
مشاركة :