رفض مرشحو المعارضة الأربعة للانتخابات الرئاسية في موريتانيا، الإثنين، النتائج المؤقتة التي منحت الفوز لمرشح السلطة محمد ولد الغزواني، لكنهم قرروا إرجاء تظاهرة كانت مقررة باتجاه مقر اللجنة الانتخابية. واعتبرت انتخابات السبت مناسبة تاريخية شهدت أول عملية انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين في هذا البلد الصحراوي، الذي كان شهد العديد من الانقلابات بين 1978 و2008، تاريخ الانقلاب الذي وصل إثره محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة قبل انتخابه رئيسا في 2009. وتعذر على ولد عبد العزيز الترشح مجددا بعد ولايتين تطبيقا لأحكام الدستور. وأقبل الناخبون الموريتانيون بكثافة السبت على التصويت مع نسبة مشاركة بلغت 62,66%، لانتخاب رئيس جديد سيجد نفسه في مواجهة تحديات، بينها خصوصا الحفاظ على استقرار البلاد، والعمل على تنميتها اقتصاديا، إضافة إلى تحقيق تقدم في مجال احترام حقوق الانسان. وكانت اللجنة الوطنية الانتخابية المستقلة أكدت الفوز الذي سبق وأعلنه قبيل فجر الأحد ولد الغزواني، بحصوله على 52,01% من الأصوات، حيث حل في الطليعة في 14 من ولايات البلاد الـ15 أي باستثناء ولاية نواذيبو (شمال غرب). وتلاه بيرام الداه اعبيدي (18,58%) وسيدي محمد ولد بوبكر (17,87%) وكان حاميدو بابا (8,71%) ومحمد ولد مولود (2,44%). ولا تصبح هذه النتائج نهائية إلا بعد تصديق المجلس الدستوري عليها بعد النظر في الطعون المحتملة، خصوصا وأن مرشحي المعارضة الأربعة أعلنوا نيتهم استخدام كافة وسائل الطعن القانونية. وهم يطالبون اللجنة الانتخابية بنشر نتائج كل مكتب اقتراع بغرض مقارنتها بحساباتهم الخاصة التي خلصت إلى ضرورة أن تكون هناك جولة ثانية في 6 يوليو/ تموز. ونظمت مواكب للسيارات مساء الأحد في العاصمة الموريتانية، وأطلقت العنان لمنبهاتها في الشوارع المزدحمة تعبيرا عن الفرح بفوز ولد الغزواني، وذلك بعد ساعات من حوادث بين متظاهرين وشرطيين في نواكشوط ونواذيبو. وبموازاة ذلك اجتمع وزير الداخلية أحمدو ولد عبد الله مع مرشحي المعارضة الأربعة، وطلب منهم دعوة أنصارهم إلى الهدوء، بحسب المرشحين. وفي مؤتمر صحفي مشترك في وقت متأخر ليل الأحد الإثنين، قال مرشحو المعارضة، إنهم أوضحوا لوزير الداخلية أن ولد الغزواني هو الذي أثار الفوضى بإعلانه فوزه بعد فرز 80% فقط من الأصوات في ختام سهرة انتخابية حضرها الرئيس المنتهية ولايته. وقال كان حاميدو بابا “نحن إزاء مشعلي حرائق يطالبوننا بالقيام بدور الإطفائيين”.“التظاهر حق دستوري” ووصفت المعارضة، التي كانت نبهت منذ أشهر من مخاطر السعي لإدامة نظام “عسكري” ومن مخاطر التزوير، إعلان ولد الغزواني فوزه قبل الانتهاء من فرز الأصوات، بأنه “انقلاب جديد” لجنرالين سابقين انقلابيين. وكان محمد ولد مولود قال خلال مؤتمر صحفي في وقت متأخر الأحد، “سننظم تظاهرات احتجاج، هذا حقنا الدستوري” مشددا على طابعها “السلمي”. وأوضح حاميدو بابا، أن هذه التظاهرات ستبدأ بعد ظهر الإثنين بمسيرة للمرشحين المعارضين الأربعة الذين سيتوجهون إلى اللجنة الوطنية الانتخابية المستقلة “للتعبير رسميا عن احتجاجهم ورفضهم النتائج”. وكان ولد عبيدي دعا في مؤتمر صحفي مشترك الأحد الموريتانيين إلى “المقاومة ضمن الأطر القانونية ضد هذا الانقلاب الأخير على إرادة الشعب”. لكن المرشحين الأربعة ألغوا المسيرة الاحتجاجية التي كانت مقررة الإثنين باتجاه مقر اللجنة الانتخابية. وقال المرشح بابا حميدو كاني لفرانس برس “قررنا إرجاء المسيرة، التي كانت مقررة اليوم ربما إلى الخميس”. وتسعى المعارضة أيضا إلى الإفراج عن العشرات من مناصريها الذين اعتقلوا خلال مواجهات مع الشرطة الأحد. ودعت وزارة الداخلية أيضا إلى ضبط النفس وحذَرت من أن أي تجمع غير مرخّص له قد يؤدي إلى عقوبات جنائية. يذكر أن الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز تمكن من بسط الاستقرار في موريتانيا التي كانت شهدت في سنوات الالفين اعتداءات لمجموعات إسلامية متطرفة وعمليات خطف أجانب، وذلك عبر سياسة ركزت على تعزيز قدرات الجيش ومراقبة أراضي البلاد وتنمية المناطق النائية. وتتركز الانتقادات لنظامه على الحقوق الأساسية في مجتمع يتسم بفوارق اجتماعية وعرقية. وعلى الصعيد الاقتصادي، لا يزال النمو البالغ 3,6٪ في 2018، على الرغم من التحسن، غير كاف مقارنة بالنمو الديمغرافي، وفقا لتقرير للبنك الدولي نشر في مايو/ أيار، ودعا إلى دور أكبر للقطاع الخاص.
مشاركة :