جاء نظام الإقامة المميزة لحفظ الأموال من التدفق الخارجي والقضاء على اقتصاد الظل أو الاقتصاد الأسود الذي لا تعرف الدول مدخلاته ومخرجاته فهو سوق خفي وعالم مظلم تعمل فيه بعض الجاليات التي أرهقت العجلة الاقتصادية لسنوات حتى باتت بعض المهن حكرًا على جنسيات آسيوية وعربية. فثمّة أيادٍ تلعب بالسوق وتديره بشكلٍ غير رسمي فالمحلات بأسماء مواطنين ورؤوس الأموال والأرباح المهولة بقبضة العمالة والمحصلة النهائية "صفر" وتشهد بذلك حجم الحوالات التي بلغت أرقامًا غير مسبوقة في السنوات الماضية ثم تراجعت بعد شروع الجهات الحكومية لملاحقة المتسترين والتشهير بهم مع فرض عقوبات مالية قاسية. فبدأ يمرض شبح التستر ويشيخ أمام دولة شابة لم تقف حائرة وهي ترى هؤلاء يتقاسمون "الكعكة" الاقتصادية على مدار سنوات فتقهقر نشاطهم وانحسر فالقوانين الأخيرة الصارمة مع غربلة الاقتصاد وقطاعاته الحيوية والتوطين عضدت ودعمت النمو الاقتصادي ونقحته من أي ممارسات خارج إطار القانون فتستفيد الدورة الاقتصادية ويجد الشاب والشابة السعوديان فرص عمل فأصبح لا مناص للعمالة المخالفة إلا الحجز على أقرب رحلة للإقلاع من السعودية فلا صولة ولا جولة ولا حوالات مليونية تصب في بنوك بلادهم. فجاء مؤخرًا نظام الإقامة المميزة داعمًا ومؤازًا هذه المجهودات في سياق تطويق التستر وإحكام القبضة الأمنية والرقابية على السوق فلا يجهل متابع المخاطر على الأمن الاقتصادي والاجتماعي من هذه العمالة التي تعمل ليل نهار في كل المهن ويشكلون "لوبيات" ضغط على الاقتصاد وعلى الأيادي السعودية للتضييق عليهم والانفراد بحصة السوق الكبرى. فنظام الإقامة المميزة جعل العامل أو الوافد يعمل في النور لا في الظلام ويشتغل باسمه بدل التواري وراء اسم مواطن ومن هؤلاء من يقضي سنوات عمره في المملكة ويتنقل بين مناطقها ولديه السيولة النقدية الضخمة التي يرغب ضخها في شرايين الاقتصاد المتعددة وخاصة وأن السعودية تعتبر من أقوى اقتصاديات العالم ولاعب رئيس فيه وتتوق أعين المستثمرين له، وفرصة لهم لمضاعفة الاستثمار، لكنهم لا يجدون النظام الذي يكفل لهم أحقية الاستثمار ويوفر لهم مظلة رسمية ويمنحهم امتيازات حكومية كالصحة والتعليم والاستفادة من خدمات الدولة ليكون المناخ مهيأً لهم فلا استثمار أجنبي دون بيئة صحية وأرض صلبة للعمل. وهذا من شأنه خلق فرص وظيفية ونمو اقتصادي متسارع ويقضي على أوجه التستر فالإقامة المميزة مُفعلة في بعض الدول باختلاف مسمياتها ولها نتائجها الملموسة في مجالات الاقتصاد وتضخ المليارات في خزينة الدولة فالدول التي تسعى لتدعيم اقتصادها وبناءه ليصبح صلبًا في أوجه التقلبات السياسية والاقتصادية والانتقال من اقتصاد ريعي هش عموده الفقري مصادر الطاقة والنفط على رأسها، إلى اقتصاد مستدام لا تضبطه الأسواق العالمية ولا تحكمه عصابات التستر؛ تحقيقًا لتطلعات القيادة وتنفيذًا لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يحلم به ولي العهد.
مشاركة :