توالت مواقف الإدانة والاستنكار في لبنان لصفقة القرن لمناسبة اجتماع المنامة اليوم الثلثاء للبحث في تمويل مشاريع تتعلق بالبنية التحتية في الأراضي الفلسطينية ومصر والأردن وسورية ولبنان، والذي هو الشق الاقتصادي من مشروع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لحل القضية الفلسطينية الذي رفضته السلطة الفلسطينية وسائر المنظمات. وكان أبرزها أمس صدور بيان عن مجموعتي العمل اللبنانية والفلسطينية حول قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان، المكونتين من الاحزاب اللبنانية المشاركة في المجلس النيابي والحكومة، والفصائل الفلسطينية المنضوية في إطاري منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الوطنية الفلسطينية، بدعوة من رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني د. حسن منيمنة (تابعة لرئاسة مجلس الوزراء) في السراي الحكومي يوم 24 حزيران 2019. وأشار البيان المشترك إلى "ورشة المنامة تحت عنوان خادع يعد بالسلام والازدهار، بينما هو يستهدف استبدال الحقوق الوطنية والسياسية المشروعة للشعب الفلسطيني، مقابل تقديمات مالية ومشاريع اقتصادية، كأن الارض والحقوق والاستقلال والعودة، التي هي مقدسات غير قابلة للتصرف، تكريساً لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والعيش بكرامة، يمكن استبدالها ببعض الهبات والتقديمات". وتدارس المجتمعون "ما يجري تداوله حول ما يُسمّى "صفقة القرن" ومخاطرها الفادحة على القضية الفلسطينية والدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين". واعتبروا أنه "على رغم أن نص هذه الصفقة بشقها السياسي لم يُنشر بعد، إلا أن مقدماتها العملية من خلال اعلان الخطة الاقتصادية وما تسرب عن مضمونها ظهرت تباعاً، بما هي مشروع تصفية كاملة للقضية الفلسطينية بوصفها قضية العرب المركزية وقضية الشعب الفلسطيني". ورأوا أن الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان "اسرائيل" ونقل السفارة الاميركية إليها، وقطع المساعدات عن المؤسسات الفلسطينية والدولية، خصوصاً التي تعمل على مساعدة اللاجئين الفلسطينيين والتخفيف من آثار التهجير الذي يعانيه الشعب الفلسطيني منذ 71 عاماً ، يؤكد أن الإدارة الاميركية تسعى وبمختلف السبل والوسائل، إلى ترسيخ الكيان الاسرائيلي والتطابق مع كامل طموحاته التوسعية". المخاطر تتعدى فلسطين واعتبر البيان أن ضم الجولان السوري المحتل إلى دولة الاحتلال الاسرائيلي، يؤكد أن مخاطر تلك الصفقة يتعدى فلسطين وأرضها وشعبها ليطال الدول العربية المجاورة، خصوصاً مع استمرار احتلال مزارع شبعا وكفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر. وأكد أن اعتبار الإدارة الاميركية، أن اللاجئين الفلسطينيين هم فقط أولئك الذين عانوا من التهجير في العام 1948 دون أبنائهم وأحفادهم، وقطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، يعتبر تماهياً مع الرواية الاسرائيلية، ومحاولة لقطع الطريق على حق عودتهم إلى ديارهم بموجب قرارات الشرعيتين العربية والدولية. كما شددوا على أن رفض الإدارة الاميركية الاعتراف للشعب الفلسطيني بحقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة، "هو بمثابة انقلاب على قرارات الشرعية العربية والدولية التي دفعت معظم دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وحذرت مجموعتا العمل اللبنانية والفلسطينية من أنه على الدول العربية والشعوب الاسلامية والمجتمع الدولي المؤيد للحق الفلسطيني، أن تتنبه إلى المخاطر التي تنطوي عليها الصفقة، والتي تحاول بعض الجهات الدولية جاهدة فرضها على الشعب الفلسطيني ومؤسساته الرسمية وقواه. وأكد المجتمعون أن مخاطر تطال كلاً من الاردن ولبنان ومصر وسورية، إذ أن التلاعب بخرائط هذه الدول ومحاولة فرض توطين ملايين اللاجئين الفلسطينيين خارج بلادهم التي هُجروا منها، والذين تقدر وكالة الاونروا أعدادهم بحوالي 5.2 مليون نسمة، يمثل تمزيقاً جديداً للمنطقة العربية، وطموح شعوبها في العيش في دول وكيانات مستقلة ومستقرة، تقوم على التسامح والعدالة والديموقراطية واحترام حقوق الانسان. ودعا البيان إلى: 1- رفض مندرجات صفقة القرن، واعتبار كل ما يترتب عليها لاغٍ وباطل ورفض التعاطي معها ومع مترتباتها كافة بما فيها ورشة العمل في البحرين. 2- تمرير الصفقة يضع كلاً من لبنان والعالم العربي في مهب رياح المخططات المشبوهة والخطيرة، ما يقتضي تعزيز التنسيق والتعاون لإفشالها، ولاسيما الشق المتعلق بقضية اللاجئين وحقهم بالعودة، لأن محاولة فرض التوطين تتناقض مع ثوابت الشعبين اللبناني والفلسطيني اللذين أعلنا رفضه، فالدستور اللبناني في مقدمته يؤكد على هذا الرفض، ومواثيق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ترفض الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني في العودة وبناء دولته المستقلة. 3- أكدت وثيقة الرؤية اللبنانية على أن الموقف من التوطين ينطلق من مقدمة الدستور التي نصت على أنه لا تجزئة أو تقسيم أو توطين، وشددت على دعم لبنان حق العودة والحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية وسائر الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وقضية اللاجئين خصوصاً، وهو الموقف الذي لاقى ويلاقي ارتياحاً وترحيباً وتجاوباً من سائر مكونات الشعب الفلسطيني. 4- الرفض التام لمحاولة التوطين والتأكيد على أن وجود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تحتمه ظروف استمرار الاحتلال الاسرائيلي، في مقابل تمسك اللبنانيين والفلسطينيين بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وفق القوانين الدولية وما ورد في وثيقة الرؤية اللبنانية الموحدة. 5- حث جامعة الدول العربية ودولها على ممارسة ديبلوماسية مؤثرة في علاقاتها الثنائية وفي المحافل الدولية، وتبيان مخاطر هذه الصفقة. 6- القيام بمختلف الجهود مع الرأي العام العربي والدولي لوضعه في إطار مخاطر الصفقة على الأمن والسلم الاقليمي والعالمي، للعب دوره في مواجهتها. "أونروا" 7- دعوة الدول العربية والمجتمع الدولي إلى دعم استمرار عمل وكالة الاونروا وتجديد ولايتها في دورة الأمم المتحدة المقبلة، كشاهد أممي على استمرار الجريمة الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والشعب العربي . 8- دعوة الدول العربية الى تقديم المساعدات اللازمة للقوى والمؤسسات الفلسطينية، للاستمرار بدورها في تأمين الحماية والمساعدة للشعب الفلسطيني وتعزيز صموده في مواجهة الاحتلال ومشاريعه. إن مجموعتي العمل إذ تنبهان إلى هذه المخاطر تعلنان التأكيد على الارادتين بالاستمرار بالتعاون لمواجهة مشاريع التوطين واجهاض حق الشعب الفلسطيني بالعودة الى أرضه. وشارك في الاجتماع من مجموعة العمل اللبنانية ممثلون عن حزب الله علي فياض، التيار الوطني الحر سيمون أبي رميا، حزب الكتائب اللبنانية رفيق غانم، تيار المستقبل عمار حوري، الحزب التقدمي الاشتراكيبهاء أبو كروم، حركة امل محمد الجباوي، وحزب القوات اللبنانية طوني كرم. ومن مجموعة العمل الفلسطينية شارك عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، حركة "فتح" فتحي أبو العردات، "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" مروان عبد العال، "الجبهة الديموقراطية" سهيل الناطور، حزب الشعب الفلسطيني غسان أيوب، وعن ممثلي تحالف القوى الاسلامية: حركة "حماس" أحمد عبد الهادي، "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" غازي دبور، وحركة "فتح الانتفاضة" رفيق رميض. وانضم إلى الاجتماع سفير فلسطين أشرف دبور.
مشاركة :