حرية الرأي... صحافة الإصلاح

  • 6/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يقول المبدأ الأول من ميثاق الاتحاد الدولي للصحافة: (نؤمن باحترام حرية الإعلام واستقلالية الصحافة وحق الحصول على معلومات تعزز شراكة المواطنين في القضايا العامة، كما ندعم أنظمة الحكم الرشيد ونساهم في دعم التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، ونشير الى أن أهداف التنمية المستدامة 2030 التي تبنتها الأمم المتحدة تؤكد على هذا من خلال تبنيها لهدف خاص بوصول المواطنين الى المعلومات وضمان الحريات الأساسية).  بلا شك أننا في بلادنا نطمح الى تطوير الديمقراطية الجديدة على المجتمع، وعليه يجب أن نلاحظ أن تطوير الحرية الإعلامية وحق المواطن في المعرفة والوصول إلى المعلومة، هو أحد الوسائل الرئيسية للتطوير الديمقراطي، ويتم ذلك عادة من خلال وسائل الإعلام، وخصوصا من جانب الصحافة بصفتها الوسيلة الإعلامية المتخصصة في البحث عن المعلومات والأخبار الصحيحة، ونقلها إلى المواطنين بكل نزاهة وأمانة سعيا للمصلحة العامة، لما في ذلك من أهمية في كشف المثالب التي تحدث في المجتمع، خصوصا ما يتعلق بنشاط السلطة التنفيذية، كونها هي السلطة الأكثر التصاقًا بالناس وخدمتهم وإنجاز مصالحهم. وعادة ما تتعرض الصحافة بالنقد، لنشاط السلطة التنفيذية وتبيان الخلل في ممارساتها، من أجل أن تؤدي هذه السلطة واجبها على أكمل وجه. لذلك فحرية النقد والوصول إلى المعلومة هي التي تتوضح من خلالها صحة وسلامة سير الأجهزة التنفيذية في أداء مهامها الكثيرة والصعبة، وبذلك تكون الصحافة عونا للسلطة التنفيذية والمجتمع، لتسير الأمور على أحسن وجه، ولهذا السبب تمنح الصحافة في الأنظمة الديمقراطية مساحة كافية من الحرية لممارسة نشاطها، وأداء واجبها، وفي هذه المهمة العسيرة التي تتحملها الصحافة، لا تستطيع هي أن تجامل أو تغض الطرف أو تهادن، ففي ذلك إضرار بمصالح المجتمع، ولذلك أيضا تُعتبر حرية الصحافة في أي نظام هي ترمومتر الديمقراطية ومجسها الرئيسي، فكلما إتسعت هذه الحرية إتسعت الديمقراطية، وكلما اتسع النقد قلت الأخطاء، وكل ما قلت الأخطاء وقُوم الأداء تقدمت الأمة، وفي ذلك دلالة على عافية ونجاح النهج الديمقراطي، من كل ذلك يترتب على المسؤولين في السلطة التنفيذية صغارا أو كبارا، فهم هذا الأمر جيداً، والتعامل بتقدير وإهتمام مع الصحافة، كونها ممثلة للرأي العام، وكونها واجهته العريضة والصادقة، وبناء عليه نرى أن الرأي العام، غالباً ما يساند الصحافة إذا تعرضت لغبن أو استهجان أو تقليل شأن أو كبح يعرقل أداءها، فالمجتمع يدرك أن الصحافة هي سند له تتابع مصالحه، وتطالب بمطالبه، وتسعى إلى تلبية احتياجاته.  ولهذا السبب فإن الممارسات السلبية لبعض المسؤولين - وليس كلهم - في السلطة التنفيذية التي تمنع حصول الصحافة على المعلومات، تتعارض مع الحريات الإعلامية التي تضمنها الميثاق الوطني، وميثاق الاتحاد الدولي للصحافة، وهذه الممارسات تصادر حق المواطن في معرفة ما يجري من حوله من أمور تخص معيشته وضروراته الأساسية. بالإضافة إلى أنها تمنع المعلومة وتعرقل أداء الصحافة، وهي ممارسات أصبحت شاذة في مجتمعنا الذي باتت شرائح كثيرة منه، بما فيها الكثير من المسؤولين في السلطة التنفيذية تعرف أنها لا تنسجم مع النهج الإصلاحي والحرية الإعلامية، وحقوق الإنسان في التعبير عن رأيه بما يحفظ حياته ومعيشته، ويحفظ مصالحه واستقراره، خصوصا في المؤسسات الرسمية العامة. إن المصلحة العامة تستدعي أن تمارس الصحافة دورها الرائد دون عقبات من أية جهة كانت فذلك يسيء الى استقلاليتها وحريتها في النظام الديمقراطي القائم على أساس حماية مصالح المجتمع.  وجاء في مبادئ الاتحاد الدولي للصحافة ما يلي: (يحق للجميع الحصول على معلومات من سلطات الدولة الثلاث والهيئات والمؤسسات الرسمية)، كما يقول المبدأ الثاني أيضا: (يجب وضع إجراءات تمنع وتحد من وضع العراقيل الرسمية أمام المطالبين بمعلومة) وفي فقرة أخرى: (يجب محاسبة المسؤولين الذين يعرقلون الحصول على معلومات).  وبلا شك نحن نعرف أن عدم إتباع هذه المبادئ بدقة سيؤدي الى عواقب قد تكون وخيمة على المصلحة العامة مثل الفساد الإداري والمالي، كما يقود الى البيروقراطية، وتشجيع جميع أشكال الممارسات المضرة بالمجتمع. فالوصول الى المعلومة في القطاعات الرسمية التي تتعامل في الشأن العام هو حق مشروع من حقوق الإنسان. وعليه فأن الصحافة باتت اليوم أكثر من أي وقت آخر تتحمل مسؤولية مضاعفة لأداء رسالتها في مجتمعنا الجديد الناهض.  أتمنى أن يدرك من هم في سدة المسؤولية هذه المبادئ التي أصبحت من البديهيات المعروفة في المجتمعات المتقدمة والتواقة للتقدم. وعندما نغلق الأبواب أمام الصحافة، ونمنع عنها المعلومات ونصادر حقها وحق المواطن بمعرفة بواطن الأمور وما خفي منها وما ظهر، فنحن بذلك نتجاوز الحق العام، ونتستر على الأخطاء، مما قد يخل بالتوازن الاجتماعي والاستقرار العام.

مشاركة :