استراتيجية تجديد الخطاب الديني هدف رئيسي لخطة تعزيز الانتماء الوطني «بحريننا»

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 172
  • 0
  • 0
news-picture

يعد ترشيد الخطاب الديني من بين المتطلبات اللازمة لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، باعتبار أن القيم الدينية، تمثل أمرا حاكما في الشخصية الوطنية، وهو ما يتفق مع كون مملكة البحرين، نموذجا في الانفتاح والتنوع الثقافي والتسامح على مر التاريخ ومقصدًا لاستقرار كثير من شعوب الحضارات القديمة، حتى أصبحت نقطة التقاء حضاري، مما أثرى ثقافة المجتمع وأضفى على الهوية البحرينية الجامعة الأصيلة بعدًا مميزًا في قبول واحترام الآخر. وخلال العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حرص جلالته على ترسيخ تلك القيم في المجتمع، وإيصال ذلك إلى العالم لتصبح مملكة البحرين، نموذجا حيا يجسد التسامح والتعايش والوسطية والاعتدال. وفي إطار هذه الرؤية السامية لجلالة الملك المفدى، جاءت الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة «بحريننا» والتي تقوم على خمسة محاور رئيسية (التشريعات والأنظمة، المناهج والمقررات، المطبوعات، حملات العلاقات العامة، برامج الانتماء)، وتنفذ من خلال سبعين مبادرة، تسير في اتجاهات مختلفة، في عمل مؤسسي واضح، وشراكة مجتمعية تحمل فيها كل جهة مسؤولياتها تجاه الوطن. إن إنجاح الخطة الوطنية مسؤولية وطنية مشتركة، بين كل مؤسسات الدولة، الرسمية والمجتمعية، وهي واجب وطني ملزم على الجميع، من الأسرة والمدرسة، والمجتمع، والوزارات والهيئات، ومختلف الوسائل الإعلامية والفعاليات المتعددة. وتفعيلا لمبادرات الخطة الوطنية تأتي أهمية ترشيد الخطاب الديني كواحد من الأهداف الرئيسية للخطة، كما أكد ذلك الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، خلال الاجتماع الأول للجنة متابعة تنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، حيث أوضح أن الخطة تهدف إلى مواصلة البناء على ما تم إنجازه لتقوية الجبهة الداخلية وحفظ الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي وتعزيز الولاء والانتماء وترسيخ قيم المواطنة والحفاظ على وسطية واعتدال الخطاب الديني ونشر روح التسامح والاعتدال والالتزام بالوحدة الوطنية. إن ترشيد الخطاب الديني يأتي وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي دعا للوسطية، وانعكاسا لما جُبِل عليه أهل البحرين من وسطية واعتدال، وهو ما تُترجمه رؤية جلالة الملك المفدى بالتأكيد الدائم على ترسيخ قيم الاعتدال والوسطية، وبالتالي فإن استراتيجية وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، تنبع من هذه الخلفية الراسخة، حيث تدعو المبادرة لأن يركز الخطاب الديني على ثقافة الحوار ونبذ ثقافة العنف والتشدد، فالاختلاف لا يعني إلغاء الرأي المخالف أو إقصاءه، كما تنبع من الإدراك الوطني بوجود محاولات لاستهداف الهوية الوطنية البحرينية وتكريس نهج التطرف وزعزعة الاستقرار وبث الفتنة في المجتمع، وهو ما يؤكد أهمية الخطاب الديني في الدفاع عن الهوية الوطنية، فللمنبر الديني أثره في تعزيز العمل الوطني وحب الوطن والولاء لهذه الأرض، إضافة إلى تأكيد لغة التسامح والتعايش الكريم. إن وجود استراتيجية وطنية شاملة لترشيد الخطاب الديني يمثل حاجة ملحة نظرًا إلى دوره المحوري، ومن هنا جاءت أهمية مواكبة الخطاب الديني للحاجات والمعطيات والمستجدات، بما يحقق الوحدة الوطنية وتنمية قيم المواطنة الصالحة وبث روح الانتماء للوطن وتفعيل قيم التعايش المشترك. ويؤكد هذا الارتباط الوثيق بين تعزيز الانتماء للوطن والخطاب الديني، أهمية تفعيل دور الأئمة والخطباء في طرح ما يخدم التلاحم الوطني ويحذر من الفرقة والتشرذم. ولقد كانت الحاجة ماسة لإطلاق خطة وطنية للحفاظ على وسطية واعتدال الخطاب الديني ونشر روح التسامح والاعتدال، لعدة اعتبارات أبرزها: إن مضامين ومفردات الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني لم تأتِ من فراغ وإنما وراءها أسس ودوافع موضوعية بالغة الأهمية، تنطلق من سعي مملكة البحرين إلى تعزيز الوحدة الوطنية وإشاعة روح التآلف والتسامح، وتعزيز دور المناهج التعليمية والمنبر الديني وأجهزة الإعلام في بث روح التآلف والأخوة والتسامح في المجتمع، ووضع وتنفيذ خطط هادفة إلى الارتقاء بمستوى الخطباء والأئمة ليكونوا مؤهلين للدعوة إلى كل ما من شأنه أن يحافظ على الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، ودعم وتعزيز دور وأنشطة مراكز الشباب ومؤسسات المجتمع المدني الهادفة إلى ترسيخ الوحدة الوطنية، وتطوير المنظومة التربوية لتسهم في بناء وترسيخ قيم المواطنة لدى الطلاب وتعلي من شأن بناء الوطن والدفاع عن مؤسساته، وتعزز عوامل الوحدة في المجتمع البحريني، وأخيرا العمل على مراجعة التشريعات والقوانين بما يعزز قيم المواطنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات الدينية لها دور مهم في المجتمع، مما يفرض عليها أن تجعل من خطابها الديني، عاملاً مساعدًا في تعزيز الانتماء الوطني، وأن يكون الخطاب الديني، مسؤولاً ليس فقط عبر المنابر الدينية، بل في وسائل الإعلام وخلال الندوات والمؤتمرات والمؤسسات التربوية والتعليمية وفي الأسرة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية ووسائل التواصل الاجتماعي، وألا يتصدى له غير المختصين في الشريعة الإسلامية. وقد حققت مملكة البحرين خطوات مهمة في مجال الحفاظ على وسطية واعتدال الخطاب الديني، من أبرزها ضوابط وآداب الخطاب الديني والتي أصدرتها وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وأكدت أن إلقاء الخطب والدروس والمحاضرات الدينية يكون وفق الآداب والضوابط التي تعمل على بث روح الانتماء للوطن والدفاع عن ثوابته الإسلامية وهويته العربية، واحترام مبدأ المواطنة الصالحة والتعايش المشترك، واحترام التعددية تحت مظلة الإسلام وتجنب الخوض في كل ما يثير الطائفية، واتخاذ الوسطية والاعتدال في الطرح منهاجًا عامًا في الخطب والدروس الدينية وتجنب التعصب للآراء في المسائل الخلافية والدعوة إلى التسامح والتواصل والحوار واحترام الرأي الآخر، والحث على احترام النفس البشرية وحرمة الدماء والأموال والأعراض بما يحقق الأمن ويعزز الأواصر بين الشعوب والدول، والحث على الوفاء بحقوق الأخوة الإنسانية والتفاعل مع الحضارات الأخرى والاستفادة من مجموع التراث الإنساني، فيما يكون نافعًا وصالحًا ومتفقًا مع الدين والقيم والتقاليد وملائمًا لظروف المجتمع.

مشاركة :