سمعنا عن خطة وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتحول التدريجي من الاعتماد على الشبكة الكهربائية إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية لإنارة الشوارع والحدائق والمتنزهات واللوحات الإعلانية. هذا ليس أول مشروع حول هذا الخصوص، حيث إن أمانة جدة عمدت إلى تطبيق هذا المشروع قبل ست سنوات تقريبا في خمسة مواقع كمرحلة تجريبية. عند الحديث عن هذا النوع من المشاريع، غالبا ما يدور في أذهاننا أن الطاقة الشمسية هي الخيار الأمثل لإنارة الشوارع والحدائق. هذا التصور له أسبابه الطبيعية مثل: • الاستقلالية عن شبكة الكهرباء: نجد هنا مميزات عدة، مثل أن الإنارة هنا لا تتأثر بانقطاع الكهرباء في المنطقة، كما أن الإنارة بالطاقة الشمسية لن تسبب زيادة أحمال على شبكة الكهرباء، والتي طالما تسببت في عمل توسعة مكلفة الثمن في الشبكة، بل إن هذه الفكرة لن تتطلب عمل تمديدات كهربائية جديدة وبكميات كبيرة من الكيابل النحاسية المكلفة، أو عمل حفريات قد تسبب تدمير - بالخطأ أثناء الحفر - أي من الخدمات الموجودة في البنية التحتية. • علاج اقتصادي وبيئي: الاعتماد على مصدر طاقة متجدد يقلل بشكل ملحوظ من هدر الموارد البترولية، وذلك يمكننا من تصديرها للخارج وزيادة الدخل المحلي، كما أن الأضرار البيئية ستنحسر كثيرا. هذه الأضرار مرتبطة بأضرار اقتصادية بشكل مباشر أو غير مباشر. • الزيادة في السلامة: عند عمل الصيانة للإنارة، يكون عامل الصيانة عرضة لأخطار الكهرباء، مما يفرض عليه الالتزام بأعلى معايير السلامة. في حالة الطاقة الشمسية فإن الأمر أكثر سهولة، حيث إن الإنارة بالطاقة الشمسية تتطلب صيانة أسهل من تلك التقليدية، إضافة إلى ذلك فإن خطر الإنارة على المشاة معدوم، خاصة أثناء هطول الأمطار وتواجد المياه الراكدة حول أعمدة الإنارة. استعرضنا بعض المبررات في الاعتماد على الطاقة الشمسية، إذن ما الذي يجعل هذه الفكرة موضع شك بأن تكون نقمة؟! مما لا شك فيه أن كل تقنية جديدة لها إيجابيات وسلبياتها. وأود أن أستخدم مصطلح «تحديات» عوضا عن السلبيات، ذلك بسبب أن كل الباحثين يقومون بحل جميع، أو معظم، تلك التحديات، وسأذكر بعضها: • التكلفة الأولية: رغم أن الإنارة بالطاقة الشمسية تحمل بشرى التحسين الاقتصادي إلا أن التكلفة الأولية لهذه المشاريع تعد باهظة. العمل على مئات الآلاف من أعمدة الإنارة هو في حقيقة الأمر مشروع ضخم، ويحتاج لكثير من العمالة والوقت والأدوات. • الصيانة المستمرة: طالما أن الحديث عن الألواح الشمسية فيبقى عدوها اللدود تجمع الأتربة والغبار عليها. هذه المشكلة تتطلب برنامج صيانة مستمرة تتمثل في الحفاظ على نظافة الألواح الشمسية، كما أن هذه الفكرة تعتمد على شحن البطاريات نهارا واستخدام هذه الطاقة المشحونة ليلا. للبطاريات عمر افتراضي، بعضها عمره سنتان وبعضها الأخر يصل إلى عشر سنوات. يتوجب الأخذ في الحسبان تكاليف هذه البطاريات واستبدالها المتكرر في ميزانية هذا المشروع. • السرقات: في النظام التقليدي تكون السرقات كثيرة للكيابل النحاسية، أما هذا النظام فكل ما فيه قابل للسرقات ويحتاج التأكد من عدم حدوث ذلك. لو عملنا مقارنة سريعة بين المميزات والتحديات لهذه الفكرة لرجحت كفة المميزات بكثير، وهنا نخرج باستنتاج أن الفكرة هي في الحقيقة نعمة وليست نقمة، كما يمكن أن نزيد من هذه النعمة بأن نجعل هذه الألواح المنتشرة فوق الأعمدة مصدرا للطاقة يمكن عبره تغذية الشبكة الكهربائية بعد أن تشحن البطاريات المصاحبة لكل عمود، أو أن نتمكن من إضافة كاميرات مراقبة أكثر على أعمدة الإنارة تستمد طاقتها من الطاقة الشمسية.
مشاركة :