إيران نموذجا...جدوى العقوبات الأحادية

  • 6/25/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

العقوبات هي واحدة من أدوات الضغط المتبعة لإرغام الجهة المستهدفة، دولة كانت أم كيانا، على تغيير سلوكها. والعقوبات يمكن أن تكون دولية. وقد تكون أيضا أحادية مثل تلك التي تفرضها الولايات المتحدة على دول تصنف بعضها "راعية للإرهاب" مثل إيران وكوريا الشمالية.   لكن كثيرين يتساءلون عن جدوى العقوبات الأحادية. أنواع العقوبات يمكن أن تكون اقتصادية أو سياسية. الاقتصادية عادة تشمل حظرا على التجارة، وقد تقتصر على قطاعات بعينها مثل التسلح، مع استثناء قطاعات إنسانية مثل الغذاء والدواء. أما السياسية فتعني تقليل التمثيل الدبلوماسي وقد تصل إلى حد قطع العلاقات. الدول التي تعرضت لعقوبات أميركية القائمة المشمولة بالعقوبات الأميركية تضم حوالي 30 دولة أو إقليم، أبرزها: إيران والصين وكوريا الشمالية وسوريا وكوبا والسودان. إيران العقوبات تشكل تقريبا حظرا اقتصاديا كليا على جميع الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك فرض حظر على جميع الواردات الإيرانية، والمؤسسات المالية وكذلك فرض قيود على بيع الطائرات وقطع الغيار وحظر الأسلحة. بدأت هذه السياسة في عام 1979 مع اندلاع الثورة الإيرانية كرد فعل على استيلاء طلاب متشددين على السفارة الأميركية في طهران، واحتجاز 52 دبلوماسيا كرهائن لمدة 444 يوما. العقوبات توسعت بسرعة خلال السنوات الأخيرة بسبب البرنامج النووي الإيراني وسجل إيران السيء في مجال حقوق الإنسان. لا توجد علاقات دبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة، وهي مدرجة في القائمة الأميركية للدول "الراعية للإرهاب". كوريا الشمالية عقوبات صارمة تفرضها الولايات المتحدة على كوريا الشمالية منذ 1950، تبررها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان من قبل كوريا الشمالية وبرنامجها النووي. سوريا تفرض الولايات المتحدة عقوبات على سوريا منذ 1986 شددتها لاحقا، ومن بين المبررات سجل سوريا السيء في مجال حقوق الإنسان، والحرب الأهلية الحالية، وإدراجها دولة راعية للإرهاب. لا توجد علاقات دبلوماسية بين سوريا والولايات المتحدة منذ عام 2012. السودان يعاني من العقوبات الأميركية منذ 1993 بسبب سجل السودان السيء في مجال حقوق الإنسان والحرب في دارفور، ليدرج ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب. وهذه الأخيرة ما زالت باقية رغم رفع معظم العقوبات الاقتصادية بموجب خطوات بدأها الرئيس السابق باراك أوباما ثم خلفه ترامب. نتائجها يرى خبراء أن سياسة العقوبات عموما افضل كثيرا من العمل العسكري من حيث الكلفة المادية والبشرية، ويمكن أن تكون أكثر فعالية إذا حظيت باجماع دولي. ففي إيران مثلا، ألحقت العقوبات الأميركية بالفعل ضررا كبيرا بالاقتصاد الإيراني، سيما حين أرفقت بأخرى دولية في الفترة من 2006 إلى 2010 ، هدفت إلى كبح القدرات الإيرانية لتطوير سلاح نووي. هذ العقوبات كانت في عام 2013 عاملا في اختيار الرئيس حسن روحاني الذي تعهد في حملته بإخراج إيران من هذا العبء الاقتصادي. في المفاوضات التي بدأت في وقت لاحق من ذلك العام مع الولايات المتحدة وخمس قوى كبرى، تعهد الرئيس روحاني بتقليص البرنامج النووي والسماح بعمليات تفتيش دولية مقابل تخفيف العقوبات.   لكن تزايد الضغوط الأميركية في عهد الرئيس ترامب، تسبب في مزيد من التدهور في الاقتصاد الإيراني، لدرجة وصول العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها مقابل العملات الأجنبية. كما تسببت الأزمة الاقتصادية في استياء شعبي بالغ شكل تحديا كبيرا للسلطات الإيرانية. رغم ذلك، من غير  الواضح ما إذا كانت تلك العقوبات ستؤدي إلى تغير في سياسة طهران بالطريقة التي ترغب بها واشنطن، سيما مع تعايش إيران مع تلك العقوبات لمدة 40 عاما. تأثيراتها الجانبية التأثير السياسي للعقوبات يستغرق وقتا طويلا، ويدعو خبراء إلى التفكير أيضا في آثارها الجانبية سيما على عامة الشعب. فهى قد تساعد الأنظمة المستهدفة على تعزيز قبضتها الاقتصادية واستخدامها حجة لقمع المعارضين، وزيادة تركيزها على اجراءات تعسفية كما فعل صدام حسين  في غزوه للكويت، والنظام الليبي للإرهاب "لوكربي" ، والميل لتطوير أسلحة نووية، حسب خبراء. ويرى أولئك الخبراء أن مطالبة الولايات المتحدة لحلفائها بالتقيد بتلك العقوبات، قد يسبب أضرارا جسيمة للمصالح الأميركية الخارجية، من خلال تحفيز مشاعر العداء لأميركا وتعريض مستقبل التجارة العالمية إلى الخطر، مع صرف الانتباه عن السلوك الاستفزازي للحكومات المستهدفة.

مشاركة :