الذكاء الاصطناعي يتفوق على الأطباء في تشخيص وعلاج السرطان

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

يلقى أكثر من 8.8 ملايين شخص حتفهم بسبب السرطان في العالم ويشخص لدى 14 مليونا آخرين بأنواع مختلفة من الأورام السرطانية سنويا. ورغم أن معدلات النجاة من السرطان تحسنت بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، إلا أن المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض واضحة للمرض، قد يعانون في بعض الأحيان، قبل أن يتمكنوا من الحصول على المساعدة التي يحتاجونها، أما المرضى الذين لديهم أعراض أكثر وضوحا، مثل الفقدان غير المبرر للوزن، أو فقدان الشهية، أو ألم في البطن، فيمكن أن يطلب منهم الأطباء إجراء فحوصات مختلفة مرتبطة بأشكال متنوعة للسرطان، ما يهدر فرصا ثمينة لبدء العلاج المبكر. ويعد التشخيص والعلاج المبكر للأورام السرطانية، أمرا حاسما في إنقاذ أرواح المرضى، إذ بإمكانه أن يزيد من فرص نجاة المريض إلى حد كبير، ويقلل احتمالات عودة ظهور المرض في الجسم. ويؤكد الخبراء أنه، كلما كان الكشف عن الإصابة بالسرطان مبكرا، فإن فرص علاجه والتعامل معه تكون أكثر نجاعة، علما أن 5 من أصل ثمانية من أنواع السرطان التي يجرى فحصها، لا توجد أي أجهزة أو أدوات للكشف عنها. ويمثل الفحص الطبي واحدا من أهم الطرق للكشف عن الورم في مراحله الأولى، غير أن البحث عبر نتائج التصوير بالأشعة وغيره من التحاليل الأخرى التي يطلبها الأطباء قبل عملية التشخيص النهائي للورم وبدء العلاج، يعد من التجارب المضنية أحيانا. وعلى الرغم من أن هذه الطرق يمكن أن تعطي نتائج دقيقة على ما يبدو، فإنها قد تكون أيضا مشوبة ببعض الثغرات، ما يحول دون وصول الأطباء إلى المعلومات الضرورية لدعم اتخاذ القرار السريري بشكل أسرع. ويعد ذلك من أبرز العقبات التي تحول دون التعامل الإيجابي مع المرض والتأخر في تشخيصه وعلاجه، حتى في البلدان التي تمتلك نظما وخدمات متقدمة، ما يقلل من فرص المريض في الشفاء. لكن ذلك قد يتغير في المستقبل القريب، بفضل النجاح الذي حققه الذكاء الاصطناعي وعلى وجه خاص في المجال الصحي الذي بدأ الآن في التجلي وبشكل أكبر، ليفتح أبواب أمل واسعة أمام مرضى السرطان، ويجنب الكثيرين إجراء فحوصات متعددة، لأشكال المرض المختلفة، قبل أن يحصلوا على العلاج. ويمكن إنقاذ 10 آلاف مريض من الوفاة كل عام في حال التشخيص بشكل أفضل، وهو ما يمثل واحدا من كل 13 حالة وفاة بسبب المرض. وأظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون ألمان أن الذكاء الاصطناعي قادر على تشخيص سرطان الجلد بشكل أفضل من الأطباء المختصين، وتم الإعلان عن هذه النتيجة بعد إجراء تجربة شارك فيها حوالي 157 طبيبا مختصا في الأمراض الجلدية، من 12 مستشفى جامعيا في ألمانيا وبرنامج كمبيوتر تم تطويره خصيصا لهذه التجربة. وكان على الأطباء خلال التجربة أن يقيموا 100 صورة ومحاولة معرفة ما إذا كان المرض الموجود في الصور هو شامة أو “وحمة” أم سرطان الخلايا الصبغية “الميلانوما”.وتبين من خلال التجربة أن الذكاء الاصطناعي كان أكثر دقة من التشخيص البشري، حسبما أعلن المركز القومي للأورام السرطانية بمدينة هايدلبرغ في ألمانيا. ونشرت الدراسة في مجلة “يوروبيان جورنال أوف كانسر” المتخصصة في أبحاث السرطان. ويعتبر الخبراء النتائج التي توصلوا إليها سبقا علميا ليس بالنسبة لعمليات التشخيص فحسب، بل كذلك بالنسبة للعلاج في المستقبل، ويقول البعض منهم إنها خطوة في سباق ما عرف بـ”التفرد التكنولوجي”، وهي النقطة الافتراضية التي من المحتمل أن تتفوق فيها أجهزة الذكاء الاصطناعي على البشر، وتواصل تطوير نفسها بشكل مذهل يفوق كل التوقعات. ومن المرجح أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي سيصبح أمرا لا غنى عنه في مجال الرعاية الصحية مستقبلا، وسيخطو خطوات مبهرة وشاسعة باتجاه التغيير في طريقة تشخيص وعلاج السرطان، كما سيساهم في مجال السيطرة على المرض والحد من انتشاره، وحتى تقديم مساعدات طبية لإنقاذ حياة من يقطنون في المناطق النائية من المصابين بالأورام. وحاليا، تتعاون شركة الذكاء الاصطناعي “ديب مايند”، المملوكة لشركة غوغل، مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة في عدد من المشاريع، بما في ذلك تدريب بعض البرامج التطبيقية للهيئة على تشخيص مرض السرطان وأمراض العيون، بواسطة فحص الصور الخاصة بفحوصات المرضى. وقال دومينيك كينغ، المسؤول عن تنسيق المعلومات الطبية الواردة من الأطباء والمرضى، بشركة “ديب مايندهيلث”، “لقد طورنا خوارزميات قادرة على تفسير المعلومات البصرية في صور الأشعة، ويتعلم النظام كيف يتعرف على المشاكل التي قد تطرأ مستقبلا، وكيف يقترح على الطبيب المتابع، الطريقة المناسبة للعلاج”. مضيفا “لا يمكننا التعليق على النتائج في الوقت الحالي، لكن البوادر الأولية مشجعة للغاية”. ويؤكد كينغ أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيكون بإمكانها مساعدة الأطباء على تصنيف الحالات بحسب الأولوية، من خلال فحص صور الأشعة والتعرف على الحالات الحرجة التي تحتاج إلى تدخل سريع من الأطباء المتابعين للمرضى. ومؤخرا، ذكرت شركة “أي.بي.أم” أن نظام واتسون للذكاء الاصطناعي قادر على الكشف عن الأورام لدى نحو 96 بالمئة من المرضى، من خلال تحليل الصور وتقييم تقارير المرضى. ويعمل الخبراء في الوقت الحالي على إجراء بعض التجارب على هذا النظام في 55 مستشفى حول العالم للمساعدة في تشخيص سرطان الثدي والرئة والقولون والمستقيم والرحم والمبايض والمعدة والبروستاتا. ويمكن لأجهزة الذكاء الاصطناعي أن تساعد على المدى الطويل، الأطباء على تطوير علاج للسيطرة حتى على جميع السرطانات بما في ذلك الخبيثة منها. كما تستعمل أجهزة الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات بحثا عن مواد يحتمل أن تكون أدوية وعقاقير جديدة، وهي إجراءات لو قدر للبشر أن ينجزوها لاستغرق منهم ذلك وقتا طويلا. لكن تظل هناك معضلة كبرى، تتعلق بمدى دقة هذه الأجهزة المرتبطة أساسا بالمعلومات والبيانات التي دربت عليها خلال عمليات تطويرها، وهو ما يعني أنها قد تعطي نتائج غير دقيقة. كما أن الشفرة الخاصة بها يمكن أن تتضمن تحيزات غير مقصودة يضمرها من طوروها، والأهم من هذا كله أن تكون هذه الوسائل متاحة لجميع المرضى على حد سواء ودون تحيز.

مشاركة :