عملة «فيسبوك» الرقمية.. مشروع هيمنة وفك حصار

  • 6/23/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك في أن الاستقرار المالي العالمي هو مصدر قلق دائم يفرض على هيئات التنظيم التركيز على الشفافية فيما يتعلق بإطلاق عملة «ليبرا» وهيكلية تنظيم عملها.تترقب هيئات تنظيم القطاع المالي في العالم خطوة «فيسبوك» الجريئة الخاصة بصك عملة رقمية مشفرة باسمها، وهناك الكثير مما يدعو لهذا الترقب.من المؤكد أن مارك زوكربيرج، مؤسس الشبكة الاجتماعية، لن يهدر ما تبقى له من مصداقية بعد تشوه صورته العامة، من خلال تكرار تجربة جنون «بيتكوين» الأسوأ. كما أنه لا يسعى لصك عملة مضاربة ؛ فآخر ما ينفعه هو المجازفة في عمليات مضاربة رتيبة تنطوي على خسائر يومية. إنه يريد فقط عملة للتداول، ومع ذلك، فإن محاولته لإطلاق ثورة في عالم المدفوعات عبر الإنترنت تنطوي على الكثير من المخاطر، بدءاً من مخاوف مواجهة هيئات مكافحة الاحتكار وانتهاء بالتهديدات التي قد يشكلها على الاستقرار المالي.تشير تسريبات وسائل الإعلام مؤخراً إلى أن مشروع «ليبرا» الذي تعمل «فيسبوك» على إنجازه، سيكون استمراراً لجهودها السابقة لتوسيع أعمال الدفع الخاصة بها وإبقاء العملاء داخل الحديقة المسورة لتطبيقات الوسائط الاجتماعية الخاصة بالشركة عن طريق صك أموالهم الخاصة.وفي الوقت الذي يستعد فيه زوكربيرج لكشف النقاب عن قائمة الشركاء التي تضم كلاً من «إي باي» و«فارفيتش» و«سبوتفاي» و«فودافون»و»أوبر»- يبدو المشروع حتى الآن وكأنه طفل «فيسبوك» المدلل.وبكل بصراحة، لا يبدو أن البنوك الكبرى أو غيرها من عمالقة وادي السيليكون و»سياتل»، على استعداد لتبنيه حتى الآن، ما لم يفاجئنا زوكربيرج ببعض الأسماء الكبيرة ساعة الإطلاق. من المؤكد أن قاعدة العملاء المستهدفة لهذه الرموز الرقمية الجديدة هم المستخدمون البالغ عددهم 2.6 مليار مستخدم لمنصة فيسبوك، والتي تشمل مشتركي «واتس آب» و»إنستجرام».في حين أن «فيسبوك» سوف تحاول إقناعنا بلا شك أن هدف مشروعها هو جعل حياة عملائها أسهل من أي وقت مضى، مما يتيح لهم القدرة على شراء الأشياء فعلياً بالطريقة التي نادراً ما توفرها العملات الرقمية الأخرى ومنها «بيتكوين»، إلا أنه من الصعب فصله عن مساعي عمالقة التقنية لاحتكار ما يمكنهم احتكاره قبل أن يسبقهم إليه منافسوهم.من المهم جداً ألا تتحول عملة فيسبوك الرقمية المشفرة «ليبرا» إلى مادة لاصقة وواقية تربط شبكات زوكربيرج الاجتماعية بشكل أوثق في وقت تريد العديد من الجهات التنظيمية تفكيكها. وسوف تقدم الشركة «ليبرا» كمشروع شراكة بالمصدر المفتوح بحيث تعم فوائدها على الجميع، ولكن إلى أي مدى سوف تتحكم أصابع زوكربيرج بها؟ في الواقع، إذا كانت الفوائد المالية والتجارية لاستخدام هذه العملة تتراكم في خزينة فيسبوك أولاً وآخراً، فلا بد أن تعزز سيطرتها على السوق.في هذه الحالة ينبغي على هيئات التنظيم معرفة من سيمتلك مجموعات البيانات العملاقة الجديدة. وقد ترغب أيضاً في تعويم قضية إتاحة هذا النوع من البيانات للحكومات أو المنافسين لتجنب مشاكل الماضي، حيث تحتكر ثلة من الشركات جميع المعلومات المتعلقة بأنشطتنا عبر الإنترنت.وفي الوقت الذي لم تتجاوز عائدات فيسبوك من خدمات المدفوعات الرقمية سوى 2% من إجمالي عائداتها العام الماضي التي تجاوزت 55.8 مليار دولار- يعتقد المحللون أن»ليبرا» قد تغير الموازين. فقد أفادت تقارير بأن بنك «باركليز» بتوقع إيرادات إضافية بقيمة 19 مليار دولار بحلول عام 2021 في حال انتشر استخدام الكوبونات الرقمية المشفرة على نطاق عالمي. ومن المقرر إطلاق «ليبرا» في أكثر من عشر دول عام 2020. وهذا يعني اتساع فرص جمع المزيد من البيانات وتعدد مصادر الإيرادات الجديدة.لا شك في أن الاستقرار المالي العالمي هو مصدر قلق دائم يفرض على هيئات التنظيم التركيز على الشفافية فيما يتعلق بإطلاق عملة «ليبرا»وهيكلية تنظيم عملها. ومن المتوقع أن يحمل الكوبون الخاص بها شعار «عملة مستقرة»، من خلال ربطها بعملات عالمية قوية مثل الدولار الأمريكي أو اليورو، بحيث تضمن الحد من تقلب الأسعار، على عكس عملة»البيتكوين» المنفلتة والتي شهدت تقلبات كثيرة في قيمتها بين 600 و20 ألف دولار. ولا بد أن الرقابة على العملات الاحتياطية التي تضعها «فيسبوك» ضماناً لعملتها الرقمية المشفرة «ليبرا» ،ستكون عنصراً مهما ًلبناء الثقة في تسييل كوبونات «فيسبوك» عندما يطلب مقتنوها ذلك.وعلى الرغم من أن هيئات التنظيم وغيرها من السلطات المختصة لا تسعى لخنق الابتكارات، لكن «فيسبوك» لم تبذل الكثير من الجهود لتكسب ثقة الجميع في السنوات الأخيرة. وأي سعي منها لوضع الضوابط منذ البداية بدلاً من إثارة المشاكل لاحقاً، سيكون موضع ترحيب هيئات التنظيم العالمية.(بلومبيرج)

مشاركة :