أعرب خبراء عن قلقهم من حال الكساد الاقتصادي التي تشهدها السوق العراقية وركود حركة البيع والشراء، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، والناجم عن عوامل عديدة أبرزها، غياب الاستقرار في مناطق شاسعة من العراق، وآثار قرار تحديد مبيعات البنك المركزي العراقي بـ75 مليون دولار عبر مزاد العملة الذي ينظمه يومياً، ما اعتبرته أوساط اقتصادية سبباً في اختلال العلاقة بين سعر صرف الدولار وسعره في السوق الموازية. وكان خبراء في السوق المحلية، أوضحوا أن تقييد مبيعات المركزي بـ75 مليون دولار يومياً، بعث إشارات سلبية، مشيرين إلى أن الحل الأفضل يتمثل في تخلي «المركزي» عن سياسة الدولار الرخيص، وتركه لقوى العرض والطلب لتحدّد قيمته. ودعوا المصرف والحكومة إلى توزيع الانعكاسات السلبية لشحّ الدولار بين الحكومة والجمهور المتمثل بالتجار والأفراد من خلال رفع قيمته تدريجاً، مؤكدين أن الخيارات التي اتخذها البرلمان في شأن مزاد العملة، سببها شحّ الدولار بسبب انخفاض أسعار النفط. ونُقل عن خبراء اقتصاد قولهم، إن «المركزي انتهج بعد عام 2003 سياسة نقدية جديدة لتحسين سعر صرف الدينار والتخلّص من التذبذبات التي كان يعانيها، عبر ابتكار مزاد العملة الذي نجح في رفع قيمة الدينار من أعلى مستوياته عند 2500 دينار للدولار إلى أقل من 1200 دينار». وأوضحوا أن هذا الإجراء ساهم في تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين. وقال خبير الاقتصاد أحمد صبيح، في تصريحات صحافية: «تراجع أسعار النفط، المصدر الأساس لتأمين الدولار، ساهم في انخفاض واردات العراق من العملة الأميركية، ما حد من قدرة المركزي على تأمين الدولار بالكميات السابقة، فضلاً عن عمليات الفساد وتهريب العملة الأميركية وتبييض الأموال التي رافقت آليات المزاد». ولفت إلى أن «ذلك كله أجبر المركزي على اتخاذ قرارات وإجراءات تحدّ من بيع الدولار بسعر زهيد، ما أوجد نوعاً من الخوف المصرفي لدى المضاربين والمواطنين والتجار المحليين من فقدان الدينار قيمته، كما أوجد سوقاً موازية لسعر الصرف تزيد بنحو 100 دينار عن سعر صرف المزاد». وكان محافظ البنك المركزي علي العلاق، حذّر في مقابلة صحافية نهاية الشهر الماضي، من تعرض موجودات العراق واحتياطاته في الخارج لخطر الحجز في حال الإبقاء على المادة 50 من قانون الموازنة، لافتاً إلى أن تحديد سقف لبيع العملة يحرم المركزي من أداة مهمة يمارس عبرها سياسته النقدية. وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، أكد أخيراً ضرورة وضع آليات للسيطرة على سعر صرف الدينار، مشدداً على ضرورة وجود منظومة مصرفية متطورة تضاهي نظيراتها في الدول المتقدمة. وقال المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، في تصريح لـ «الحياة»: «الانكماش أمر متوقع في ظل الظروف الاستثنائية التي يشهدها البلد، ولكن البرنامج الحكومي مستمر على رغم التحديات، ويسعى إلى الخروج بنتائج تلبي الطموح، لا سيما في ظلّ تراجع إيرادات النفط نتيجة انخفاض أسعاره عالمياً». وأشار إلى «الحاجة إلى سياسة اقتصادية مثالية لتفادي التداعيات الخطيرة التي يواجهها الاقتصاد العراقي»، كاشفاً عن «تشكيل فريق من المختصين لتطوير عدد من القطاعات الاقتصادية وتنشيطها ضمن خطة في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة وتعظيم موارد الموازنة العامة، إضافة إلى الجانب المتعلق بتفعيل السياسة النقدية والمالية وفق أسس جديدة». يُذكر أن قانون الموازنة الحالية ألزم المركزي بتحديد مبيعاته من العملة الصعبة، أي الدولار، في المزاد اليومي بسقف لا يتجاوز 75 مليون دينار، مع توخي العدالة في البيع، ومطالبة المصرف المشارك في المزاد بتقديم مستندات إدخال البضائع وبيانات المحاسبة الضريبية والادخار الجمركي، خلال 30 يوماً من تاريخ شراء المبلغ.
مشاركة :