قال المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، إنه لم يدرس المبادرة التي قدمها الوسيط الإثيوبي لأنها لم تُقدم تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وفق الاتفاق المسبق مع المجلس العسكري. وقال عضو المجلس، الفريق شمس الدين كباشي، في مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي أمس، إن المجلس العسكري طلب من الوسيط الإثيوبي دمج المبادرتين الأفريقية والإثيوبية، وتقديمهما في مسودة واحدة تحت المظلة الأفريقية، فيما ذكرت «قوى الحرية والتغيير» التي تقود الحراك الشعبي أن «الوسيطين الإثيوبي والأفريقي طرحا لنا مبادرة موحدة، وأبدينا بعض الملاحظات عليها»، مؤكدة أن «المبادرة الموحدة لا تختلف كثيراً عن الإثيوبية». وقال الكباشي إن الظروف السياسية قد تغيرت الآن، وإن الاتفاق الذي توصل إليه المجلس العسكري في السابق مع «الحرية التغيير» لم يعد صالحاً للظروف الراهنة، نظراً إلى أن هناك كيانات وتكتلات سياسية أخرى ظهرت في الساحة، ولا بد من إشراكها في السلطة الانتقالية. ولم يوضح كباشي ما إذا كانت هناك فترة زمنية لقبول أي مبادرة أفريقية، أو ما إذا كان المجلس العسكري سينظر في المبادرة الإثيوبية، مشيراً إلى ضرورة الاستعجال في التوصل إلى اتفاق وتشكيل حكومة لأن الوضع في البلاد لا يتحمل التأخر، وأشاد بدور المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، مؤكداً أن هذه الدول قدمت الكثير من الدعم للسودان. ومن جانبه، قال الفريق ياسر العطا، عضو المجلس العسكري، في المؤتمر الصحافي نفسه، إن المجلس يقدّر الدور الريادي لقوى «الحرية والتغيير» في قيادة الثورة التي أطاحت بالرئيس عمر البشير، لكن هذه القوى لا تستطيع حكم البلاد لوحدها إذا لم تشرك معها الآخرين. ولم يوضح المسؤولان العسكريان ما إذا كان المجلس العسكري يتخلى أيضاً عن هياكل السلطة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها، أم أنه فقط يريد مراجعة النسب التمثيلية في هياكل السلطة المختلفة. كانت العاصمة السودانية الخرطوم قد شهدت تحركات واسعة من قبل الأطراف كافة، للوصول لتوافق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، فيما أعلنت الأخيرة قبولها نقاط المبادرة الإثيوبية كافة، بينما كانت التصريحات التي أدلها بها نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال الأيام الفائتة، تحمل تلميحات برفضه للمبادرة. ورجح قيادي بقوى إعلان الحرية والتغيير احتمال رفض المجلس العسكري الانتقالي لوثيقة إعلان المبادئ المقدمة من رئيس الوزراء الإثيوبي للأطراف السودانية لتوقيعها، والعودة لطاولة المفاوضات، بحل عقبة تشكيل المجلس السيادي المختلف حوله. وقال القيادي في «الحرية والتغيير» عضو لجنة التفاوض مع المجلس العسكري محمد حسن المهدي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن المجلس العسكري يشهد حالة «انقسام حاد»، مشيراً إلى أن «هنالك مجموعة لا ترغب في تسليم السلطة إطلاقاً، وتسعى للاستمرار في الحكم، وأخرى تريد أن تحقق مكاسب أكبر للعسكريين، في حال الوصول إلى اتفاق مع قوى الحراك». وأضاف: «إذا ذهب العسكري إلى خيار تشكيل حكومة تسيير أعمال التي يلوح بها، فإنه لن يستطيع حكم البلاد، وسيجد مواجهة قوية من قبلنا». وأكد أن خيارات قوى الحرية والتغيير تتمثل في التفاوض غير المباشر وغير المشروط، وفي الوقت نفسه المضي في اتجاه المقاومة السلمية، لتحقيق أهداف الثورة «حال تنصل المجلس العسكري من الاتفاق السابق». ومن جهتها، قالت مصادر بقوى الحرية والتغيير إن التحركات التي يقوم بها المبعوث الأميركي الخاص للسودان دونالد بوث على صلة وثيقة بمخرجات اجتماع برلين الذي عقد الأسبوع الماضي لبحث أوضاع السودان، والذي شاركت فيه دول أوروبية وعربية وأفريقية، وقضت بتوحيد المواقف الغربية والخليجية من الأوضاع في السودان، وعدم تقديم أي دعم مالي أو فني لحكومة غير مدنية، ومحاسبة الضالعين في أحداث العنف التي رافقت فض الاعتصام، ودعم جهود الاتحاد للعودة للتفاوض بين العسكري وقوى التغيير، لتشكيل حكومة مدنية مقبولة شعبياً. وأبلغت مصادر الصحيفة بأن مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحسن لبات سيلتقي عدداً من قادة منظمات المجتمع المدني مساء اليوم (الاثنين)، لمعرفة رؤيتها حول عملية استئناف التفاوض بين «العسكري» وقوى «التغيير». إلى ذلك، استمعت نيابة الخرطوم التي تنظر قضية مدبري انقلاب 30 يونيو (حزيران) 1989، الذي قاده الرئيس المخلوع عمر البشير، على الحكومة الديمقراطية الثالثة لرئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، ووزير الدفاع آنذاك الفريق متقاعد مهدي بابو نمر. وقال المتحدث باسم هيئة الاتهام، المحامي معز حضرة، في تصريحات، إن إجراءات القضية تسير كما هو مخطط لها، وينتظر أن تفرغ النيابة من جميع أعمالها، لتكون القضية جاهزة لتقديمها أمام المحكمة خلال الأسابيع المقبلة. من جهتها، قررت هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول عمر البشير استئناف قرار النيابة توجيه اتهامات له تتعلق بالثراء الحرام، وحيازة النقد الأجنبي، ولوائح الطوارئ. ومن المنتظر أن تكون الهيئة قد أودعت استئنافها اليوم، ويقوم على أن البيانات التي وجهت على أساسها الاتهامات لا تكفي لـ«تأسيس اتهام»، وكان يمكن أن تشطب البلاغ، لولا البعد السياسي للقضية، واهتمام الرأي العام بها. ويستند دفاع البشير إلى أن «الأموال محل الاتهام» لا يمكن أخذها كبينة على الثراء الحرام، لكونها أعيدت للخزينة العامة، إضافة إلى حقه كرئيس في الاحتفاظ بأموال بعملات مختلفة. وبشأن طلب المحكمة الجنائية الدولية تسليم البشير المطلوب من قبلها، قالت هيئة الدفاع عنه إن الجنائية لا ينعقد لها اختصاص في السودان، لكونه غير موقع على ميثاق تأسيسها. من جهة أخرى، أصدرت محكمة سودانية حكماً ألزمت بموجبه الشركة السودانية للهاتف السيار «زين» بإعادة خدمة الإنترنت مؤقتاً، لحين الفصل في الدعوى المقدمة من المواطن السوداني عبد العظيم حسن عبد العظيم. وذلك رغم إيقاف السلطات السودانية لخدمة الإنترنت في البلاد عقب فض الاعتصام في الثالث من يونيو (حزيران) الجاري، وتأكيدات المجلس العسكري الانتقالي أكثر مرة عدم إعادة خدمة الإنترنت، باعتبارها مهدداً للأمن القومي.
مشاركة :