إمبراطورية المرشد الإيراني الاقتصادية تحت المجهر الأميركي

  • 6/26/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بلغ التصعيد الأميركي ضد إيران ذروة جديدة، باستهداف آخر وأكبر معاقل الاقتصاد الإيراني، وهو الإمبراطورية الاقتصادية التابعة للمرشد الأعلى علي خامنئي، لترتفع الأصوات الإيرانية المتناقضة بين التحدي والاستغاثة وتوزيع التهديدات والتحذيرات. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال توقيع العقوبات مساء الاثنين إن القرار يوجه ضربة جديدة للاقتصاد الإيراني ردا على إسقاط إيران طائرة أميركية مسيرة. لكنه استدرك بالقول إنها كانت ستُفرض في جميع الأحوال. وأوضح أن “العقوبات ستحرم الزعيم الأعلى ومكتبه والمقربين منه ومن مكتبه من الوصول إلى موارد مالية أساسية”. وأكد وزير الخزانة ستيفن منوتشين في وقت لاحق أن العقوبات سوف تؤدي إلى تجمد المزيد من الأصول الإيرانية التي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. ويرى جون سميث، الذي كان مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية قبل انضمامه إلى مكتب محاماة العام الماضي، إن الولايات المتحدة لم تستهدف رئيسا إيرانيا من قبل. وقال لوكالة رويترز “بشكل عام عندما تستهدف العقوبات رئيس دولة فإنها لن تعود إلى الوراء”، وأضاف أن ذلك يعني أن الإدارة الأميركية “تعتقد أن كل الخيارات انتهت”. ويقول بعض المحللين السياسيين إن العقوبات السابقة التي صدرت في إطار حملة ترامب لممارسة “الضغط الأقصى” هي سبب شعور إيران بأنها مضطرة إلى تبني أساليب أكثر عدوانية لأن اقتصادها يرزح تحت وطأة العقوبات. وتضاف العقوبات الجديدة إلى سلسلة طويلة من العقوبات الجديدة التي تهدف إلى منع قيادة إيران من الوصول إلى الموارد المالية، وقد أدت بالفعل إلى توقف معظم روابط إيران الاقتصادية والمالية بجميع دول العالم. ويقول محللون إن الأجهزة التابعة للمرشد الأعلى يمكن أن تزداد شراسة بعد فرض العقوبات وتندفع إلى تعزيز احتكارها لمعظم الأنشطة الاقتصادية في الداخل تحت شعارات حماية الثورة. ويسيطر خامنئي على إمبراطورية اقتصادية ضخمة تعرف باسم مؤسسة “ستاد” التي تملك في معظم قطاعات الاقتصاد من البتروكيماويات إلى النشاطات الصناعية وصولا إلى العقارات والنشاطات التجارية.كما تسيطر تلك الأجهزة وخاصة الحرس الثوري على أنشطة متعددة أخرى تمتد من إدارة الموانئ إلى الاتصالات. ويؤكد المحللون أنها تستفيد عادة من توتر العلاقات مع الدول الغربية ومن تحسنها أيضا. وتناط بفروع تلك الإمبراطورية في أوقات اشتداد العقوبات مهمات التهريب والاحتيال وغسيل الأموال. ويؤكد مراقبون إيرانيون أن نشاطاتها تشمل تهريب المخدرات إلى دول العالم لجمع الأموال بأي ثمن. كما تقود تلك الأجهزة عمليات خارجية للإفلات من العقوبات واستيراد معدات عسكرية للبرنامج النووي وبرنامج الصواريخ وتطوير الأسلحة، إضافة إلى الإشراف على الهجمات الإلكترونية ضد دول ومؤسسات أجنبية تعتبرها طهران معادية. وكان تحقيق أجرته وكالة رويترز قد كشف أن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي يتحكم في إمبراطورية اقتصادية ضخمة تحت اسم “هيئة تنفيذ أوامر الإمام” تدير أصولا عقارية واستثمارية في معظم قطاعات الاقتصاد الإيراني ويمتد بعضها إلى خارج إيران. ورغم صعوبة حساب القيمة الإجمالية للأصول، لكن تقديرات التحقيق أشارت إلى أنها لا تقل عن 95 مليار دولار بالاستناد إلى تحليل تصريحات لمسؤولي الهيئة وبيانات من سوق طهران للأوراق المالية ومواقع الشركات على الإنترنت ومعلومات من وزارة الخزانة الأميركية. وتوصل التحقيق إلى أن الهيئة أقامت إمبراطوريتها من خلال الاستيلاء الممنهج على آلاف العقارات التي تخص مواطنين إيرانيين عاديين من أبناء أقليات دينية وأصحاب أعمال وإيرانيين يعيشون في الخارج ومصادرة أعداد كبيرة من العقارات من خلال الادعاء بأنها مهجورة. وللالتفاف على العقوبات الأميركية فإن الكثير من الشركات التابعة للمرشد والحرس الثوري غير مسجلة رسميا باسم تلك الأجهزة، حيث تلجأ طهران إلى تسجيلها شكليا بأسماء أفراد وشركات مرتبطين بها. ويقول دبلوماسيون غربيون إن إمبراطورية المرشد الاقتصادية والحرس الثوري سيكونون المستفيدين الرئيسيين من التوتر مع واشنطن، لأنهم ينقلون نشاطهم إلى الأقبية السرية التي يفضلونها. وعندما هجرت شركات النفط الغربية مشروعات الطاقة في إيران في عام 2012 تولى الحرس الثوري أمرها، وبعد رفع العقوبات عام 2016 أسس الحرس الثوري شركات شكلية أصبحت واجهة لدخول الشركات الأجنبية إلى إيران. وكان مسؤول من معسكر خامنئي قد ذكر بعد إعادة فرض العقوبات الأميركية في العام الماضي “نحن نريد بقاء المستثمرين الأجانب. لكن إذا رحلوا بسبب الضغط الأميركي فيمكن للحرس أن يحل بكل سهولة محلهم. لا يوجد بديل أفضل من ذلك”. ويمكن للعقوبات الأميركية على إمبراطورية المرشد الأعلى والأجهزة التابعة لها أن تكون سلاحا ذا حدين، حيث تدفعها لتكون أكثر شراسة في الداخل من خلال تعزيز قبضتها على الاقتصاد الإيراني. لكن مراقبين إيرانيين يرجحون أن يؤدي ذلك إلى انفجار الشارع الإيراني في ظل التدهور السريع للأوضاع الاقتصادية بعد إغلاق شريان الحياة الوحيد وهو صادرات النفط، ويقولون إن الاحتقان بلغ ذروته وإنه ينتظر شرارة ليحدث الانفجار الشامل.

مشاركة :