إنفاذا لبرنامج عمل الحكومة 2019-2022م برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، الذي أكد أهمية الاستثمار في المواطن من خلال تعزيز وتطوير واستدامة الخدمات الحكومية في التعليم والصحة والخدمات الأخرى، ودفع القطاع الخاص ليتبوأ دورا أكبر كمحرك رئيسي في عملية التنمية الاقتصادية المستدامة لخلق فرص نوعية للمواطنين والعمل والاستثمار وترسيخ قواعد الاستخدام الأمثل للموارد وضمان استدامتها للأجيال القادمة واستدامة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، شهدت مملكة البحرين انعقاد أعمال مؤتمر ومعرض البحرين الأول للاستثمار الصحي والسياحة العلاجية، يومي (24، 25) يونيو 2019م برعاية الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة وبشراكة استراتيجية مع صندوق العمل «تمكين»، والمجلس الأعلى للصحة ووزارة الصحة والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، ومشاركة المستشفى العسكري ومستشفى الملك حمد الجامعي وغرفة تجارة وصناعة البحرين، ونحو خمس وعشرين جهة من القطاع الصحي العام والخاص في المملكة بمشاركة (200) مشارك، يمثلون الهيئات الصحية العامة والخاصة والجامعات والجمعيات الصحية، إضافة إلى حضور كبار صناع القرار ومنتسبي القطاع الصحي. وقد ناقش المشاركون في المؤتمر العديد من الموضوعات الجوهرية التي تنطلق من الاستراتيجية الصحية للمملكة (2016-2025)م والمنبثقة من الرؤية الاقتصادية للمملكة 2030م، والهادفة إلى تحويل البلاد إلى مركز علاجي متميز ووجهة للسياحة العلاجية الإقليمية، ودور المجلس الأعلى للصحة والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في تحفيز الاستثمارات الصحية، بالإضافة إلى مناقشة العوامل المؤثرة في تعزيز تنافسية القطاع الصحي الخاص وأثرها في دعم السياحة العلاجية، فضلا عن تقييم التشريعات المنظمة للاستثمارات الصحية وإبراز الفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع الصحي. بالإضافة إلى مناقشة أبرز الانشغالات والتساؤلات التي يثيرها المواطنون، والعاملون في القطاع الصحي بين آونة وأخرى. ويعد المؤتمر ضرورة قصوى لمراجعة القرارات والسياسات التي تم اعتمادها منذ عام 2009م بعد إنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، مرورا بعام 2015م حيث صدر المرسوم بقانون رقم (32) لسنة 2015م، والذي هدف إلى نقل قسم من صلاحيات مجلس إدارة الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية إلى المجلس الأعلى للصحة، وإعطاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية القدرة المطلوبة للقيام بالدور التنظيمي للقطاعين العام والخاص بشكل متساوٍ، وتقليل عدد مجالس الإدارات في القطاعات الصحية وتوحيد مراكز إصدار القرار، وما لحقها من قرارات تتعلق بالتأمين الصحي، وتنظيم الخدمات الصحية وبما يسهم في تطوير الخدمات الصحية المقدمة في المؤسسات الصحية ورفع جودتها بالشكل الذي ينعكس إيجابًا على تأمين البيئة الصحية للمواطنين والمقيمين، لا سيما أن القطاع الصحي واحد من أهم القطاعات الخدمية في المجتمع، فهو يمس حياة الناس ويحقق منافع اجتماعية واقتصادية وتجارية. فالاستثمار في القطاع الصحي يمثل القاعدة الرئيسية في تحسين صحة أفراد المجتمع وإطالة عمرهم الإنتاجي، وزيادة إنتاجيتهم، ما يعني زيادة في الناتج المحلي الإجمالي ومن ثم زيادة في معدلات النمو الاقتصادي. كما يؤدي التوسع في الاستثمار الخاص الصحي إلى إيجاد سوق تنافسي، وما ينجم عنه من زيادة الكفاءة الاقتصادية في تقديم الخدمات الصحية، باستهلاك اقل للموارد وإنتاج أفضل للخدمات، وبأسعار معتدلة. ويعد الاستثمار في القطاع الصحي الخاص من القطاعات التي حظيت بدعم واهتمام حكومتنا الحكيمة، فقد وفرت القاعدة التشريعية والمؤسسية المناسبة والمحفزة للقطاع الخاص للاستثمار في القطاع الصحي، إدراكا منها للدور التنموي الحيوي الذي يمكن أن يلعبه هذا القطاع في مجالات تنويع مصادر الدخل وتشغيل الأيدي العاملة الوطنية وتنشيط السياحة العلاجية، وخلق المزيد من الوعي والثقافة الصحية، فضلا عن تحريك القطاعات الأخرى ذات الصلة بالقطاع الصحي كالقطاع العقاري، والقطاع التجاري، والقطاع السياحي وغيرها. ومنحته المزيد من الدعم لأجل أن يكون رديفا ومساندا ومكملا للخدمات الصحية الحكومية ( للمستوصفات والمراكز والمستشفيات الحكومية) التي تعاني من ضغط ازدحام المرضى المراجعين لها وطول فترة انتظارهم للحصول على الخدمات الصحية، والناجم عن ارتفاع عدد السكان، من جانب، ومن جانب آخر للتخفيف من النفقات الباهظة التي يتطلبها التوسع في الخدمات الصحية الحكومية، وما تمثله من ضغط على الميزانية العامة للدولة، وللحد من طلبات مواطنيها للعلاج خارج البلاد. كما يمثل هذا التوجه استجابة حكومية للضغوط المجتمعية من الأطباء والمستثمرين والمواطنين للتنويع في مصادر الخدمات الصحية. يضاف إلى ذلك مواكبة التطورات التي شهدتها العديد من دول العالم المتقدمة والنامية في مجال خلق سوق نشط للاستثمار الصحي، بحيث أصبحت مراكز حيوية لاستقطاب السياحة العلاجية الإقليمية مثل تركيا والأردن وتايلاند والهند وغيرها، وأصبحت العوائد المتحققة من هذا القطاع بشكل مباشر أو غير مباشر موردا مهمًّا من موارد الدخل القومي، وتشغيل العمالة الوطنية، فضلا عن استقبال الكفاءات الطبية والصحية الهاربة من بلدانها. ومملكة البحرين لا ينقصها الكفاءات، ولا البيئة المساندة والمواتية لانطلاق وتوسع الاستثمارات الصحية، واستقطاب السياحة العلاجية، خاصة أن العديد من المستشفيات الخاصة حصلت بجدارة على شهادات الاعتماد الدولية والمحلية وتمكنت من تطبيق برامج ضمان الجودة، وتمتلك أفضل التقنيات الطبية الحديثة. وللحديث بقية في مقالات قادمة إن شاء الله. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :