تقدر منظمة الصحة العالمية أن واحدًا من بين كل 160 طفلًا على مستوى العالم مصاب بمرض التوحد، والذي تبدأ أعراضه في مرحلة الطفولة المبكرة ويمكن تشخيصها في سن الثانية تقريبًا على أساس السلوك والتأخير، ويعاني الأشخاص المصابون بهذا المرض من عجز مستمر في التواصل والتفاعلات الاجتماعية، ويظهرون أنماطًا مقيدة ومتكررة من السلوك أو الاهتمامات أو الأنشطة. وفي خطوة علمية حديثة، استخدم الباحثون بقيادة جامعة برينستون التسلسل الكامل للجينوم والذكاء الاصطناعي لتحديد مساهمة الطفرات غير المشفرة في خطر مرض التوحد؛ ما يدل على أن الطفرات في الحمض النووي «غير المرغوب فيه»، يمكن أن تسهم في مرض معقَّد، وقدمت الدراسة التي نشرت مؤخرًا في مجلة علم الوراثة الطبيعية، إطارًا يتنبأ بالتأثير الضار للمتغيرات الوراثية في هذا المرض، كما تشير إلى أنه من المحتمل أن يكون هناك العديد من الأسباب لأنواع متعددة من التوحد، مثل العوامل البيولوجية والبيئية والجينية، بينما ركزت على الأخير وبالتحديد دراسة تأثير الحمض النووي غير المشفر علي هذا المرض. وقال الباحثون المشاركون في الدراسة: لقد تم التكهن منذ فترة طويلة بدور محتمل للطفرات غير المشفرة في الأمراض البشرية المعقدة بما في ذلك التوحد، وقد طبق الفريق المنهج العلمي لاختبار هذه الفرضية، وكان أسلوب الدراسة بسيطًا؛ حيث تم إلقاء نظرة على الجينوم بأكمله وتحديد أجزاء من الحمض النووي الذي ينظم الجينات، ثم بناء نموذج للتنبؤ، ومع ذلك فإن تنفيذ هذا النهج معقد إلى حد ما؛ ولكنه في النهاية استطاع تحديد طفرات جديدة قد تؤثر على مرض التوحد. وحسب الباحثين، يعالج النهج الجديد الذي اتبعوه في هذه الدراسة التحدي الإحصائي المتمثل في اكتشاف مساهمة الطفرات غير المشفرة، من خلال التنبؤ بآثارها المحددة، كما يمكن تطبيقه لدراسة مساهمات الطفرات غير المشفرة في أي مرض معقد، كما قد يكون مفيدًا بشكل خاص للاضطرابات العصبية والسرطان وأمراض القلب والعديد من الحالات الأخرى التي عجزت الجهود عن تحديد أسبابها الوراثية، وأضاف الباحثون: إن إطار عمل الجينوم التنبُئي الخاص بنا يضيء دور الطفرات غير المشفرة في التوحد، ويعطي الأولوية للطفرات ذات التأثير العالي لمزيد من الدراسة، وينطبق على نطاق واسع على الأمراض البشرية المعقدة.
مشاركة :