تستضيف موسكو من السادس حتى التاسع من الشهر الجاري محادثات تجمع ممثلين عن النظام السوري وقسم من معارضة الداخل ذات التمثيل المحدود على ان تتصدر المسائل الانسانية جدول الاعمال، وفق ما اعلن مشاركون في المؤتمر. وتهدف روسيا التي تعد الحليف التقليدي للرئيس بشار الاسد، من خلال هذا اللقاء الى تكريس اطار للمحادثات على امل ان تتمكن في نهاية المطاف من توسيعه ليضم معظم مكونات المعارضة. ومن المقرر ان تنضم "هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي" برئاسة حسن عبد العظيم التي تعد ابرز هيئات المعارضة في الداخل، الى لقاء موسكو الى جانب ممثلين عن المعارضة القريبة من النظام. وأوضح عضو المكتب التنفيذي في الهيئة يحيى عزيز انه على راس جدول اعمال الوفد في موسكو "بحث الملف الانساني، ومن الناحية السياسية البحث في مخرجات من اجل احياء مؤتمر جنيف"، في اشارة الى المفاوضات التي جرت بين وفدين من النظام والمعارضة العام الماضي في جنيف برعاية الامم المتحدة من دون ان تسفر عن نتيجة، فيما أكد مصدر قريب من وفد النظام الامر ذاته قائلا: "لن تبحث الا المواضيع غير الخلافية والتي يمكن التوصل الى توافق بشانها". وأشار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (ايريس) في باريس، كريم بيطار، إلى ان هذا الاجتماع سيكون الاول عقب توقيع الأميركيين والإيرانيين اتفاق اطار (حول الملف النووي)، وبعد عدم استبعاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري لامكانية التفاوض مع الاسد. وأضاف انه "من الممكن في هذا السياق تعليق الامال على تحقيق تقدم إذ ان المؤشرات كافة توحي بانه لن تكون هناك حرب"، موضحا في الوقت نفسه إلى انه "لا يمكن توقع كسر الجمود السياسي إذ لا يبدو ان النظام مستعد بعد لتقديم تنازلات، وخصوصا في وقت يتعرض فيه المعارضين الذين يتساهل معهم النظام نوعا ما إلى مضايقات تمنعهم من المشاركة في هذه المحادثات". وأعتبر بيطار ان روسيا تسعى على الرغم من محدودية تمثيل المعارضة الى "المساهمة في استعادة نظام الاسد إلى مكانته، والتموضع قوة اساسية عندما يصبح المناخ ملائما للتوصل الى حل ديبلوماسي دولي"، في وقت تواصل فيه طهران ودعمها للنظام السوري، في حين تسعى واشنطن الى دعم مجموعات المعارضة التي تقاتل النظام منذ عام 2011. وافشل النظام الذي يوفد مندوبه لدى الامم المتحدة بشار الجعفري ممثلا عنه بعد مشاركته في لقاء موسكو الاول نهاية شهر كانون الثاني (يناير)، جهودا بذلتها موسكو لنيل موافقة ابرز مكونين في معارضة الداخل على المشاركة في الاجتماع. وأعلن المعارض السوري البارز لؤي حسين الذي يرأس "تيار بناء الدولة السورية" أمس (السبت) انه ممنوع من السفر الى موسكو بسبب رفض دمشق رفع حظر السفر المفروض عليه. وقال حسين الذي يحاكم طليقا بعد اطلاق سراحه في 25 شباط (فبراير) بعد سجنه ثلاثة اشهر، ان "السلطات لم ترفع حظر السفر المفروض علي وبالتالي لن اشارك في مؤتمر موسكو والتيار لن يشارك كذلك". وحمّل التيار في بيان اليوم "السلطات السورية المسؤولية كاملة عن عدم مشاركته في اجتماع موسكو" معتبراً ان "القصد من استمرار منع السفر هو إقصاء التيار عن لعب دوره في المساهمة بحل الازمة السورية". ورفض "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" المدعوم من الغرب وتركيا، دعوة موسكو معتبراً ان الهدف من المحادثات انقاذ النظام. وتعاني المعارضة من انقسامات تغذيها تركيا القريبة من تنظيم "الاخوان المسلمين" والتي تدعم الائتلاف من جهة، ومصر والسعودية المناوئتان لـ "الاخوان" والساعيتان لايجاد كيان بديل عن الائتلاف من جهة ثانية. وأعلن المعارض السوري هيثم مناع ان شخصيات معارضة شاركت في "مؤتمر القاهرة" الاول في كانون الثاني (يناير)، تستعد لعقد مؤتمر ثان نهاية الشهر الجاري بمشاركة اكثر من 150 معارضا. وعقد امس اجتماع تحضيري للمؤتمر في دبي. وأفاد ديبلوماسي عربي مواكب للاجتماعات ان "روسيا تريد ضمان مشاركة المعارضة الجديدة في مفاوضات مع النظام بموسكو في المستقبل القريب، لكن مصير الاسد يبقى القضية الاساسية"، مشيرا إلى انه من بين الحلول المقترحة امكان بقاء الاسد في السلطة لمدة عامين او ثلاثة للتحضير لمرحلة انتقالية، انطلاقا من خشية موسكو وواشنطن من ان يؤدي سقوط النظام الى فوضى شبيهة بتلك التي عرفها العراق عام 2003 بعد سقوط صدام حسين. واعتبر مصدر معارض مشارك في المفاوضات ان "محادثات موسكو ستسمح لكل الاطراف بحفظ ماء وجهها"، مؤكدا على ضرورة الوصل إلى حل قبل الخريف المقبل، موعد انطلاق حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية، مشيرا إلى ان "واشنطن مستعدة لترك موسكو تنظم الاجتماعات التي تراها ضرورية، لكن على اللاعبين المعنيين توقيع اتفاق لانهاء النزاع قبل الخريف، وإلا سيفوت الآوان".
مشاركة :