نجاح كأس الأمم الأفريقية يعني «قبلة الحياة» لاتحاد القارة السمراء

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تضفي المقاعد الزرقاء والبرتقالية في استاد القاهرة الدولي مشهداً جذاباً، وتبدو أرضية الملعب، على الأقل عندما تكون في مواجهة الحرارة الشديدة، خضراء تماماً. ودائماً ما تحفل البطولات الكبرى بأجواء رائعة يتخلى فيها الجميع عن تحفظه لكي يستمتع بهذه الوجبة الكروية الدسمة على مدار ما يقرب من شهر كامل. وينطبق ذلك على بطولة كأس الأمم الأفريقية بقدر ما ينطبق على أي حدث كبير آخر في عالم الساحرة المستديرة، خصوصاً أن البطولة ستشهد مشاركة عدد من النجوم اللامعين في كرة القدم العالمية، وإذا كان الجميع في مستواه المعروف في هذه البطولة فستكون مثيرة للغاية في حقيقة الأمر.وتقام بطولة كأس الأمم الأفريقية للمرة الأولى في فصل الصيف، وهو ما يعني أنها لن تجد منافسة من الدوريات والبطولات الأوروبية والعالمية الأخرى لجذب انتباه المشجعين، على عكس ما كان عليه الوضع في السنوات الماضية. لكن الأيام التي سبقت انطلاق البطولة شهدت كثيراً من الأحداث الفوضوية المتعلقة بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم، الذي يرى في هذه البطولة «قبلة الحياة» من جديد بالنسبة له، لا سيما أن البطولة ستستمر على مدار أربعة أسابيع من شأنها أن تصرف الأنظار عن المشاكل التي يعاني منها الاتحاد الأفريقي.وقال رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، أحمد أحمد، وهو من مدغشقر، يوم الخميس الماضي: «أنا مواطن من منطقة جزر، ونحن أهل الجزر نعرف كيف نصمد وسط العواصف». وحتى لو كان أحمد أحمد مهيَّأً للقيام بذلك، فإنه سيواجه أسئلة أخرى حول مدى قدرته على القيام بأوجه العمل الأخرى. وخلال الأسبوع الحالي، كلّف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فاطمة سامورا، الأمين العام لـ«فيفا»، بإجراء «تدقيق جنائي كامل» للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) لمدة ستة أشهر، اعتباراً من الأول من أغسطس (آب)، بعد مخاوف بشأن القرارات والخطوات التي اتخذها الاتحاد الأفريقي. وقال أحمد أحمد إنه طلب من سامورا المساعدة، مؤكداً على المعنى الذي جاء في البيان المشترك الصادر من «الفيفا» و«الكاف» في اليوم نفسه.ورفض أليكساندر سيفيرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الإقرار بدور التطهير الذي تقوم به سامورا، مشيراً إلى تضارب محتمل في المصالح، لكن الشيء المؤكد، الذي لا لبس فيه، يتمثل في أن سامورا ينتظرها عمل شاقّ للغاية لإصلاح الأمور في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم. وفي السادس من يونيو (حزيران)، أُلقِي القبض على أحمد أحمد في العاصمة الفرنسية باريس كجزء من التحقيق في قضايا فساد وتزوير، قبل أن يُطلق سراحه من دون أي اتهامات في اليوم التالي، في ظل استمرار التحقيقات التي تقودها فرنسا بشأن انتهاك مزعوم لعقد مع شركة «بوما». وعلاوة على ذلك، تحقق لجنة الأخلاقيات في «الفيفا» أيضاً مع أحمد أحمد في مزاعم سوء الإدارة المالية والتحرش الجنسي. وقد نفى أحمد أحمد بشدة ارتكاب أي من هذه المخالفات.ويبدو أنه كان ينبغي إعادة النظر فيما يحدث داخل «الكاف» منذ فترة طويلة. ورغم أن أحمد أحمد كان في موقف لا يُحسَد عليه عندما تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي في عام 2017 خلفاً للكاميروني عيسى حياتو بعد سلسلة من الفضائح، فإن «الكاف» قد دخل في سلسلة أخرى من المشاكل منذ ذلك الحين. كل هذا يجعل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في حاجة ماسة لبعض الأخبار السعيدة، خصوصاً بعد المشكلة الأخيرة التي حدثت في مباراة العودة للدور النهائي لدوري أبطال أفريقيا بين الوداد المغربي والترجي التونسي وعدم اكتمال المباراة بعد إلغاء هدف صحيح للوداد، وعدم العودة لتقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) التي كان يُفترض أن تكون مُطبَّقة في هذه المباراة. وقد أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أن المباراة ستعاد في مكان محايد هذا الصيف.وللوهلة الأولى، لا يبدو أن هناك احتمالاً كبيراً لورود أنباء جيدة على أرض الواقع، إذ لم يخجل كبار المسؤولين في أن يطلبوا الصبر حتى تُقام بطولة كأس الأمم الأفريقية، بينما كانت الملاعب لا تزال تخضع للتجديد ولا يزال كثير من الصحافيين يتلقون أوراق اعتمادهم لتغطية البطولة، مشيرين إلى أنه ليس من السهل على الإطلاق استضافة بطولة تضم 24 فريقاً بعد أقل من خمسة أشهر فقط، في إشارة إلى سحب تنظيم البطولة من الكاميرون بسبب عدم الانتهاء من الاستعدادات ونقل البطولة إلى مصر قبل خمسة أشهر فقط من موعدها المقرر.وكانت هذه هي المهمة التي وضعها الاتحاد الأفريقي على عاتقه عندما قرر في يناير (كانون الثاني) الماضي نقل البطولة، التي ستقام للمرة الأولى بين 24 فريقاً بدلاً من 16 فريقاً، في مصر بعد تجريد الكاميرون من حقوق الاستضافة. ولا ينبغي التقليل بأي حال من الأحوال من أهمية العمل الجاد الذي قامت به مصر على أرض الواقع، ويمكنك أن ترى اللافتات التي تروج لهذا الحدث الكروي الكبير في معظم الطرق السريعة، ولوحات الإعلانات في العاصمة المصرية القاهرة.وهناك أمل كبير في أن يكون معظم النجوم البارزين على مستوى هذا الحدث الكبير. لقد ذهب كل هؤلاء النجوم إلى مصر من أجل المنافسة والقتال على اللقب، وسوف نشاهد مهاجمي ليفربول محمد صلاح وساديو ماني، اللذين يُعتبران من بين أفضل اللاعبين في العالم في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يساهما في وصول مصر والسنغال إلى مراحل متقدمة في البطولة، خصوصاً أن مصر والسنغال من بين المرشحين الأوفر حظاً للفوز باللقب. ولا يمكن بالطبع التقليل من حظوظ المنتخب المغربي بقيادة نجم أياكس أمستردام حكيم زياش والمدير الفني الفرنسي هيرفي رينار الفائز بلقب البطولة مرتين من قبل.وينبغي على نجم مانشستر سيتي، رياض محرز، أن يعمل بكل قوة من أجل مساعدة الجزائر على المنافسة على لقب البطولة. وعادت نيجيريا للمشاركة في البطولة بعد غياب دام ست سنوات، كما تشارك كوت ديفوار بجيل جديد بقيادة الجناح المتألق لنادي ليل الفرنسي، نيكولاس بيبي. وسيواجه المنتخب الكاميروني، الذي حصل على لقب البطولة عام 2017 بشكل مفاجئ، ضغوطاً كبيرة للحفاظ على اللقب، وسننتظر لنرى هل سيمكن من تحقيق ذلك أم لا بقيادة المدير الفني الهولندي كلارنس سيدورف.ثم يأتي الدور على الفرق الصغيرة، فإذا كان زيادة عدد المنتخبات المشاركة سيؤثر على مستوى البطولة في دور المجموعات، لا سيما في ظل درجات الحرارة المرتفعة التي ستؤثر بالسلب على المستوى وتثير المخاوف بشأن صحة اللاعبين، فمن المؤكد أن ذلك سيساهم في ظهور بعض الأسماء الجديدة التي ستسعى جاهدة لإثبات وجودها في هذا الحدث الكروي الكبير. وتشهد البطولة مشاركة بعض المنتخبات للمرة الأولى، مثل بوروندي ومدغشقر وموريتانيا، وهي المنتخبات التي تستحق الإشادة والتقدير، لأنها تأهلت إلى البطولة بعد تقديم كرة قدم مثيرة وممتعة في التصفيات.وإذا كان الحضور الضعيف للمنتخبات الأفريقية في كأس العالم الأخيرة يشير إلى أن الفرق الكبرى في القارة السمراء لم تعد بالقوة نفسها التي كانت عليها في السابق، فإن ذلك على الجانب الآخر قد يعني تقليص الفجوة بين منتخبات القارة وزيادة المنافسة فيما بينها.وإذا سارت الأمور على هذا النحو، فمن المتوقع أن تستمر الإثارة والمتعة حتى اليوم الأخير من البطولة في التاسع عشر من يوليو (تموز).

مشاركة :